الأحد - 22 شهر ربيع الأول 1439 هـ - 10 ديسمبر 2017 مـ رقم العدد [14257]
دمشق: «الشرق الأوسط»
أبلغ أبو صبحي عمال ورشته بالتوقف عن العمل خلال فصل الشتاء، لانعدام الطلب على بضاعتهم (صناعة الأحذية)، وقال: «لا يوجد طلب على الأحذية الشتوية، وسأغلق الورشة إلى أن يفرجها رب العالمين ويتحسن السوق في الربيع». غير أن سبباً آخر كان وراء قرار صاحب الورشة.
وعن سبب عدم وجود طلب على بضاعته، يوضح أبو صبحي أن «حاكم المصرف المركزي دريد درغام، قال إن سياسة المصرف وما طرأ من انخفاض مفاجئ بقيمة صرف سعر الدولار، يراد منها إيصال رسائل للتجار الذين استوردوا البضائع وكدسوها، وأنا أقول له إن رسالته ومعها رسالة وزير المالية بأن (لا أحد جائعاً في سوريا) قد وصلتنا، وسنغلق الورشة إلى أجل غير مسمى، وهناك

عشرون عاملا أو عشرون عائلة باتت بلا دخل».
وكان وزير المالية مأمون حمدان قد سخر من شكوى أعضاء مجلس الشعب من استشراء حالات الجوع في سوريا، وقال الأسبوع الماضي في جلسة لمجلس الشعب، إن «لا أحد جائعا في سوريا» وذلك بينما تعيش الأسواق حالة ركود قاسية في ظل استمرار ارتفاع الأسعار رغم تحسن قيمة الليرة السورية.
وكان المصرف المركزي التابع للنظام قد أصدر الشهر الماضي عدة قرارات متلاحقة أدت إلى انخفاض سعر صرف الدولار وتحسن قيمة الليرة السورية بأكثر من 20 في المائة بشكل مفاجئ من 540 ليرة للدولار الواحد إلى 410 ليرات للدولار الواحد، الأمر الذي أدى إلى حالة من الارتباك، إذ لم يؤثر ذلك على انخفاض سعر السلع والمواد الأساسية، كون أغلبها مستوردا أو يدخل في تصنيعه مواد تم استيرادها بسعر الصرف السابق. وبحسب مصادر تجارية في دمشق فقد تجاوزت قيمة خسائر التجار ربع تجارتهم، بفعل العقود الموقعة وفق سعر الدولار 520 ليرة سورية.
ووسط حالة الارتباك هذه وتزايد تردي الوضع المعيشي للسوريين في مناطق سيطرة النظام خرج وزير المالية في حكومة النظام مأمون حمدان، ليسخر من شكاوى أعضاء مجلس الشعب حول ارتفاع الأسعار وازدياد نسبة الفقراء بالاعتراض على «بعض المصطلحات» التي وردت في مداخلات أعضاء مجلس الشعب خلال مناقشة تقرير لجنة الموازنة والحسابات، مؤكدا أن هذه المصطلحات يجب التدقيق فيها. معلنا رفضه استخدام «الشعب جائع» قائلا: «لا يوجد جائع في سوريا». وتابع مستهزئا أن «المرء يجوع أحيانا»، وأنه هو شخصيا «يجوع في كثير من الأحيان، لأنه لا يجد الوقت ليأكل فيه».
ووزير المالية الذي جزم بعدم وجود جائع في سوريا أكد أن هناك «أساسيات تتمسك بتأمينها الحكومة ولا يمكن أن تتنازل عنها».
كلام وزير المالية أثار عاصفة من الامتعاض في الشارع السوري، فأبو صبحي رأى أن أعضاء الحكومة لديهم «موهبة خاصة بالسماجة»، مضيفا أن من لا يرى شعبا جائعا في سوريا هو «إما أعمى وإما معتوه»، وكلامه لا يرد عليه.
وتداول السوريون ولا سيما في الصفحات الموالية للنظام تصريحات وزير المالية المتلفزة مع سيل من التعليقات المستنكرة، والمرفقة بصور لسوريين في شوارع دمشق يبحثون عن الطعام في حاويات القمامة، وكتب أحدهم وهو من الساحل السوري مخاطبا وزير المالية: «سيد راسي ما رأيك بأن تقوم بزيارة إلى قرى الساحل لترى بعينك أسر الشهداء والجرحى في الدفاع الوطني والقوات الرديفة كيف يعيشون وماذا يأكلون؟ أو أن تقوم بزيارة لمقاتلي الجيش العربي السوري لتطلع على طريقة عيشهم هم وعائلاتهم؟».
وفي تقرير أصدرته الأمم المتحدة «OCHA» الشهر الماضي، جاء أن 69 في المائة من سكان سوريا يعيشون في فقر مدقع، وأن 13.1 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية، و5.6 مليون منهم بحاجة إلى مساعدات «ملحة» ليبقوا على قيد الحياة، بفعل حركات النزوح الداخلي وعمليات الاقتتال التي تدور في مناطقهم، وصعوبة حصولهم على المواد الغذائية.
وحذر التقرير من لجوء الأسر إلى طرق «استغلالية وخطيرة» لتأمين أساسيات العيش، التي يترتب عليها ظواهر خطرة، مثل عمالة الأطفال والزواج المبكر وتجنيد الأطفال واللجوء إلى الأعمال المسلحة. وقالت «OCHA» في تقريرها، إن ما يقارب 2.98 مليون شخص يعيشون في مناطق يصعب وصول المساعدات إليها، بما في ذلك 419 ألف شخص في المناطق المحاصرة، خصوصا غوطة دمشق الشرقية، التي يحاصرها النظام السوري ويعاني الأطفال فيها من سوء تغذية حاد.

 

JoomShaper