حسن المختار
مدونات الجزيرة
الاحد 30/12/2018
يقبع مئات الآلاف من المعتقلين السوريين في سجون "نظام الأسد" منذ عهد "حافظ الأسد" حتى وقتنا الحالي دون توجيه أي تهمة حقيقة لهم، حالهم كحال الملايين من معتقلي الرأي لدى الأنظمة الدكتاتورية حول العالم.
مئات الآلاف من السوريين مغيبين قسرًا داخل أقبية المخابرات والأفرع الأمنية السورية منذ سنوات، فقط لأنهم قالوا لا بوجه حاكمٍ ظالمٍ، قتل الأبرياء للبقاء على كرسي حكمه الفاني الزائل لا محالة. كم هم أغبياء أولئك الطغاة الذين يقتلون الأبرياء لأجل دنيا فانية ومُلك زائل، كيف يستطيعون النوم ليلًا وما تزال الدماء تقطر من مناشير حقدهم، كيف يستطيعون العيش وآذانهم تسمع

أنات الثكالى المعذبة في جوف الليل، بحقٍ إنهم أغبياء!
المعتقلون في ظل الثورة هم الأشد تعذيبًا
مع انطلاق شرارة الثورة السورية المُطالبة بالحرية والعدالة قبل نحو ثماني سنوات، عمل نظام بشار الأسد بكل قوته على وأدها في أيامها الأولى، عن طريق إحكام قبضته الأمنية وتكتيم أفواه السوريين، وتسليط سيوف رجال أمنه على رقابهم، مرتكبًا بذلك مئات المجازر على كامل التراب السوري، مزهقًا أرواح مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء ممن قالوا "لا" في وجه الإجرام. منذ بداية الثورة السورية انتهج نظام الأسد نهج الحكم بالحديد والنار لقمع معارضيه، معتقلًا أي شخص تصادفه قواته في طريقها على أساسٍ طائفي بحت، والخاسر الأكبر من هذا النهج كان أبناء المناطق الثائرة مثل إدلب وحمص ودرعا والغوطة الشرقة، آلاف المدنيين الأبرياء من سكان هذه المناطق كانوا ضحايا للاعتقال التعسفي والموت الجماعي قتلًا وألمًا تحت التعذيب. مئات الأطفال قتلوا تحت التعذيب والآلاف منهم يعيش طفولته داخل المعتقل، مئات النساء اغتصبوا وما زلن داخل الأقبية الأمنية، والمجرم ما زال طليقًا دون أن تستطيع المنظمات الحقوقية أن تحرك ساكنًا!
سجن "صيدنايا" المسلخ البشري
يعتبر سجن صيدنايا العسكري الواقع قرب مدينة دمشق من أكثر السجون رعبًا في سوريا من عهد حافظ الأسد إلى عهد ابنه بشار؛ حيث يصنف على أنه من أكثر السجون رعبًا حول العالم، وسعيد الحظ هو من يستطيع الخروج منه حيًّا، والغريب بالأمر أن معظم من يُسجن فيه هم من معتقلي الرأي ومن المعارضين لنظام الأسد. تنقل جريدة "الواشنطن بوست" ضمن تقريرها الصادر تحت عنوان "إفراغ السجون السورية المزدحمة بالقتل الجماعي". شهادات لأكثر من عشرين معتقلًا سوريا أطلق سراحهم مؤخرًا من سجن صيدنايا أن هناك حملة كبيرة يدعمها نظام الأسد لإفراغ السجون من المعتقلين السياسيين عبر إعدامهم ضمن حملات إعدام يومية منظمة؛ حيث يُنقل السجناء من مختلف السجون والمعتقلات في سوريا إلى سجن صيدنايا ليلاقوا هناك مصيرهم المحتوم، وبالفعل تلقت آلاف العائلات السورية من مختلف المناطق خلال العام الجاري نبأ وفاة أبنائهم داخل المعتقلات السورية، وذلك عبر تسليمهم شهادات وفاة لأبنائهم بتواريخ مختلفة معظمها يبدأ من العام 2013 مرورًا بالأعوام التي تليه لتصل الى أعلى المستويات في العام الجاري.
وتظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة مؤخرًا للأراضي قرب السجن العسكرية، والتي حددتها منظمة العفو الدولية سابقًا كمواقع للقبور الجماعية، زيادة كبيرة في القبور منذ بداية العام وبحسب منشقين ممن عملوا في السجون العسكرية إن هذه المنطقة الواقعة جنوب العاصمة هي المكان المحتمل للدفن الجماعي لسجناء صيدنايا. كما تظهر ذات الصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية لسجن صيدنايا، خلال العام الجاري والتي نشرتها صحيفة "الواشنطن بوست"، تراكم العشرات من الأجسام المظلمة التي يقول الخبراء عنها أنها شبيه للجثث البشرية.
يقول إسحاق بيكر، وهو مدير تحليل الصور في برنامج إشارات المبادرة الإنسانية في هارفارد لـ"الواشنطن بوست": "يظهر في الصور، بين 1 مارس/آذار و4 مارس/آذار 2018، أجسام مظلمة تشبه بعضها البعض، طولها من خمسة إلى ستة أقدام تقريبًا. ووفق التحليل والبيانات المتاحة فإنها تتسق مع روايات شهود العيان عن عمليات الإعدام الجماعية". ويقدر عدد نزلاء سجن صيدنايا العسكري مابين 10 آلاف إلى 20 ألف سجين بشكل دائم معظمهم ممهدون بالإعدام؛ حيث بعد كل عملية إعدام أو موت تحت التعذيب يستقدم نظام الأسد سجناء جدد من سجون أخرى ليلاقوا ذات المصير المشؤوم.
المجرم ما زال طليقًا
هناك الكثير من مراكز الاعتقال في سوريا الأسد وهناك آلاف المدنيين من الرجال والنساء والأطفال يقبعون داخلها، لا تختلف في إجرامها عن سجن صيدنايا مثل تدمر الذي فجره "تنظيم الدولة"، إبان سيطرته على المدينة مرورًا بفرع فلسطين وصولًا إلى سجن عدرا والأفرع الأمنية المنتشرة في المحافظات السورية، وإلى الآن المجرم ما زال طليقًا دون أيّ محاكمةٍ دولية عادلة وإلى الآن معاناة المعتقلين السوريين مستمرة، والغريب في الأمر أن هناك العديد من الجهات الدولية تعمل على إعادة تعويم نظام الأسد وتدعمه عسكريًّا وماديًّا للاستمرار في قتل السوريين والقضاء على ثورتهم اليتيمة.

JoomShaper