نزار السهلي نزار السهلي
تُصرّ العصابة الحاكمة في دمشق، على تقديم المزيد من الجرائم، لتقزيم جرائم المحتل الصهيوني في لعبة تقليد الجرائم والاستفادة من الخبرة العميقة، أدوات الجريمة للانقضاض على الأرض والشجر، والحجر والبشر، لها مفعولٌ مختلف عندما تصدر عن نظام الأسد المتخذ من جغرافيا السوريين مسرحًا لتجريب وتنفيذ المزيد من الهمجية، بمساعدة العصابات الرديفة من طهران وأوزبكستان والشيشان، إضافة إلى مرتزقة موسكو، يؤدي الأسد ما لا تستطيع فعله “إسرائيل” على الأرض في الجغرافيا السورية، وهي التي كانت تشن حربها على شجر الزيتون الفلسطيني، وعلى كل ما له صلةٌ ورابط لأصحاب الأرض الأصليين، بتاريخهم وموروثهم الحضاري والإنساني.


منذ الأيام الأولى للثورة في درعا، قبل ثمانية أعوام، قام أصحاب الأراضي بتصوير عملية حرق الأراضي والمحاصيل وتجريفها بدبابات جيش الأسد، ومنذ أيام تصوير أصحاب الأرض في دوما عمليةَ حرق أشجار الزيتون، تكرر المشهد في الشمال السوري بمنطقة الجزيرة من الحسكة إلى دير الزور، وإذا عدنا إلى بقية المناطق والمدن والأزقة، التي نجحت عصابات الأسد في التسلل إليها، كانت النتيجة أن بعد كلّ عملية تعفيشٍ وسلب يقوم بها جيش العصابة، يكون إضرام النار بالمكان وتحويله إلى حطام لا يصلح للسكن ولا للتذكر، وإن وُجد أحدٌ ما من أصحاب البيوت أو الأراضي، فإنه يحرق بالمكان.
ليس غريبًا في “سورية الأسد، أو نحرق البلد” إطلاق تعابير كثيرة عن الجرائم المتراكمة، وربما تحمل عملية حرق قمح السوريين دلالتَها الخاصة، في دورة الانتقام والثأر التي لجأ إليها النظام الحاكم لمواجهة الشعب السوري، إذ إنه لا يشير إلى حيز جغرافي، وهي المساحة التي تُعرف بها سورية، بل إلى فعل التوحّش الآخذ بالتمدد على مرأى ومسمع العالم أجمع، وهو يراقب جبان سورية يكملُ دورة الحقد، وهو يستمع لبلاهة التصريحات الأميركية والغربية إن أقدم على استخدام السلاح الكيمياوي!! مع أنه قام بتجربة كلّ صنوف القتل على الإنسان وبيئته.
على الرغم من تاريخ عذابات السوري، مع نظام القتل في سورية، فإنه لم يُنصف حتى هذه اللحظة، بل زادت كل الصفات المأسوية التصاقًا بالسوري، التي تشعره بالنقص والسلب والإهانة، عطف عليه انحطاطُ القيم الانسانية صفةَ “الإرهابي”، في وطنه وفي بلاد التشرد، ولا يوجد شعب من الشعوب، في الزمن الراهن الذي نعيشه، ارتبط تاريخه خلال أعوام قليلة مع مجازر ضخمة وجرائم، تُؤرخ بتواريخ تسبق المجزرة أو تتلوها، أو تتوافق معها، والأمر هنا لا يستعيد الحزن، ومسلسل الأحزان المستمر، بل يُردّ من جديد الى موضوعة الأرض والإنسان، وقد نالهما من وحشية الأسد إدماءٌ لا ينقطع بسبب مطلب حرية وكرامة ومواطنة.
ما يثير الأسى والاستغراب، أن يتسرب إلى العقول العربية أن السوري الجيد هو ذاك القابع في حضرة النظام، يمجد جيش التعفيش وزعيم القتلة، كما لو أن صفة الكرامة والإنسانية نُزعت، بصمتٍ كبير، عن الشتات السوري الموزّع والمتناثر في أماكن عربية، تمارَس عليه عنصريةٌ قبيحة من بيروت إلى القاهرة وعمّان، وفي أماكن غير عربية كثيرة، مع ذلك فإن هذا السوري المنسي والمعذب، ما يزال ينتسب إلى سهول القمح وأرض الزيتون، ولا يريد ولا يستطيع الانتساب إلى شيء آخر يحاول العالم نعته به.
يستطيع الأسد حرق قمح وزيتون السوريين، ويستطيع حرق جثثهم وبيوتهم وممتلكاتهم، وأن يسطو على جزء من تاريخهم، في محاولةٍ لطمس الحقيقة وقتل روح التمرد ومعاقبة الشعب، وتستطيع قوى الاحتلال المختلفة أن تكون فالحةً في تقديم أساليب المراوغة والتتويه لحمايته، وهي أفعال سبقه إليها طغاة كثر في التاريخ، ومحتلون أكثر، لم يبق منهم سوى الأبد في سجل العار.

JoomShaper