واقع الأطفال في مختلف المناطق السورية هو جزء من مأساة كبيرة فهم الشريحة الاجتماعية الأكثر ضعفا إلا أن فقدان أحد الوالدين أو كليهما بالنسبة لطفل يجعل المأساة تأخذ منحى أكثر قسوة وخصوصية نظرا لأبعادها الإنسانية المؤلمة إذ أن الأطفال الأيتام الذين تسببت ظروف الحرب في فقدانهم السند والمعيل وأكثر هم الآن الشريحة المنسية في لعبة الكبار على الرغم من أنهم الجزء الأكبر من صورة مستقبل البلاد .


ولا توجد احصائيات دقيقة حول عدد الأطفال الأيتام في البلاد كون التعامل مع هذا الملف يجري بشكل جزئي وفي كل منطقة على حدة وعن طريق منظمات أو جهود فردية تطوعية في حين كانت اليونيسيف قدرت عددهم في جميع المناطق السورية حتى العام 2017 بنحو مليون طفل إلا أن هذا الرقم اختلف كثيرا عما كان عليه قبل أربع سنوات ، إذ أنه في شمال غرب سوريا فقط بلغ عددهم نحو مليون ومئتي طفل يتيم بحسب مؤسسة الأيتام التركية .
لرفع الصوت عاليا من أجل قضية الأيتام
ورأى الكاتب والصحفي قحطان شرقي أن ملف الأطفال الأيتام هو غاية في الخطورة والتأثير على مجمل التطورات في البلاد ، وسيكون الأهم خلال المرحلة المقبلة ، وقال : مالم يكن هناك تدخل من منظمات دولية سيتجه مصير الأطفال الأيتام نحو المجهول .
وأضاف قحطان شرقي أن الوضع السوري سيبقى على ماهو عليه وعلى الجميع وهذه مسؤولية أخلاقية وانسانية العمل من أجل إيصال أصوات الأطفال الأيتام إلى المنابر الدولية ، مشيرا إلى أنه يمكن العمل من خلال منظمات المجتمع المدني سواء المحلية أو الاقليمية أو الدولية وأيضا من خلال وسائل الإعلام في التركيز على هذا الملف الذي يجب عدم تسييسه .
قحطان شرقي : المعارضة لم تحقق أي تقدم في أي ملف
وأضاف قحطان شرقي أن المعارضة السياسية لم تحقق أي تقدم في معظم الملفات ومن بينها ملف المعتقلين وملف الأطفال الأيتام ، ولم يكن لها أي تأثير في هذا الإطار إلا أنه أشار إلى الدور الذي تقوم به الحكومة المؤقتة في هذا المجال وقيامها بتنفيذ عدد من المشاريع في المخيمات وغيرها .
وقال إن غالبية المنظمات التي لم تحمل الطابع الإنساني وانخرطت في ملف الأطفال الأيتام لم تحقق نجاحات بل ذهبت باتجاهات أخرى من خلال مشاريع أثبتت عدم جدواها بسبب تركيزها على حلول مؤقتة .
يحيى مكتبي : المعارضة بذلت جهودا كبيرة ولكن هناك تقصير في الاستجابة
من جانبه رأى يحيى مكتبي عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري أنه لا يمكن أن يكون هناك حلول انسانية لكارثة انسانية ، وقال إن هناك تقصير كبير في الاستجابة لجميع المطالبات التي تقدمت بها المعارضة من خلال المذكرات والرسائل واللقاءات المباشرة مع الدبلوماسيين وسفراء الدول مع شكرنا لما قدموه لكن هذا التقديم هو قاصر عن مجاراة حجم الكارثة التي وصلنا إليها .
وتوجه يحيى مكتبي بالشكر للجمعيات الخيرية التركية وقال إنها رائدة في دعم الأطفال وأيضا هناك منظمات ومؤسسات سورية تحمل جانبا من هذا العبء مشيرا إلى ضرورة أن يكون هناك جهد كبير اقليمي ودولي في مساعدة الأطفال الأيتام بشكل خاص .
الملف لا ينتظر حلولا سياسية لكن حجم الكارثة كبير
وأضاف يحيى مكتبي صحيح أن ملف الأطفال الأيتام لا ينتظر حلولا سياسية ولكن حجم الكارثة يرهق المنظمات والمؤسسات التي تسعى بكل لديها من طاقة لمواجهة الكارثة مشيرا إلى أنه لو كان هناك فقط ثلاثة ملايين متضرر سوري على سبيل المثال بسبب إجرام عصابة الأسد وأردنا أن نساعد كل شخص بدولار واحد يوميا فإنه يتوجب أن نقدم ثلاثة ملايين دولار عند كل طلعة شمس وهذا هو حجم الكارثة .
وتبرز في مناطق شمال غرب سوريا جوانب متعددة من ملف الأطفال الأيتام ولكن الأولوية فيها هي وقف القتل والقصف والحرب لكي يتوقف عداد الأيتام عن الدوران في حين تظهر الأوجه الأخرى كالمأوى والمعيل جوانب من الأزمة ، وحتى لو تم علاجها فإنها تبقى في الإطار الإنساني تحت عنوان لا شيئ يعوض عن فقدان أحد الوالدين ..
85 بالمئة من الأطفال تعرضوا لأزمات نفسية
وبالنسبة لمناطق سيطرة النظام فإنه من الصعب تصور أن يعمل من يقوم بقصف المدنيين ” الروس وإيران والنظام ” على الالتفات إلى أوضاع الأطفال ومن بينهم الأيتام بشكل خاص فأي مصير ينتظر هؤلاء في ظل أوضاع معيشية صعبة وانهيار منظمومة المجتمع القيمية والأكثر ألما بالنسبة لهؤلاء الأطفال التي شوهت الحرب براءتهم هو تعرض نحو 85 بالمئة منهم للإصابة بضغوط نفسية وعصبية بحسب منظمة أنقذوا الاطفال الخيرية البريطانية .

واقع الأطفال الأيتام هو بين جهات وأشخاص وفعاليات محلية وربما لم يستفيدوا بشكل عملي من البنى التحتية التي من المفترض أن تحتل الأولوية كالمأوى أو الطعام الذي يكون أحيانا سلال غذائية ، في حين يؤخذ على تلك المنظمات التركيز على دورات تثقيفة أو معارض وقضايا إعلانية دعائية .

وتبقى مأساة الأطفال الأيتام أكبر من أن تنتظر الحل السياسي أو نقاشات مجلس الأمن بين القوى الكبرى أو اللجنة الدستورية فالوقت يأكل من هذه الشريحة وأوضاعها تزداد تعقيدا فهي تتعلق بنحو مليوني طفل يتيم في أقل تقدير وبشكل تخميني استنادا إلى الأرقام التي تتحدث عن مقتل نحو مليون سوري ووجود أكثر من مليون طفل يتيم في شمال غرب سوريا فقط من بين عدد سكانها الذي يبلغ حوالي ربع سكان البلاد تقريبا .

JoomShaper