الحسكة – عبدالله رجا
التاريخ: 26 يناير 2022
على امتداد ما يقرب من 910 كيلومترات على الحدود مع تركيا، اجتاحت الشمال السوري أجواء ثلجية عاصفة كست المنطقة باللون الأبيض على نحو غير مسبوق منذ 20 عاماً، بحسب السكان. في المخيمات السورية على امتداد هذه البقعة، كانت تلك الليالي هي الأكثر وقعاً على اللاجئين والنازحين وكل من يسكن الخيام، ولكن في الوقت ذاته لم تقع أي حوادث موت كما حدث في الأعوام الماضية، أما المعاناة فقد تأقلم معها كل من يسكن الخيمة.
في هذه الموجة كانت العلاقة بين الثلوج واللاجئين أكثر «احتراماً وتفاهماً»، إذ انتهت مرحلة الموت الفتّاك والبرد القاتل إلى مرحلة التعايش مع البرد. ففي مخيم أطمة على الحدود السورية التركية في ريف إدلب الشمالي، يقول محمد عيد الذي تتكون عائلته من أربعة أشخاص، مرّت هذه الموجة بسلام ولكنّنا لا نعرف كيف، في السنوات الماضية (والحديث لمحمد)، كان المنخفض الجوي يسبب خسائر في الأرواح وأخرى مادية، ولكن في هذه الموجة بات الأطفال يخرجون للعب بالثلج، مع بقية أطفال الخيم الأخرى.
حصار ثلجي
ومع ذلك يخشى محمد عيد الذي يقطن أطراف مخيم أطمة منذ خمس سنوات أن تتضاعف الموجة في ظل انقطاع الطرق التي تصل إلى المخيمات، ويخشى حصاراً ثلجياً يمنع وصول المساعدات الإنسانية، ولكنه اتجه رغم نجاة المخيم من حالات الموت، لتشييد الخيمة بشكل محكم ووضع إطارات بلاستيكية وأحجار كي لا يتسرّب الثلج أو المياه إلى داخل الخيمة.
ابن محمد عيد، الطفل أيسر، ذو الأربعة أعوام، يرى اللون الأبيض بهذا الشكل المرة الأولى، ومن حسن حظ الطفل أيسر أنه يخرج إلى اللعب بالثلج وهو يرتدي كل ما يملك من الألبسة الشتوية، حيث تتفتح عيناه وذهنه على عالم جديد أبيض في الظاهر ولكنه ينقلب سواداً في الليل، بينما يقول محمد عيد، وفي قلبه غصة: لا أريد أن يكبر هذا الطفل وهو في الخيمة وفي هذا الشتاء المخيف.
تلك حال المئات من العائلات التي تقطن في محيط مخيمات أطمة الذي تحوّل إلى مبانٍ سكنية، ومن حسن حظ كل من يأوي إلى هذه المباني أنه يسكن، إذ إن أطراف بلدة أطمة ما زالت تشهد المئات من الخيم المعرّضة للخطر في أي لحظة وفي مقدمة الخطر الأطفال.