عمّان – ماجدة ابو طير
تلقى اللاجئون السوريون خبر توقف المساعدات الغذائية من قبل برنامج الغذاء العالمي بصدمة كبيرة لم تكن متوقعة، فهذه المساعدات التي تقدم شهريا تشكل بالنسبة لهم عونا كبيرا في توفير احتياجات الاسر الاساسية، وقد جاء القرار نتيجة ازمة يعيشها البرنامج بسبب نقص التمويل من قبل المجتمع الدولي.
اللاجئون الذين يقطنون خارج المخيمات هم الفئة التي قرر البرنامج تقليص المساعدات عنها تبلغ نحو نصف مليون لاجىْ، حيث قال البرنامج في بيان صحافي، إنه سيمنح الأولوية للأسر الأشد احتياجاً لتلقي المساعدة بدءاً من آب المقبل، بينما سيتم استثناء نحو 50 ألف لاجئ تماماً من المساعدة الشهرية، مع خفض قيمة المساعدات النقدية بمقدار الثلث لجميع اللاجئين المستفيدين خارج المخيمات. وفي الجهة المقابلة لهذا القرار يقول ابو وسيم وهو رب اسرة ان هذه الخطوة شكلت صدمة بالنسبة لهم لاسباب عديدة، اولها انهم يعتمدون بشكل اساس على هذه المساعدات، وثانيا ان اغلب الاسر تبيع الغذاء مقابل تأمين ايجارات المنازل وما يحتاجونه من ادوية، لافتا الى ان فرص العمل قليلة وهذا سيزيد من صعوبة الحياة عليهم. وعند سؤال ابو وسيم الذي يقطن هو واسرته في منطقة ماركا، حول الخيارات المتاحة امامهم، تساءل عن ماهية هذه الخيارات متعجبا، وقال الخيارات محدودة جدا وضيقة، وبالنسبة للعودة الى سوريا فما زلنا الى غاية هذا الوقت مترددين، فالظروف في سوريا غير مشجعة لعودة الاسر، ولا يوجد لنا منازل او وظائف، فضلا عن ان البنية التحتية تحتاج الى علاج متكامل.
واوضح هذا السوري الذي لديه ثلاثة اطفال، ان هذا التخلي من قبل المجتمع الدولي سيزيد من الاعباء على الاسر السورية وايضا سيزيد من الضغوطات على الاردن الذي قدم الكثير لهم، ويعاملهم دوما معاملة الاشقاء ويركز دوما خطابه على العودة الطوعية وعلى تأهيل وتهيئة الظروف الموائمة من اجل عودتهم.
تراجع الدعم الدولي
ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن في تقييمها الربع سنوي الأخير للظروف الاجتماعية والاقتصادية للاجئين في الأردن، فقد بينت أن دخل اللاجئين السوريين تراجع بنسبة 12 % بينما ارتفاع دخل غير السوريين بنسبة طفيفة وصلت الى 3 %.
وأضافت أن هناك انخفاضا في متوسط الدخل الشهري للأسر السورية، وهو تراجع «متوقع» لأن الأسر كان زاد دخلها في الربع الرابع من 2022 بسبب المساعدة الشتوية، مشيرة الى إن نسبة الأسر الملتزمة بالديون بقيت مرتفعة، إذ إن 93 % من الأسر السورية مديونة، بينما انخفضت هذه النسبة من 89% الى 86 % للأسر غير السورية.
وذكر التقييم أن 95 % من أسر اللاجئين استخدمت إستراتيجية واحدة على الأقل للتكيف قائمة على سبل العيش لتغطية نفقاتها. وظلت نسبة الأسر التي تلجأ إلى استراتيجيات التكيف مع الضغوط عند مستويات عالية في الربع الأول من عام 2023. وبالنسبة للاجئين السوريين، كانت هناك زيادة في استخدام إستراتيجيات المواجهة السلبية للأزمات. وكان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، أكد خلال مؤتمر بروكسل السابع الذي عقد الشهر الماضي على أنّ الأردن تجاوز قدراته بكثير خلال استضافته اللاجئين على أرضه. وقال إن «الدعم الدولي للاجئين يسجل انخفاضا لافتا حيث وصل هذا العام إلى6%، فيما كان العام الماضي 33 % مقارنة مع 70% عام 2016».
وأكد الصفدي أنه وبالرغم من الأزمات المتتالية إلا أن الأردن استمر بتقديم جميع الخدمات الأساسية للاجئين السوريين، وأنه وعلى الرغم من معدل بطالة مرتفع ، فقد قدمنا أكثر من 370 ألف تصريح عمل للسوريين، وضعف هذا العدد يعمل دون تصاريح.
وبحسب التقديرات الرسمية فيقدر عدد اللاجئين السوريين في الأردن بنحو 1.3 مليون شخص، وهو ما يمثل 15 في المئة من إجمالي السكان، حيث يعيش أكثر من 80 في المئة منهم بين الأردنيين في المجتمعات المضيفة، فيما يقطن الباقون في المخيمات، وبلغت قيمة المساعدات الغذائية التي قدمها البرنامج للاجئين السوريين في الأردن عام 2022 نحو 200 مليون دولار أميركي، بهدف تلبية حاجاتهم الغذائية الأساسية وتحسين صحتهم وتخفيف معاناتهم..
تبعات
وبحسب رئيس الجمعية الاردنية للعلوم السياسية، د. خالد شنيكات فإنه يؤكد أنّ هذه الخطوة سيكون لها تبعات سلبية على المجتمع الاردني، لا سيما ان الاسر اللاجئة السورية تعيش اوضاعا صعبة قبل قطع المساعدات، وهذا سيدفع الى البحث عن بدائل، وفي المقابل فإن ظروف الاردن وموارده محدودة وهم اصبحوا يشكلون ضغطا كبيرا لا يمكن انكاره، وكما هو معلوم فإن هذه المسؤولية هي مسؤولية المجتمع الدولي الذي تخلى عن دوره وبات التراجع في الدعم هو السمة البارزة.
وبين شنيكات ان اولويات المجتمع الدولي قد تغيرت، وان الحرب الروسية الاوكرانية كان لها اثار ملحوظة على المساعدات الدولية، وهذه الحرب لم تتوقف بعد وهي حرب مدمرة تكلفتها هائلة، عدا عن الفاتورة التي تدفعها الدول الاوروبية جراء ما يحدث، وهنالك اعتقاد سائد لدى اغلب الدول الغربية في ان الحرب في سوريا توقفت وان لم تحسم بعد، وهي لم تعد على سلم اولوياتهم، وخاصة هناك حروب جديدة نشبت كالحرب في السودان حالياً.
ولفت شنيكات الى عدم امكانية سد الفجوة الحاصلة من قبل الاردن ، فالحكومة لديها التزامات يجب ان تعالجها خاصة في ظل ارتفاع المديونية . ووفقا لبيانات الحكومة فإن هذه المساعدات لا تغطي تكلفة اللجوء، وان الاردن تحمل ملف اللاجئين السوريين بما يحويه من محاور، ومن هنا فإن الخيار المتاح امام الاردن في حال توقف المساعدات، بأن يعمل جاهدا من أجل تهيئة الظروف السياسية والاقتصادية في سوريا لعودتهم بشكل آمن وبما يضمن لهم حياة مستقرة.