هبة محمد
دمشق – «القدس العربي»: لم تزل مخيمات الشمال السوري المنتشرة على الحدود السورية – التركية، محط قلق المنظمات الأممية والحقوقية، التي تقف عاجزة أمام الاستجابة وتغطية احتياجات المدنيين في تلك المناطق، لا سيما مع بروز أزمة جديدة تهدد حياة نحو 2,000 عائلة في مخيمات ريف حلب بسبب ندرة حادة في المياه، نتيجة إيقاف منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، عملياتها فجأة بسبب نقص التمويل، وهو الأمر الذي حذر منه برنامج الأغذية العالمي، حيث أكد سابقاً أن أي تخفيض جديد للتمويل سوف يسبب عواقب سيئة جداً على المدنيين، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار المواد والسلع الغذائية والهشاشة الشديدة التي يمر بها الأهالي في المنطقة، والظروف الأمنية والصحية الصعبة.
الشبكة السورية لحقوق الإنسان بيّنت في تقرير لها، الإثنين، أن قرابة 2,000 عائلة تتوزع على خمسة مخيمات للنازحين في منطقة الشهباء بريف حلب، تواجه تحديات جديدة تتمثل بندرة حادة في المياه، ويشكل هذا الوضع أزمة إنسانية خطيرة تهدد حياة قاطني هذه المخيمات.
ومنذ الخميس 15 فبراير/ شباط 2024، أوقفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، عملياتها فجأة بسبب نقص التمويل.
وحول هذه التحديات الجديدة، كشف مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تصريح فضل عبد الغني لـ “القدس العربي” أن قطع المياه كان مفاجئاً وصادماً للناس.
وقال: “نحن لا نتكلم الآن عن تخفض سلل غذائية أو جزء منها، ولا نتكلم عن مادة يمكن للإنسان أن يتعامل مع انقطاعها، بل الحديث عن أهم مادة بعد الهواء، وهو ما يشكل خطراً على حياة الإنسان”.
وحيال الحلول والبدائل الممكنة، قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن “البدائل التي خلقتها الناس، هي بدائل غير جيدة وغير مثالية، حيث باتوا يعتمدون على مياه الآبار”، مبدياً تخوفه من مخاطر تفشي الأوبئة والأمراض الناجمة عن استخدام مياه الآبار والتي يمكن لها أن تولد من جديد، وتنتشر بعدما كان المجتمع قد تخلص منها منذ سنوات، “إلا أن الوضع الحالي يهدد بعودة انتشارها”. وحذر من أنها “لن تبقى محصورة في هذه المخيمات، بل سيهدد أي فيروس قادم المنطقة برمتها”.
وأضاف المتحدث: “لدينا تخوف من جفاف وهو ما يشكل خطراً على عدة الوظائف حيوية، ولذلك أطلقنا نداء استغاثة عاجلاً، ووجهنا طلب التدخل على عدة مستويات من القوى المسيطرة والدول المانحة والمؤسسات الإغاثية”.
وكانت اليونيسف تتولى مهمة تعبئة المياه الصالحة للشرب في خزانات بلاستيكية موجودة ضمن هذه المخيمات بعد نقلها للمياه من مدينة حلب عبر صهاريج، وبسبب طول مدة انقطاع المياه، وعدم نقل القوى المسيطرة المياه لسكان هذه المخيمات، اضطر السكان إلى شراء المياه من أصحاب الآبار الارتوازية في المنطقة، وهذه المياه إضافة إلى قلة كمياتها، هناك صعوبات لوجستية في نقلها، لكن الأخطر أنها غالباً ما تكون ملوثة. ونتيجة لذلك، حذّرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان من مخاطر انتشار الأمراض والأوبئة المنقولة بالمياه داخل هذه المجتمعات. وتقطن هذه العوائل في خمسة مخيمات للنازحين -تؤوي نازحين من مدينة عفرين ومناطق متعددة من ريف حلب الشمالي- وتقع هذه المخيمات في منطقة الشهباء شمال محافظة حلب، وتخضع هذه المنطقة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، والمخيمات هي: مخيم سردم “العصر” والذي يقطن فيه نحو 1050 عائلة، ومخيم برخدان “المقاومة” وتقطنه نحو 700 عائلة، ومخيم فاغير “العودة” وتقطنه نحو 125 عائلة، ومخيم عفرين تقطنه نحو 108 عائلات، ومخيم الشهباء والذي يقطن فيه نحو 148 عائلة. وأشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في بيانها إلى أن قاطني منطقة الشهباء ومخيمات النازحين المنتشرة ضمنها يعانون نقصاً في العديد من الاحتياجات الأساسية والمواد الغذائية ناتجاً عن التضييق الذي تمارسه نقاط التفتيش العسكرية (حواجز) التابعة لقوات النظام السوري والمنتشرة في محيطها، وكانت منظمة اليونيسف قد أوقفت تباعاً عمليات إمدادها بالمياه الصالحة للشرب للعديد من القرى والبلدات في منطقة الشهباء في عامي 2020 و2021 واقتصرت عملياتها على إمداد مخيمات النازحين فقط.
وأضاف التقرير أن تخفيض المساعدات الإنسانية للنازحين في سوريا، الذي استهدف اليونيسف، يأتي بعد تخفيض مشابه عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الذي أعلن في 14 كانون الأول/ ديسمبر 2023، عن تقليصه المساعدات في جميع أنحاء سوريا.
وفي ظلِّ هذه التحديات، ناشدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الدول المانحة بزيادة تبرعاتها، كما ناشدت مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وكذلك هيئات الإغاثة الدولية حول العالم بتقديم العون العاجل لمعالجة أزمة المياه بشكل عاجل. وتدعو الشبكة إلى إعادة مخصصات المياه إلى مستوياتها السابقة وضمان استمرار توصيلها. كما نطالب بزيادة التمويل للمنظمات الدولية لمواصلة عملياتها الحيوية، لا سيما في شمال وغرب سوريا، حيث تكتظ مئات مخيمات النازحين بالسكان. وطالب التقرير قوات سوريا الديمقراطية باعتبارها القوة المسيطرة بالتحرك العاجل والعمل على إيجاد حلول بديلة عاجلة لإيصال المياه للنازحين في مناطقها، “فهي تتحمل المسؤولية القانونية عن جميع السكان في المناطق التي تسيطر عليها”. كما وأدانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان القيود المتفرقة التي تفرضها قوات النظام السوري، والتي تعيق تحرك المواد الأساسية والغذائية إلى منطقة الشهباء، مما يؤثر على السكان المحليين والنازحين.