هبة محمد
دمشق – «القدس العربي» : لا يوحي المشهد في عموم مناطق سوريا على اختلاف واقعهم من منطقة إلى أخرى تبعاً لتوزع مناطق السيطرة، ببهجة العيد، سواء ضمن المدن التي يفرض النظام السوري سيطرته عليها، أو تلك الخاضعة لسيطرة قسد أو فصائل المعارضة شمال البلاد، لا سيما مع غياب المظاهر التي اعتاد عليها السوريون بعد صوم شهر رمضان. فقد فرضت الظروف الاقتصادية الصعبة وهي السمة الغالبة مشهدا آخر يخطف البهجة التي ألفوها وهم يتهيؤون للعيد من خلال التسوق، سيّما شراء الملابس الجديدة للأطفال.
ويبدو الأمر واضحاً في أسواق دمشق المعروفة كسوق الحمدية في قلب المدينة القديمة، والأسواق التي تتفرع منه كسوق البزورية وسوق العصرونية وغيرها. وينتهي سوق الحميدية أمام الجامع الأموي في قلب دمشق حيث يقول عماد أبو الخير، وهو شاب دمشقي يتردد إلى المكان، لـ “القدس العربي” إن “الناس بالمجل لن تتخلى عن طقوس العيد، ولكن هذه الأيام تفرض أساليبا مختلفة عما اعتادوا عليه، فلن ترى الازدحام المعهود على محال الحلويات، أو حتى في الأسواق التجارية حيث ملابس الأطفال”.
أم أيمن، وهو اسم مستعار لسيدة ثلاثينية من ريف دمشق، تقول لـ “القدس العربي” لابد أن تشدك زينة العيد والأضواء الباهرة في الشوارع كما جرت العادة، من يتجّول هنا يرى أن مظاهر العيد تغرق الأزقة والمتاجر التي مدت أمام واجهاتها طاولات عريضة لأصناف الحلويات والمعمول والمكسرات، ولكن خلف هذا الإبهار، ثمة حالة من الفقر المدقع في معظم البيوت، فالكثير من العوائل غير قادرة على إسعاد اطفالها لا بحلوى العيد ولا بثياب جديدة.
وفي العشر الأخير من رمضان، ومع اقتراب عيد الفطر تنشط الحركة التجارية عموما، وتزدحم الأسواق، التي قد تهيأ تجارها منذ بداية شهر رمضان لهذه المناسبة، ولكن مشهد العيد يبدو مختلفا عما كان عليه في الأعوام الماضية. وهذا لسان حال سكان محافظة درعا القريبة، وفق أبو علي المحاميد وهو أحد وجهاء المدينة الذي تحدث لـ “القدس العربي” عن مظاهر استقبال العيد، حيث قال: في درعا البلد لا يختلف استقبال العيد عن الأعياد التي قبله ليس هناك بهجة للعيد، وكثير من أهالي درعا والغالبية منهم من له ابن معتقل او أخ وغير ذلك.
وأضاف: “الكثير الكثير منهم فقدوا أبنائهم خلال سنوات الثورة، كما أن هناك الكثير من الأيتام والأرامل في درعا البلد لا يوجد لديهم معيل أو دخل لكي يعتاشوا منه. وفي هذا الظروف الصعبة لا تجد الناس ما يكفيها من قوت (…) غلاء فاحش بأسعار المواد التموينية والخضار ودخل متدني جدا اذا وجد عمل لرب الاسرة، لا يكفي لأيام قليلة ولكن الناس أصبحت تعتمد على التحويلات الخارجية من أبنائها وأقاربها وخاصة في رمضان.”
على الرغم من المعاناة والفقر، تجد عائلات الشمال السوري فرصة تجعل من خلالها أطفالها يعيشون فرحة العيد ولو بشكل محدود، الناشط الميداني عبد الكريم الثلجي من إدلب يقول لـ “القدس العربي” كل المواد الغذائية متوفرة وكذلك كل أنواع الحلويات على اختلافها بسبب التنوع السكاني المتواجد في هذه المنطقة. ووسط تنافس محموم بين التجار والباعة تجد من يحاول من الأهالي اقتناص فرصة العيد لإدخال الفرح إلى بيته.
وأضاف: “ولكن كما هو حالي، فمنذ أيام أخرج بصحبة زوجتي وأطفالي إلى السوق، وبعد ساعات من التسوق، أعود خالي الوفاض ويدي فارغتين، بسبب العامل الاقتصادي الذي أنهك شريحة واسعة من الناس في هذه المنطقة الجغرافية المحاصرة قرب الحدود السورية – التركية، سيما أنها منطقة معرضة للقصف والنزوح دائما، وبالتالي قلة فرص العمل.”
وحول الأسواق الأكثر حركة في المنطقة قال الثلجي: “سوق الخمار بمدينة إدلب، وساحة البرج والمحال التجارية في سوق الصاغة بجانب ساحة الساعة، إضافة إلى شارع المولات في مدينة الدانا بريف إدلب، فهي أسواق تجارية معروفة ومكتظة.”
ويشتكي السوريين من أسعار الملابس في الأسواق تزمنا مع اقتراب عيد الفطر، إذ أن “أسعار ملابس الأطفال أعلى من المرتبات الشهرية” وبحسب مصادر محلية، فقد “ارتفعت أسعار قطع الثياب 50% عن أسعار العام الماضي”.
وكان مجلس الوزراء في الحكومة السورية، قد أقر، تعطيل الدوائر الرسمية، لمدة أسبوع بمناسبة عيد الفطر. حيث تبدأ العطلة من يوم 7 أبريل/ نيسان الجاري، حتى الثالث عشر منه.
=