هبة محمد

دمشق – «القدس العربي» : في اليوم العالمي لمناهضة عمل الأطفال، دعت منظمات إنسانية وحقوقية إلى توفير بيئة آمنة لحماية الأطفال الفلسطينيين في سوريا وقطاع غزة، حيث يواجه طفل واحد من كل طفلين أشكالاً متعددة من الحرمان على كافة الصعد، سواء أكانت تعليمية أم صحية أم اقتصادية أم ظروف المعيشة.

وكشف دراسات ميدانية أجرتها “مجموعة العمل في سوريا ولبنان والأردن” ارتفاع معدلات عمالة الأطفال الفلسطينيين منذ بداية الحرب السورية عام 2011، وازديادها طرداً مع سوء الأوضاع المعيشية التي يواجهونها.

وأشارت الدراسة إلى أن آلاف الأطفال الفلسطينيين والسوريين في سوريا ودول النزوح يُجبرون للعمل تحت ضغط الأوضاع السيئة معرضين أنفسهم لأنشطة خطرة قد تعرض نموهم البدني أو العقلي أو الاجتماعي للخطر، محذرة من “أن جيلاً واسعاً من الأطفال الذين عاشوا الحرب السورية محرومون من التعليم، واستبدلوا أقلام الدراسة بمطرقة العمل”. وفي اليوم العالمي لمناهضة عمل الأطفال الذي يُحتفى به سنوياً يوم 12 يونيو/ حزيران، ضمت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” صوتها إلى جانب المؤسسات الحقوقية والدولية في دعواتها إلى إعادة تنشيط العمل الدولي لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير الحماية القانونية لجميع الأطفال في كافة أشكال عملهم. وطالبت بالسعي حثيثاً لمعالجة الأسباب الجذرية لعمالة الأطفال الفلسطينيين والسوريين، وإيجاد حلول مستدامة لمشاكل نزوحهم ونتائجها الكارثية على مستقبلهم.

وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في بيان أصدرته قبل أيام بمناسبة اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء إنها وثقت مقتل 30228 طفلاً في سوريا منذ آذار/ مارس 2011 بينهم 199 بسبب التعذيب، كما وثقت وجود نحو 5263 قيد الاعتقال التعسفي أو الإخفاء القسري.

وتحدث البيان عن أن النظام السوري مارس أسوأ أشكال العدوان بحق الأطفال في سوريا في ظل النزاع المسلح الداخلي، ولم تردعه عن ذلك مصادقة سوريا على اتفاقية حقوق الطفل 1993، كما مارست بقية أطراف النزاع العديد من أشكال العدوان ضد الأطفال، إلا أنَّ النظام السوري تفوق على جميع الأطراف، من حيث كمِّ الجرائم التي مارسها على نحوٍ نمطي ومنهجي، والتي بلغت مستوى الجرائم ضد الإنسانية.

ووفقاً للبيان، فإنه لا يكاد يمرُّ انتهاك يتعرَّض له المجتمع السوري دون أن يسجل ضمنه أطفال، وقد تراكم حجم هائل من العدوان على الأطفال على مدى السنوات الاثنتي عشرة السابقة.

وفي هذا السياق، قدم البيان تحديثاً لحصيلة أبرز الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها الأطفال في سوريا منذ آذار/ 2011 حتى حزيران/ 2023، مبينا أن 30 ألف طفل قد قتلوا على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ اندلاع الثورة السورية، منهم 23 ألف طفل على يد قوات النظام السوري. و2055 طفلاً على يد القوات الروسية، و958 على يد تنظيم داعش. فيما قتلت هيئة تحرير الشام 76 طفلاً، وقتلت قوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية 269 طفلاً، أما جميع فصائل المعارضة المسلحة فقد قتلت 1009 أطفال (571 طفلاً ذكراً، و438 طفلة أنثى) وقتلت قوات التحالف الدولي نحو 1000 طفل، كما وثق البيان مقتل 1889 طفلاً على يد جهات أخرى.

وعلى صعيد الاعتقال، والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، قال البيان إن ما يزيد عن 5 آلاف طفل لا يزالون قيد الاعتقال/ الاحتجاز أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، منهم 3698 على يد قوات النظام السوري و319 على يد تنظيم داعش و47 على يد هيئة تحرير الشام و834 علي يد قوات سوريا الديمقراطية و365 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة.

وطبقاً للبيان، فإن ما لا يقل عن 199 طفلاً قضوا بسبب التعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/ 2011، منهم 190 على يد قوات النظام السوري، و1 على يد تنظيم داعش و2 على يد كل من هيئة تحرير الشام وقوات سوريا الديمقراطية وجميع فصائل المعارضة المسلحة، وجهات أخرى.

كما تعرض أطفال سوريا لأنماط أخرى من العنوان، فقد مارست جميع أطراف النزاع سياسة التجنيد الإجباري، كما يشكل الابتزاز الروسي بالاستخدام التعسفي للفيتو في مجلس الأمن في وجه إدخال المساعدات الإنسانية عدواناً صريحاً على مئات آلاف الأطفال المشردين قسرياً على خلفية النزاع المسلح في شمال سوريا، حيث يشكل الأطفال قرابة 46 % من النازحين.

وأضاف أن الأطفال في سوريا يعيشون في بيئة شديدة الخطورة، حيث زرعت أطراف النزاع المسلح مئات آلاف الألغام الأرضية المضادة للأفراد بما فيها مخلفات الذخائر العنقودية بشكل كثيف وعلى مساحات واسعة جداً في العديد من المحافظات السورية، وهي بذلك تشكل خطراً ممتداً على حياة المدنيين بمن فيهم الأطفال لعقود إلى الأمام، وذلك كون ذخائرها الفرعية غالباً ما يكون لها ألوان ساطعة يُمكن أن تجذبَ الأطفال وهو ما يجعلهم الفئةَ الأكثرَ تعرُّضاً للخطر.

وطالب البيان المجتمع الدولي بأن يستثمر في منظمات المجتمع المدني العاملة على إعادة تأهيل ورعاية الأطفال، وبشكل خاص الأيتام، والمشردون داخلياً، وأن يكون ذلك على نحوٍ عاجل يشمل كلاً من الصَّعيد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي ضمن استراتيجية إغاثية طويلة الأمد.

JoomShaper