هبة محمد

دمشق – «القدس العربي»: يوظف النظام السوري الأوراق الثبوتية الرسمية في الدولة كأداة حرب ضد المعارضين له، بهدف تكريسها لابتزازهم، والحصول على مبالغ غير معقولة منهم.

وعلى الرغم من أن الوثائق هي من أبسط حقوق المواطنة وتقع على عاتق النظام مسؤولية منحها للمواطنين بتكلفة رمزية وإجراءات بسيطة، إلا أنَّ النظام السوري استغل حاجة المواطنين السوريين البنيوية للوثائق الحكومية، وفرض على المواطنين تكاليف مرتفعة للغاية لا تتناسب مع دخلهم المحدود، ثم قام بتكريس هذه الأموال في تمويل الحرب وخدمة مصالحه الشخصية.

مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، قال لـ “القدس العربي” إن النظام السوري يتحكم بمنح الوثائق الثبوتية بشكل غير قانوني وتمييزي، ويعمل على تسخير السلطة والموارد الحكومية بشكل ممنهج لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية مدروسة على حساب مصلحة الشعب، وذلك بهدف فرض أقسى أشكال السيطرة عليهم وإخضاعهم لحكمه.

وقال عبد الغني: “كرَّس النظام السوري السلطة القمعية للأجهزة الأمنية، ودعم تغولها على مؤسسات الدولة، ومنحها صلاحيات واسعة، إذ باتت تمتلك الحقَّ في منح المواطنين وثائقهم الرسمية أو حرمانهم منها، وذلك بعدما فرض شرط الحصول على “الموافقة الأمنية” أولاً قبل استخراج عدد كبير من الوثائق بما في ذلك الوثائق المرتبطة بعمليات البيوع العقارية، وعمليات إيجار وفراغ المنازل والمحلات، والحالات المتعلقة بالوكالات الداخلية والخارجية التي تنظم مسائل نقل ملكية العقارات، والوكالات الداخلية والخارجية التي تنظم تأسيس الشركات أو المشاركة فيها أو الانسحاب منها، وهو ما يشكل انتهاكاً واضحاً للدستور السوري الذي نصَّ على حماية حقوق الملكية للفرد وحرية التصرف بأملاكه”. كما تم فرض شرط الموافقة الأمنية للحصول على الكثير من الوثائق الأخرى بما في ذلك شهادات الوفاة وحصر الإرث وتصفية التركات، واستثمار المنشآت التجارية السكنية وقبض الرواتب التقاعدية، وتعديل عقود الشركات، ومراجعة المصارف العامة والخاصة لسحب أموال وغيرها. وأشار التقرير إلى أنَّ هذه الموافقات باتت مصدر رزق للعاملين في الأجهزة الأمنية الذين يرفضون منح المواطنين موافقة أمنية ما لم يقوموا بدفع رشاوى طائلة أولاً.

وأشار عبد الغني إلى تقرير أصدرته الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان سلط الضوء على سبع فئات أساسية تتعرض لانتهاكات واسعة متمثلة بعمليات ابتزاز تجبرهم على دفع مبالغ إضافية للسماسرة إذا أرادوا الحصول على وثائقهم، ويعتبر “المطلوبون للأجهزة الأمنية” من أبرز تلك الفئات ومعظمهم معرضون للملاحقة على خلفية الرأي أو النشاط السياسي أو العمل في المجال الإنساني. وبسبب وضعهم الأمني، فهم مخيرون ما بين الحرمان من الوثائق الثبوتية أو دفع مبالغ إضافية للسماسرة، قد تصل في بعض الأحيان إلى آلاف الدولارات تبعاً لنوع الوثيقة وتعقيد الوضع الأمني لصاحب المعاملة.

أما الفئة الثانية فهي “الناجون من الاعتقال التعسفي وذوو المختفين قسرياً” والذين يتعرضون للحرمان من وثائقهم في كثير من الأحيان ما لم يقوموا بدفع مبالغ طائلة تدفع كرشاوى للموظفين والسماسرة للحصول على حقِّهم الطبيعي في استخراج أوراق ثبوتية.

“الطلاب وخريجو الجامعات” يشكلون الفئة الثالثة، إذ يعانون من الابتزاز أيضاً مقابل منحهم شهاداتهم الجامعية أو المدرسية، أما الفئة الرابعة فهم “أصحاب الملكيات” الذي يقعون ضحايا للأجهزة الأمنية التي تتحكم بمنحهم حقوقهم في الحصول على أوراق ثبوتية.

الفئة الخامسة التي تتعرض لهذا النوع من الانتهاكات هم “أهالي مناطق التسويات” الذين قد يحرمون في كثير من الأحيان من وثائقهم كنوع من العقوبة بسبب انتفاضتهم ضد النظام السوري. أما الفئة السادسة فهم “المطلوبون للخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية” الذين يرزحون كذلك تحت رحمة الأجهزة الأمنية، وقد أدرج التقرير ضمن “الفئة السابعة” العديد من الحالات الأخرى التي تتعرض للابتزاز بما في ذلك الأقليات العرقية والسوريون الراغبون في استخراج وتجديد وثائق السفر داخل سوريا وخارجها، والسوريون الذين خرجوا من البلاد بطريقة غير شرعية، ويرغبون بإجراء تسويات أمنية مع النظام، وغيرهم من الفئات.

وقد خلص التقرير إلى أنَّ استخراج الأوراق الثبوتية وتجديدها، معاناة تشمل جميع السوريين بغض النظر عن مواقفهم السياسية وموقعهم الجغرافي، ويبلغ مجموع السوريين الذين يتعرضون لانتهاكات من هذا النوع، قرابة 16 مليون سوري يتوزعون داخل البلاد وخارجها.

كما خصص، مبحثاً منفرداً لتسليط الضوء على قضية صعوبة استخراج بيانات الوفاة لضحايا القتل خارج نطاق القانون والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، إذ يهدف النظام إلى إخفاء جرائمه عبر الامتناع عن منح هذه الوثائق لذوي الضحايا، كما ناقش المعاناة التي تترتب عليهم بسبب عدم تمكنهم من الحصول على هذه الوثيقة.

وخلص التقرير إلى أنَّ فساد النظام السوري يهدد “مصداقية” الوثائق الثبوتية السورية، وذلك بسبب تحويلها لمادة للبيع والشراء في الأسواق السوداء التي يديرها سماسرة وفاسدون يعملون في الدوائر الحكومية، أو محتالون ينتحلون صفة سماسرة ويدعون بأنَّهم قادرون على استخراج وثائق ثبوتية من مؤسسات النظام، ثم يقومون بنهب مبالغ كبيرة من أصحاب المعاملة مقابل إعطائهم وثائق مزورة غير معترف بها.

وناقش أثر عدم حيازة الأوراق الثبوتية أو فقدانها على حياة السوريين، معتبراً أنه أمر ترتب عليه مجموعة من الصعوبات والعقبات، مثل حرمان العديد من السوريين من حقِّهم في الحصول على التعليم والرعاية الصحية والمساعدات الإنسانية، وحرمانهم من حقوق الملكية، وحرية التنقل. كذلك فقد نتج عن الحرمان من منح الوثائق الثبوتية ظهور عدد من الأطفال مكتومي القيد والأطفال المقيدين على أنَّهم مجهولو النسب. وأوضح التقرير أنَّ الحرمان من الثبوتيات قد ينجم عنه احتمالية عدم القدرة على الحصول على الجنسية السورية، والحرمان من حقِّ التصويت والمشاركة في الحياة السياسية مستقبلاً. هذا عدا عن صعوبات إضافية تواجه النساء بشكل خاص لا سيما زوجات المعتقلين والمختفين قسرياً.

وأوصى التقرير الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بتأمين الأوراق الثبوتية للاجئين مع تجنيب المواطنين التعامل مع السماسرة ودفع مبالغ ضخمة، بالإضافة إلى تقديم المساعدة القانونية للاجئين الذين فقدوا أوراقهم الثبوتية، وإنشاء آلية محايدة لتسهيل التحقق من الوثائق بين مناطق السيطرة المختلفة في سوريا، والوساطة بين النظام السوري وفصائل المعارضة بشأن الاعتراف المتبادل بالوثائق، وإطلاق حملة لضمان تسجيل جميع الأطفال السوريين المولودين في أماكن النزوح واللجوء.

كما أوصى الدول المضيفة للسوريين باعتماد سياسات توثيقية مرنة، وتسهيل تسجيل حالات الزواج والوفاة في بلاد اللجوء دون اضطرار اللاجئين للتعامل مع النظام السوري، وتحسين عمليات تسجيل المواليد، بالإضافة إلى توفير خيارات الإقامة القانونية، من خلال تطوير مسارات للحصول على الإقامة القانونية التي لا تتطلب وثائق من النظام السوري.

====================

 لماذا يعشق الناس الشعور بالخوف؟

تتعدى الرغبة في الشعور بالخوف مجرد الهروب إلى بيوت الرعب في الهالوين، فوفقًا لخبراء علم النفس، هناك أسباب علمية وراء استمتاعنا بتجارب الخوف المتحكم فيها، مثل مشاهدة أفلام الرعب أو زيارة البيوت المسكونة.

وفي الولايات المتحدة، ينفق الناس أكثر من 500 مليون دولار سنويًا على تلك التجارب، التي توفر إحساسًا بالنشوة والإثارة دون المخاطرة الحقيقية.

والاستجابة الفسيولوجية التي يُحدثها الخوف، مثل زيادة ضربات القلب وارتفاع مستوى الأدرينالين، تمنحنا شعورًا مشابهًا للاستعداد لمواجهة تهديد حقيقي، ولكن دون مخاطر.

وبعد انتهاء التجربة، يُفرز الجسم الدوبامين، الذي يعزز الشعور بالراحة والمتعة. بالإضافة إلى ذلك، تُظهر الدراسات أن الأشخاص الذين يتعرضون لتجارب خوف متحكم فيها يميلون إلى الشعور بالهدوء والتخلص من القلق.

 

 

 

ومن جهة أخرى، يُعد الخوف المشترك مع الآخرين وسيلة لتعزيز الروابط الاجتماعية، إذ يزداد مستوى هرمون الأوكسيتوسين، المعروف باسم "هرمون الحب"، ما يقوي علاقاتنا الاجتماعية. هذه التجارب تقدم فرصة للترابط العاطفي مع الأصدقاء والعائلة في مواقف مثيرة.

والخوف أيضًا يمكن أن يكون وسيلة للتدريب على مواجهة المخاوف الحقيقية، وأظهرت الدراسات أن عشاق الرعب كانوا أكثر مرونة نفسية خلال جائحة كوفيد-19، ما يشير إلى أن التجارب التي تتضمن الخوف قد تساعد في إعداد الناس نفسيًا لمواجهة التحديات الواقعية.

في نهاية المطاف، يمكن أن يكون اختيار فيلم رعب بدلًا من كوميديا اختيارًا جيدًا لصحتك النفسية، إذ يُحفز مشاعر إيجابية، يعزز الروابط الاجتماعية، ويهيئك للتعامل مع مخاوف الحياة.

JoomShaper