بقلم: زكريا تامر
هجم رجال مسلحون ليلاً على بعض البيوت، فأيقظت الأم طفلها من نومه، وطلبت منه أن يهرب فوراً من البيت ويختبيء في البستان الكثير الشجر القريب من البيت، فقال الطفل لأمه : كأنك نسيت أني أخاف الظلمة.
فقال له أبوه وهو يضع يده على رأسه : أنت رجل، والرجال لا يخافون، فهيا اذهب الى البستان وسنلحق بك.
فتظاهر الطفل بإطاعة أمه وأبيه، وغادر البيت، واختبأ بالقرب منه، ورأى الرجال المسلحين يقتحمون البيت ثم يخرجون منه وهم يجرون أمه وأبيه، ورآهم يضربون أباه ضرباً عنيفاً بينما أمه تعول متوسلة إليهم، فتضايق أحدهم من صوتها، وأهوى على رأسها بأخمص بندقيته، فهوت أرضاً مهشمة الرأس، وأطلق رجل آخر رصاص بندقيته غزيراً على جسد الأب ثم اختتمه برصاصة أطلقها على الرأس، وضحك أحد الرجال، وقال لزملائه بعد أن حدق إلى جسد الأم الملقاة على الأرض بنظرات متفحصة : تسرعنا في قتلها، فهي جميلة، وكانت تستحق أن تبقى حية بضع ساعات.
ورأى الطفل الرجال المسلحين يدخلون بيت الجيران لتتعالى منه الولاويل، فانطلق راكضاً إلى البستان الكثير الشجر، واختبأ خلف إحدى الأشجار مرتجفاً، ورأى الرجال المسلحين يقتحمون البستان بعد أن انتهوا من مهاجمة كل البيوت، ويشرعون في تفتيشه، ويقتلون كل من يعثرون عليه، فبكى الطفل بغير صوت مرعوباً، وازداد التصاقه بالشجرة التي أشفقت عليه، وتخلت عن صلابتها، وسمحت له بالإلتحام بها بينما كان الرجال المسلحون يتابعون تفتيش البستان، ولم يتمكنوا من العثور على الطفل، ولكن مالك البستان تحير ودهش يوم زار البستان متفقداً، فكل أشجار التفاح في بستانه تثمرفي العادة تفاحاً أبيض اللون، ولكن شجرة واحدة قد تبدل تفاحها، وصار أحمر اللون.
تفاح سوري …
- التفاصيل