ياسر مرزوق
عن العلامة السوري “شاكر مصطفى” ومن كتابه “التاريخ الشامي” أنقل: “هل جرب أحدكم أن يستمع إلى وسوسة الأحجار القديمة في هذا البلد، شيءٌ يشبه الشعر يتصاعد منها… جوعٌ موسيقي يلوب على الجدران، إنها إن شئت طفلة بعيون من ذهب، وإن شئت مجنونة تمزق البنفسج وزرقة السماء، وإن شئت عجوزٌ تهدر بالحكمة والثرثرة معاً… وبشيء من المرارة.. غير قليل”..
هي حجارة سوريتنا، وقد يبدو الحديث عن الحجر والأثر ترفاً، بينما تسيل الدماء أنهاراً، لكن عندما يتعلق الأمر بتاريخنا وذاكرتنا، ذاكرة العالم، لا يغدو ملفنا اليوم من قبيل الترف بل هو واجبٌ على السوريين رغم الجراح، وواجبٌ على الإنسانية جمعاء رغم الخذلان، كيف لا وسورية التي تباهي الأمم بحضارتها قائلة: “أنا ابنة الجغرافيا، ولكنني سيدة التاريخ” تقصف بالطيران الحربي من أقصاها إلى أقصاها، وكما قلنا سابقاً فالقذائف لا تفرق بين موالٍ ومعارض، ولا بين كنزٍ أو خربة إنها ديمقراطية الدمار يختبرها السوريون كل يوم…
وكلما ضعفت سيطرة النظام على الأرض، حتى بات يصح فيه قول الشاعر:
ويخاف فقد إمارةٍ يجتازها الهرم الكسيح في ليلةٍ ونهار
كلما التهبت نيرانه من السماء لتحرق تاريخنا وذاكرتنا وتراثنا حريقٌ يمكن إخماده، ويستحيل جبر ضرره، ذكر”باتريك سيل” في كتابه “الأسد الصراع على الشرق الأوسط” أن نسبة 80% من مدينة حلب العثمانية وحلب العصور الوسطى ظلت صامدة، بينما لم يبقَ من دمشق القديمة إلا 20%.
كما يصف في الصفحة “538″ من الكتاب نفسه سلوك النظام أثناء اقتحام مدينة حماه عام 1982، فبعد قصفٍ عنيف بدأت منازل عائلة الكيلاني القديمة الفخمة على ضفاف العاصي تتحطم بنيران القصف، وبعد اقتحام الجيش لحقت أعمال العنف والنهب بعشرات المساجد والكنائس والأماكن التذكارية والأثرية العريقة، بما فيها “قصر العظم” الشهير الذي يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر، وخلال شهر من القتال تقريباً دمر ثلث المدينة الداخلية التاريخية.
نخصص ملفنا اليوم لنسرد الجراح التي أصابت تاريخنا، جراحٌ لن تندمل بأفضل الحالات ستبقى ندوباً، ندوب في وجه البشرية التي تعثرت، ولم تفلح في الحفاظ على البشر أو الحجر، وبهذا الصدد فقد نشرت منظمة “غلوبال هيرتش فاند” قبل أيام أول تقرير عن وضع الآثار في سورية، أكّدت فيه تعرّض 3 مواقع مدرجة على لائحة التراث العالمي في شمال البلاد إلى التدمير، كما دُمّرت معالم مدينة حماه الأثرية وأحياؤها القديمة.
مع بدايات الثورة قامت رئاسة مجلس الوزراء في سورية بتوجيه كتاب إلى الوزارات والمديريات التابعة لها والمتضمن وحسب زعم السلطة الحاكمة بأن ثمة عصابات سوف تقوم بالدخول إلى البلد وتسرق الآثار والمتاحف والمخطوطات. الكتاب مؤرخ في السابع من شهر حزيران للعام 2011م. علماً أن المخطوطات السورية القديمة ذات القيمة التاريخية الكبيرة والنادرة موجودة في مركز الوثائق التاريخية بدمشق، وفي مكتبة “الأسد”، وفي مكتبة الجامع الأموي الكبير بدمشق وبعض المكتبات الوطنية في مدينة حلب. هذا الكتاب يشكل وثيقة خطيرة من قبل الحكومة، فهي تستبق الأحداث لتبرير ما ستقوم بفعله، ففي ما مضى لم يكونوا بحاجة لوثيقة كهذه لتبرير أفعالهم وتمريرها، فالآثار كانت تُسرق على مرأى السلطات المعنية من قبل رجال النظام، وخاصة رفعت الأسد، وكانت تُهرب الى خارج البلد في وضح النهار عن طريق مرفأه الخاص في مدينة اللاذقية، أما اليوم ومع تكاثر العصابات المسلحة المزعومة، والتي لا يتورع النظام على أن يلصق بها كل جرائم البشرية، باتت المواقع الأثرية مرتعاً للسرقة والتخريب.
القلاع الأثرية:
القلاع الأثرية وعلى رأسها “قلعة المضيق” التي تم تدمير أجزاء كبيرة منها من خلال عمليات القصف المباشر، والذي ركز على أبراج المراقبة في القلعة، كما أحدث القصف فتحات في الجدران، وقال نشطاء محليون إن قوات النظام نفذَت الهجوم، ثم نقلت الدبابات إلى القلعة على قمة التل. وأظهرت المشاهد التي تناقلتها مواقع التواصل الالكتروني لاحقاً جرافات تحفر جزءاً من الجدران لإنشاء مدخل. و”قلعة الكرك” والتي تعود أصولها إلى العام 1106، قصفت أيضاً من قِبل الجيش السوري وكما حُطم المصلى الصليبي القائم في داخلها. و”قلعة الحصن”، إحدى أفضل القلاع الصليبية المحافظ عليها في العالم، والتي كانت إحدى نفائس السياحة في سورية، لم تسلم أيضاً من القصف والحصار، كما احتلت القوات السورية قلعة “ابن معان” فوق مدينة “تدمر”حيث تمركزت الدبابات والآليات العسكرية في وادي القبور غربي المدينة القديمة. ونقلت مصادر أن الجيش النظامي قام بحفر خندق بين الآثار الرومانية هناك.
من جهة أخرى تم تحويل العديد من القلاع الأثرية إلى مناطق عسكرية، ومتاريس للقناصة والدبابات وتم تشويه العديد من خصائصها المعمارية بسبب دخول المجنزرات العسكرية إلى قلبها كقلعة المرقب، وقلعة حمص، وقلعة حماة، وسواها.
المدن المنسية:
1- المدن الميتة “أو المنسية مثل البارة، سرجيلا، دير سنبل، وعين لاروس” في شمال سورية في محافظة إدلب والمسجلة على لائحة التراث العالمي – اليونسكو في العام2011 تعرضت لأشكال مختلفة من التدمير يكاد أخطرها القصف المباشر على القبور والمغاور، كما اشتبك المنشقون مع كتائب الجيش النظامي داخل آثار إيبلا وحولها، وهي مدينة من العصر البرونزي، حيث اكتشف علماء الآثار في الستينيات كنزاً هائلاً من الرقم المسمارية التي أحدثت ثورة في فهمهم للشرق الأوسط القديم، كما قامت قوات الجيش النظامي السوري بحملة تمشيط بالذخيرة الحية للمغاور الأثرية في مدينة “كفر نُبُّل” القريبة من بلدة معرة النعمان في محافظة إدلب.
مدينة تدمر:
مدينة تدمر الأثرية، والمسجلة على لائحة التراث العالمي – اليونسكو في العام 1980. وهي المدينة الضاربة في التاريخ والتي تعد من أكبر المعالم السياحية بأروقتها الرومانية الشاهقة ومعبد الإله بعل الموجود فيها. طوقتها القوات الحكومية مع بلدة مجاورة وأقامت قاعدة عسكرية في قلعة تاريخية على قمة تل يطل على الموقع في عمق الصحراء المركزية السورية. إضافة إلى تمركز الدبابات وناقلات الجند في قلب المدينة الأثرية، وبخاصة في منطقة المقابر البرجية وحول أسوار المدينة.
التلال الأثرية:
التلال الأثرية، وعلى رأسها: تل خان شيخون، تل قرقور، تل آفس، تل الشيخ حمد، تل الأشعري، وتل حمو كار، تم الحفر العميق في بعض التلال الأثرية، وذلك لصنع ملاجئ للدبابات والمجنزرات العسكرية، ورُصدت هذه الحفريات في تل قرقور الأثري وتل خان شيخون في محافظة حماة، كما تمركزت الدبابات والمجنزرات العسكرية في حرم تل آفس الأثري التابع لمحافظة إدلب، أما في المحافظات الشرقية، فلم تكن التلال الأثرية أحسن حالاً ونذكر منها: الحسكة: تل حمو كار، والكثير من التلال المتاخمة للحدود السورية العراقية؛ دير الزور: تل العشارة، تل الشيخ حمد، حلبية وزلبيا، والعديد من المواقع الأثرية على ضفاف الفرات العائدة للفترات الكلاسيكية؛ الرقة: موقع سورا الأثري، موقع الرصافة، الشيخ حسن، وغيرها.
الأحياء القديمة في مدينتي حمص وحماة:
حيث تعرض قسم كبير من البيوت والأسواق والجوامع والكنائس التاريخية للقصف المباشر من قبل قوات الجيش السوري النظامي. ففي حمص قصفت المئذنة التاريخية لجامع كعب الأحبار، في حي باب دريب، وقصِف أيضاً الجامع التاريخي ورمز مدينة حمص جامع خالد بن الوليد، بالإضافة جامع النخلة وجامع مصطفى الحسيني ومسجد قاسم الأتاسي ومسجد كامل باشا وجامع القصير كما تم قصف الجامع الكبير في قلعة الحصن السرايا، وقصف دير القديس إليان الحمصي في مدينة القصير. كما تم تخريب كاتدرائية السيدة العذراء “كنيسة أم الزنار” في قلب مدينة حمص، والتي يعود تاريخ بنائها الأول للفترة البيزنطية المبكرة حيث بنيت تحت الأرض في عام 59 ميلادي. كما جرى قصف مباشر للسوق المسقوف القديم، أما في “حماه” فكان القصف مباشراً على حي الأربعين في حماة وبقايا المدينة التاريخية.
مدينة أفاميا:
يتعرض محيط مدينة أفاميا الأثرية لعمليات حفر سري أسفر عن سرقة لوحة فسيفساء نادرة وبعض التيجان في ساحة الأعمدة في قلب المدينة الأثرية. وهذه المنطقة الأثرية التي تتعرض لعمليات نهب منظم مسجلة على لائحة التراث العالمي في العام 1999 – اليونسكو.
المتاحف:
تصف “جوان فارتشاك” الخبيرة في الآثار اللبنانية وضع الآثار في سورية بـ”الكارثي”. وكانت فارتشاك قد قامت بالتحقيق في عمليات تدمير وسرقة الآثار العراقية بعد عام 2003، وساعدت متحف بغداد في الإبلاغ عن بعض القطع الأثرية المفقودة. وتضيف فارتشاك “إحدى المشاكل أنه لمدة عشر سنوات قبل الحرب أسس النظام السوري خمسة وعشرين متحفاً أثرياً في مختلف أنحاء البلاد لتشجيع السياحة ولضمان سلامة القطع الأثرية، والكثير من هذه القطع كان في الحدائق الخارجية للمتاحف بهدف إثبات مدى قدرة النظام على حماية هذه الآثار النادرة حتى وإن كانت غير محاطة بجدران، والآن متحف حمص قد سُرق ولا نعرف قد يكون سُرق من جانب كلا الطرفين الثوار والجيش النظامي. وتجار القطع الأثرية يقولون لي أن أسواق الأردن وتركيا ممتلئة بالقطع الأثرية من سورية”.
وقبل أشهر قليلة أعلنت السلطات السورية عن سرقة التمثال الذهبي الذي يعود إلى العام الثامن قبل الميلاد ويمثل الإله الآرامي، وحتى الآن لم يستطيعوا استرجاعه بالرغم من أنهم أبلغوا عنه في الانتربول، كما تم التبليغ عن سرقات لقطع أثرية من دير الزور والرقة ومعرة النعمان وقلعة جابر.
كما يعاني تراث سوريا وآثارها المحفوظة في المتاحف من خطر النهب المنظم وذلك بسبب ضعف الرقابة التي أدت إلى سرقة عدد من القطع الأثرية من داخل المتاحف الأثرية في وضح النهار، إضافة إلى عمليات الحفر السري في المواقع والتلال الأثرية وتهريب كنوز سوريا التاريخية. كما تعاني المقتنيات الأثرية في المتاحف السورية غياب عمليات الجرد والتوثيق المُتحفي لكافة القطع، وبالتالي فإنه سيكون من المستحيل تتبع أثر هذه المقتنيات في حال تعرضت للسرقة.
مدينة حلب:
لا تزال المعارك في حلب على أشدها، والقصف يحصد الأرواح والكنوز الثقافية، مع تعذر إحصاءها وقد أُدرجت مدينة حلب القديمة في قائمة التراث العالمي عام 1986. وترجع أسباب دمار بعض المباني الأثرية في حلب إلى اختباء أفراد من الجيش السوري الحر خلف الجدران السميكة للمباني الأثرية ومن جانبها لم تتردد القوات السورية في ضرب المباني التاريخية حيث تنتشر المئات من بقايا المدن الرومانية.
محافظة درعا:
المدينة الصغيرة الموجودة داخل بقايا الحضارة الرومانية “بصرى”، لم يشفع لها احتواؤها على أفضل مسرح روماني في العالم لتبقى منطقته بعيدة عن التدمير.. كذلك جامع الأم أياد في درة هو واحد من أقدم المساجد الإسلامية في سورية، والذي بناه الخليفة عمر بن الخطاب قد أصابه الدمار أيضاً. كما استهدفت الحكومة المسجد العمري في درعا، الذي بني أثناء الفتح الإسلامي لسورية في أيام الخليفة عمر بن الخطاب. ويقول نشطاء إن القوات الحكومية خربت المسجد عمداً وأخفت أسلحة في داخله لإثبات أن العصابات المسلحة كانت مختبئة هناك.
إضافةً لتل الأشعري وتل أم حوران في نوى، وترحيل حجارة من مواقع أثرية في قرية المتاعية، وهدم مبان أثرية في كل من طفس وداعل وفي البلدة القديمة في سحم الجولان وغيرها الكثير.
محافظة القنيطرة:
تعرضت المواقع الأثرية في محافظة القنيطرة، إلى تدمير وطمس واسع وذلك من خلال تمرير مشاريع بناء وغيرها من قبل بعض العاملين في الآثار والبلدية في المحافظة، وذلك بهدف الكسب غير المشروع، الخطر الكامن هنا يتمثل في نقل بعض الحجارة الأثرية لإعادة استخدامها في عمليات البناء، وبخاصة تلك المناطق التي تكون غالبية آثارها من الحجارة المشغولة والمصقولة.
محافظة دمشق وريفها:
من المتعذر الآن ضبط الخروقات والجرائم المرتكبة بحق التراث الإنساني الموزع، في متاحف دمشق، والمدينة القديمة لازالت بعيدةً عن النيران حتى كتابة ملفنا هذا، أما محافظة ريف دمشق، فهي محافظة شديدة التنوع، تتوزع مدنها وبلداتها بين آرامية، ورومانية، وإسلامية، ويرجع تاريخ بعضها إلى عهود الإنسان الأول، ونتيجةً للإهمال والتوسع العمراني غير المدروس، تعرضت نسبة كبيرة من آثارها للطمس، أما ما بقي منها وبالذات في الريف الدمشقي الأقرب للمدينة، فهو الآن تحت وطأة القصف بالأسلحة الثقيلة.
ولا بد من الإشارة إلى قيام بعض المسلحين باقتحام دير مار موسى الحبشي، بحثاً عن الأب “باولو” المسؤول عن الدير ومن المعلوم أن دير مار موسى الحبشي، يعود تاريخ بنائه وبحسب وثيقة سريانية إلى العام 575 ميلادي، حيث تذكر الوثيقة بأن الدير تم إنشاؤه على أنقاض حصن روماني، تم تحويله لاحقاً لكنيسة، أما آثار الدير الحالية فيعود تاريخها إلى القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، كما اخترقت قذيفة جدار دير سيدة صيدنايا، ونعلم بأن أساسات هذا الدير يعود تاريخ بنائها إلى فترة جوستينيان، الفترة البيزنطية المبكرة أي حوالي العام 547 بعد الميلاد.
على أية حال، لسنا هنا بصدد تحميل طرف كامل المسؤولية عما يحدث لتراثنا، وتبرئة الطرف الآخر، لكن الدولة مسؤولة مسؤولية تقصيرية على حماية كل أثر في سوريا مهما قل شأنه، ولا يجوز لها التذرع بالظرف الأمني وغيره من الأعذار، إذ يفترض أننا دولة مواجهة، يجب أن تتوافر لديها كل الخطط لحماية إرثنا الحضاري، كما أن الجيش السوري هو الذي يمتلك الدَّبابات والطَّائرات، أما خصمه فلا يملك ما يهدم قلعة أو قصراً أو كنيسة قديمة، وفي هذا الصدد، يقول “رودريجو مارتن” وهو عالم آثار إسباني قاد بعثات بحوث في الماضي في سوريا: “لدينا حقائق تبين أن الحكومة تعمل مباشرة ضد التراث التاريخي للبلاد”. ويضيف “إن كل حادثة تدمير تعد كحرق صفحة في كتاب تاريخ البشرية”.
الجهود الدولية المبذولة لحماية الآثار:
لعل الجهود الدولية لحماية الحجر في سورية، توازي الجهود الدولية في حماية البشر، والتي لا تتعدى الدعم المعنوي واللفظي، كما أن ما يحدث اليوم في سورية، رسالة واضحة لكل دول العالم، بعدم جدوى الجهود المبذولة لإضافة هذا الموقع أو ذاك للائحة التراث العالمي، هذه اللائحة التي لا تضفي على الموقع أي شكل من أشكال الحصانة.
وعلى صعيد الجهود اللفظية المبذولة، وجهت المديرة العامة لليونسكو “أرينا بوكوفا” نداءً جديداً لحماية مدينة حلب القديمة المدرجة في قائمة التراث العالمي، بعد تصاعد وتيرة أعمال العنف قرب المناطق الحضرية التاريخية في الجمهورية العربية السورية، وطالبت المديرة العامة لليونسكو جميع أطراف النزاع لحماية مواقع التراث الثقافي السوري بأشكالها المختلفة.
وقالت مديرة اليونسكو في بيان: “تشعر اليونسكو بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بوقوع مواجهات عنيفة في حلب، التي تمثل مدينتها القديمة أحد المواقع المدرجة في قائمة التراث العالمي. وحافظت هذه المدينة القديمة – التي احتلت موقعاً استراتيجياً على تقاطع طرق التجارة التاريخية بين الشرق والغرب – على تراث تاريخي استثنائي يبرز الثقافات المتنوعة للشعوب التي استقرت فيها على مدى الآلاف من السنين، ومنها الحثيون والآشوريون والإغريق والرومان والأمويون والأيوبيون والمغول والمماليك والعثمانيون.
وقد قامت اليونسكو في إطار الجهود التي تبذلها لتعبئة المجتمع الدولي من أجل حماية التراث الثقافي السوري بتنبيه المنظمة العالمية للجمارك والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول” والبلدان المجاورة للجمهورية العربية السورية إلى خطر الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية السورية.
واتصلت المديرة العامة أيضاً بالأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن للفت انتباه المبعوث الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي عنان إلى أهمية ضمان الالتزام بأحكام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية، وبخاصة اتفاقية لاهاي لعام 1954 بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح واتفاقية عام 1970 بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة.
وتجري اليونسكو اتصالات وثيقة مع المنسق المقيم للأمم المتحدة في دمشق بشأن الأوضاع الراهنة، كما دعت المديرة العامة جميع الأطراف إلى احترام وحماية التراث الثقافي العظيم للجمهورية العربية السورية، الذي يكسب الشعب السوري هويته وقدرته على الازدهار، وإلى الوفاء بما يقع على عاتقها من التزامات دولية في مجال الثقافة.
في الختام، نزل التراث والتاريخ بنداً في الفاتورة التي يدفعها الشعب السوري لنيل خلاصه، وبنداً في لائحة الاتهام للجاني…
آثار سوريا: تاريخنا… تحت رحمة النيران
- التفاصيل