زين العابدين بن غرم الله الغامدي
مــررت على الديـــــار ولا أريــــمُ
فقلـبي بعــدهــــــا أبــدًا سقيــــــــمُ
يــراودني الحنيـــــنُ لهــا ويهفـــو
لهـــا قلبي وتدهشني الكـــــــــرومُ
أطـــــوف بها وطافت ذكريــــــــاتٌ
بـــروحٍ كـــم تدثــــرهـا الهمــــــومُ
تدور بخــافقي من كل صــــــــــوبٍٍ
ويخفــــق هــــــزَّني القلبُ الحميـمُ
بـ(ميدان) و(غوطـــةَ) والـــــروابي
روابـيَ في (بلــــــودانٍ) القــــديــمُ
وعصفـــورٍ يغـــــرِّد في ربــــاهــــا
وقد قتلـــــوه مــا رحــــــــم الأثـيــــمُ
ليــــــالي العـــــز والأيــــــــــامُ تروي
روايـــــاتٍ وتحكيهـــــا الرســــــــومُ
سلوا بــــردى دمشق وســاكنيهــــــا
أهــبَّ على خمــــائلهــــــا النسـيـــــمُ
أطاف بهـــــا من الأحبــــــاب طيــفٌ
أغــرَّد صادحــاًً صــوتٌ رخيـــــــــــمُ
بكـى قلبي لـ(ســوريــَّا) استفــاقـــت
على قتـــــلٍ وشيــطـــــانٍٍ يحـــــــومُ
تحـــدرتِ الدمـــــــوعُ لحـــادثـــــاتٍ
بكى من ذكـــــرهـا حــــــــــرٌّ كريـــمُ
جفــــاني النـــوم ما نعست عيـــون
يــؤرق طــرفهــــا خطــبٌ جسيــــــمُ
أما في العـُـرْب من جيش انتصـــــارٍ
أمــا في العـُـرْب معتصـــمٌ عظيـــــمُ
فكــم من طفلـــةٍ تبكـــي وثـــــــارت
نســــاءٌ والعـــــراءُ لهـــــا أديــــــمُ
يُروِّعهـــا الخبـــيـــثُ بكــــل حيـــــنٍ
ويخطــــف طفلـــــة حيـــرى لئيـــــمُ
صـراخ الأرض ممــــا حـــلَّ فيهــــا
من الأشلاء تبكيـــهــــا التخـــــــــومُ
ويفزعني الرصـــــــاصُ يفـتُّ قلبــي
على طفـلٍ تقطـِّعــــه الخصــــــــــومُ
شكى من هول فاجعــــــةٍ ألـــــــوفٌ
مـلاييـنٌٌ يقتــلهـــــــا الـــــــرخـــــومُ
ستبكيها السمــــاءُ بكل دمــــــــــــعٍ
ويبكيهـــــا غــمـــــــــــامٌ مستـديـــم
بكى الأقصى الأسيـرُ شكـــت عــراقٌٌ
وفي أهوالهــــا خطـــــــبٌ جسيــــــمُ
وعــمَّ الأرض من حـــزنٍ غمـــــــامٌٌ
من الحرميـــن وارتعَـــــدَ الحطيـــــمُ
بـــدا بشــــارُ عن خـُـطَــبٍ كخَــطـْـبٍ
عقيــــــمُ الفكـــر، هل يلدُ العــقيــــــمُ
وملهِمُـــــهُ (المعلِّمُ) ليـــت شعـــــري
يعلِّم نفســــــه جهـِـــــل الحكيــــــــــمُ
خـــــذوا من كلِّ معتـــــــوهٍ وخــلـُّـــوا
(نديـــمَ الكفـر) يـــا بئـس النـــديــــمُ
بحمـص استـأســد الجـــــــرذان حتى
بغــوا وتجبــَّر البــــاغي الخصيــــــمُ
ألا ويــــلٌ لكــــل العـــُــــــرْب ويــــلٌ
لمعتصــــم ٍ ينـــــــــــام ولا يقــــــوم
سلــــــوا بالأمس معتصمــــًا وقولوا
أكنت تنــــــام والبلـــــوى تقـــــــومُ
فلو أبصرت قومـــًا في حمــــــاهـــا
همـــــوا رمـــز الخيــــانة والرجيـمُ
ستلعنهم رؤى التــــاريخ دهــــــــرًا
ويكتب خزيهـــم أثـــــرٌ مقـــــيـــــمٌ
تدور رحى الجهــــــاد مع المنايــــا
ويندمُ خــائـــــنٌ خِــــبٌّ غـــريـــــــمُ
إلى ملك الملـــوك غدًا سنشـــــكــــو
وعنــــد الله تجتمعُ الخصــــــــــومُ
شهـــيدٌ قائـــــدٌ ويليــــــــه شبــــــلٌ
لدى الرحمـــن كم يحلو القـــــدوم
أ(محي الدينِ) (قاسيونٍ) (حرستا)
و(ركن الدِّين) يا (دومـا) تــــــدومُ
بـ(درعا) النصــر وانتفضت وقـالت
هنا أرض الجهـــــاد هنا الزعيــــمُ
وفي حمــص الحبـيبـة ذكريـــــاتٌ
وفي (حلبٍ) (حمـاةَ) وكم أهيــــمُ
أهيـــمُ على الـــروابي والليــــالي
يؤرخ عزَّهـــــا النصــرُ العظيــــمُ
ويطـربني شبـــــاب مظـاهـــراتٍ
بـلا خـــوفٍ على نغـــمٍ تقيـــــــمُ
تغني في الصفــــــوف وثمَّ قتـلى
شهـيـــدٌ إثــرَهُ غيــثٌ عميــــــــمُ
يسطِّــــر بالشهـــــادة ألفَ معنًى
وتكتبـــه المــلائـــك والـــرقيــــمُ
تــزفُّ له بضــوء الفجر بشــرى
بحور العين، والخلــدُ النعيــــــمُ