نور الجولاني
لم ينشف بعد حبر فسيفساء الحرية التي رسمتها أنامل أطفال درعا على جدران مدارسهم، فثورة السوريين بدأت بأيقونة الطفولة تجسيداً لنقاوة مبتداها، واستمرت رغم ما نال تلك الطفولة من أحداث جعلتها تصطبغ شيباً في بحر أهوال هذه الثورة.
لا يخفى على أحد حجم معاناة أطفال سورية في خضم الحرب التي يشنها نظام بشار الأسد على شعبه، هذه الحرب التي اتخذت منحى انتقامي حصد من أرواح أولئك الأطفال الكثير، ربما أكثر مما حصدته أحداث أخرى قياساً إلى عامل الزمن.
فخلف تلك الأجساد الغضة يتوارى جبن آلة القتل العسكرية التي لم تتورع يوماً عن استخدام تلك الأجساد كدروع بشرية، غدت الأداة الميدانية لبسط قوات بشار الأسد سيطرتها على المناطق، لأنها تعلم أنه لن يجنبها نيران الجيش الحر إلا صدور المدنيين الآمنين.
وكثيرة هي الوثائق التي تثبت تورط نظام بشار الأسد في استخدام الأطفال كدروع بشرية على خطوط النار الأمامية، ضارباً بعرض الحائط المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
إحدى هذه الوثائق هو تقرير صادر عن الأمم المتحدة بشأن استهداف الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة حول العالم، حيث انتقد هذا التقرير استخدام القوات الحكومية السورية الأطفال كدروع بشرية فى المعارك الدائرة حالياً فى البلاد.
وقال التقرير الذي استند إلى أقوال عشرات الشهود: “يتم اقتياد الأطفال والبنات من سن ثماني سنوات إلى 13 سنة قسراً من منازلهم ليستخدمهم الجنود كدروع بشرية، حيث يضعونهم في مقدمة أو على نوافذ الحافلات التي تنقل الجنود لدى توجههم لاقتحام المناطق المضطربة”.
وتحدث التقرير عن الهجوم الذي شنته قوات الأسد على بلدة عين لاروز في إدلب يوم 9 مارس/آذار الماضي. وأشار إلى أن العسكريين أخذوا عدداً من الأطفال من المباني ووضعوهم في الحافلات خلال عملية اقتحام البلدة.
إلى ذلك فقد أوضحت المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الأطفال فى مناطق النزاع المسلح “راديكا كوماراسوامي” في هذا التقرير الخاص والذي نشر يوم الاثنين 11/حزيران “أن الاتهامات الموجهة إلى القوات السورية تتضمن إجبار أطفال على اعتلاء الآليات العسكرية الحكومية لمنع قوات المعارضة المسلحة من شن هجمات عليها”.
وأشارت كوماراسوامي إلى أنه “في معظم الحالات التي رُصدت، كان الأطفال ضمن ضحايا المعارك التي تخوضها القوات الحكومية وقوات موالية لها أو يطلق عليهم “الشبيحة” ضد المعارضة وبخاصة الجيش السوري الحر”.
ووضع التقرير الذي يصدر سنوياً قوات بشار الأسد و”الشبيحة” ضمن قائمة سوداء تضم 52 اسماً لحكومة أو جماعة مسلحة تستخدم الأطفال وتستغلهم في الصراعات المسلحة.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون” قد أعلن أن المنظمة الدولية تلقت تقارير بوقوع “انتهاكات خطيرة” ضد الأطفال في سوريا منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد نظام بشار الأسد في مارس/آذار العام الماضي.
ومن المفارقة هنا ما ذكره مندوب نظام بشار الأسد لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف في كلمة ألقاها خلال جلسة لمجلس حقوق الإنسان لبحث تقرير عن مجزرة الحولة عن “استخدام المجموعات الإرهابية المسلحة للأطفال كدروع بشرية وقيامهم بعمليات خطف الأطفال لاستخدامهم للضغط على أهلهم”. وحقيقة فإن دل هذا على شيء فهو يجلي إصابة نظام بشار الأسد بالتوحد الإرادي.
على أية الحال لم يتوقف إجرام هذا النظام على استخدام الأطفال كدروع بشرية، بل تعداه كما ذكر التقرير السابق إلى “أن أطفالاً قد تصل أعمارهم إلى 9 سنوات كانوا عرضة للتعذيب والاعتقال والعنف الجنسي في سورية”.
كل ذلك يشير إلى إفلاس نظام بشار الأسد، ويؤكد من جديد بأن الثورة السورية هي ثورة فريدة بكل المقاييس، و بأنه ورغم كل الإجرام والترهيب الذي يمارسه هذا النظام فإن جيلاً جديداً وليد الثورة هو من سيقود مستقبل سورية، مستقبل رسمت ملامحه أنامل خطت طريق الحرية وهي ذاتها من سيرفع شارة النصر.


كُتب يوم 2012/12/12 بواسطة Abdulrhman Aseri

JoomShaper