بدرالدين حسن قربي
ابتداءً، فإن حصر إجرام النظام الأسدي وجرائمه على الإنسان والعمران أمر ليس سهلاً، ولكنّا نختار بعض الأرقام علاماتٍ تأخذ بنا إلى فظائع هذه الجرائم، وكبائر هذا التوحش، وعظائم هذا الدمار.  فالأرقام حقائق تأخذ بيد أصحاب البصر والبصيرة، وتُريهم بعين اليقين مافعله تتار العصر ومغوله في سوريا.
بلغ إجمالي عدد شهداء الثورة السورية الموثقين والمسجلين خلال 658 يوماً أي من البداية حتى يوم الاثنين نهاية عام 2012 اثنان وخمسون ألفاً وثلاثمئة (52300) منهم أربعة آلاف طفل، ومثلهم نساء.  نصف هذا العدد وهو ست وعشرون ألفاً ومئة وخمسون (26150) منهم ألفا طفل ومثلهم نساء، كان حصيلة سبعة عشر شهراً، أي حتى اليوم 523 للثورة.  أما إذا أردنا توزيع العدد الإجمالي للشهداء إلى ثلاثة فترات اعتماداً على الأعداد ومعدلات القتل، فهو خمسة آلاف وستمئة ( 5600 ) خلال الفترة الأولى التي هي 292 يوم من بداية الثورة حتى نهاية عام 2011، أي بمعدل 19 قتيلاً يومياً. وعشرون ألفاً وستمئة (20600) خلال الفترة الثانية التي هي 231 يوم من بداية 2012 ولغاية 18 آب، أي بمعدل 90 قتيلاً كل يوم، ثم ست وعشرون ألفاً ومئة (26100) خلال الفترة الثالثة التي هي المئة والخمسة وثلاثين يوماً الأخيرة من 19 آب ولغاية عام 2012 أي بمعدل 193 قتيل يومياً.
إن أعداد القتلى ومعدلات القتل المذكورة سابقاُ، تشير إلى حجمٍ في إجرام النظام الأسدي لامثيل له، لم يوفر طفلاً ولا امرأةً ولا مدنيّاً، وتؤشر إلى أن الجزّار رفع وتيرة القتل إلى خمسة أضعاف في المرحلة الثانية، وإلى عشرة أضعاف في المرحلة الثالثة لقناعةٍ راسخةٍ ودائمةٍ ومنسجمةٍ مع تركيبته الدموية، أنه بتوحش القتل وفظاعة الإجرام يصل إلى غاياته، وهو منطق الصلف والعجرفة والطغيان الذي أرداه وأوصله موارد الهلاك وإنْ مازال يُعاكس ويُشاكس وقد اقتربت ساعته، ويُراوغ ويواقح وقد دنا يومه، فلكل طاغية أجل، ولكل ظالم نهاية، وإن أجل الله لآت، فويل يومئذ للمجرمين الذين يواجهون نداءات الحرية والكرامة لشعبهم بالموت وسفك الدماء.
وأخيراً، ومع هذه الأرقام ومافيها من مؤشرات الإجرام فضلاً عن أرقام لعشرات الآلاف من المفقودين وأضعاف أضعافهم من المعتقلين ومئات الألوف من اللاجئين، وملايين المشردين والنازجين داخل سوريا وخارجها مما لايمكن استيعابه من أرقام كارثية، فإنني أستدعي كلاماً آخر مهماً داعماً لنظام فاشي سفّاح متوحش، قاله الشيخ البوطي في خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان الماضي: إني أعتقد أنه ليس في العالم كله بلد تُطبّق الإسلام بحقيقته وجوهره وتعاليمه الكريمة وتسامحه كما تطبقها اليوم الدولة السورية بارك الله بقيادتها وشعبها.  وأضيف عليه أيضاً كلاماً آخر قاله في خطبة له منذ عشرة أيام يمتدح فيها جيش النظام القاتل بما مفاده: جيشنا القائم ولله الحمد على تنفيذ ما ينبغي أن يُنفَّذ، وإننا لنخجل من الله أن نكون جالسين في بيوتنا ننظر إلى جهود هؤلاء الأبطال ونحن جالسون لا نفعل شيئاً.  واللهِ ليس بين أفراد هذا الجيش وبين أن يكونوا في رتبة أصحاب رسول الله إلا أن يَرْعَوا حق الله في أنفسهم وأن يُقْبِلوا إلى الله وهم تائبون وهم ملتزمون بأمر الله جهد استطاعتهم لا أقول أكثر.  نستدعي كلام الشيخ ثم نتساءل: إذا كان، مع كل ما ذكرنا من أرقام ودلالات، هذا حال السوريين مع تطبيق الإسلام وتعاليمه من قبل الدولة، ومع جيش قاتلٍ لهم يقترب كثيراً ليكون في رتبة أصحاب رسول الله، فكيف سيكون حالهم والعياذ بالله لو لم تكن الدولة مُطبّقة للإسلام وغير ملتزمة بتعاليمه وسماحته، ولو لم يكن جيشه أمناً وشبّيحة قريباً من مرتبة الصحب الكرام..!!


JoomShaper