جواهر سوريا
تنتظر أم خليل محتضنة طفلها ذا العامين أمام مدخل خيمة للانتظار في مخيم الزعتري، مجيء الممرضة التي تطلب المرضى الذين ينتظرون دور الكشف عليهم بالاسم، كي لا يحدث تكدس داخل العيادة، بينما يدها تحنو على رأس أحمد طفلها الصغير بلمسات خفيفة لعلها توقف بكاءه المتواصل.في خيمة الانتظار المنصوبة بجوار مجموعة من الكرافانات حيث يعمل بداخلها عدة أطباء وممرضين، تصدح أم خليل مرددة بصوت عال: «فقدت منزلي في درعا جراء قذيفة دبابة ولا أريد أن أفقد ابني أحمد».
أحمد يعاني منذ أيام من سعال شديد جراء الغبار في ساعات النهار والبرد القارس في الليل، وتقول أمه «أراجع باستمرار العيادات الطبية لأن ابني أصيب فجأة بمرض في صدره نتيجة البرد ورحلتي من درعا إلى مخيم الزعتري.. لكن الأمر بات أكثر مأساوية خلال الأيام الماضية».
وتضيف: «كغيرنا من أبناء درعا قررنا الخروج تهريبا عبر الحدود خوفا من القصف مع زوجي وأبنائي الثلاثة قبل ما يقارب الشهور الستة وبعد عناء حضرنا إلى هذا المخيم، حيث كنا نتوقع أننا سنلقى رعاية أفضل لأبنائنا».
وتتابع: «لكن نتيجة السفر على الأقدام والمبيت في هذا المخيم في ظروف غير صحية إضافة إلى عدم توفر تدفئة تعرض أبنائي إلى التهابات في الصدر تطورت إلى مرض مزمن وأصبح ابني دائم السعال والتعب».
بعد أن كانت تخشى القصف الذي دمر الحي الذي تسكنه في سوريا، أصبح الغبار والبرد القارس هو أكبر ما تخشاه أم خليل وطفلها، خصوصا في ظل نقص الرعاية والخدمات الصحية التي تقدم داخل المخيم.
وهنا تضيف قائلة «لقد باتت حياة الأمهات السوريات داخل المخيم أشبه بالمطحنة، ننام ونحن نخشى أن تدهمنا المياه ليلا، ونقضي نهارنا بحثا عن الغذاء والماء، وحماية أطفالنا من البرد، والتنقل بين مكاتب الجهات الإغاثية في المخيم لجلب حليب الأطفال والذي لا يكفي أيضا».
معاناة هذه الأم ليست الوحيدة بل هي حال الكثير من اللاجئين في المخيم الذين نزحوا من ديارهم نتيجة تدمير جيش النظام السوري منازلهم في درعا أو حمص أو ريف دمشق، فأصبح خيار ترك الوطن رغم صعوبته هو الأفضل.
وتختتم أم خليل حديثها بالدعاء لسوريا بالفرج كي تعود إلى أرض الوطن هي وأبناؤها وتعيد بناء منزلها المدمر، وكذلك تعيد بناء حياتها وكرامة أسرتها التي تهاوت في أرجاء «الزعتري».
«الشرق الأوسط»
أم سورية في مخيم الزعتري: جهاد يومي لتأمين حليب الأطفال
- التفاصيل