أم جوزيف.. أم أحمد.. وبشرى.. إلخ!
- التفاصيل
محمد أبو رمان
“أم جوزيف” هي سعاد الغياري، ذات الأربعين عاماً؛ تقاتل في ريف إدلب مع الثوار السوريين، وهم من أطلق عليها هذا اللقب تيمّناً بشخصية أم جوزيف في مسلسل باب الحارة الشهير، والتي كانت تدعم الثوار ضد الاحتلال الفرنسي.
تتمركز أم جوزيف في قاعدتها الجديدة في بلدة أبو الظهور قرب إدلب، وهي تحمل قنبلتين ورشاش كلاشنكوف، وتلف حول رأسها وعنقها كوفية حمراء، عادة ما يضعها بعض الرجال على رؤوسهم، أو تضعها بعض النسوة الريفيات على رؤوسهن أثناء العمل في الحقول.
“أم أحمد” لقّبها السوريون بخنساء سورية، لأنّ ثلاثة من أبنائها استشهدوا في الثورة، فيما التحق أربعة من أبناء أبنائها الشهداء بالجيش الحرّ، وتعرّضت هي نفسها لرصاصات الشبيحة وهم يبحثون عن أبنائها.
أما بشرى، فهي امرأة سورية أطلقت عليها المنظمات الدولية لقب “اللاجئة المليون”، كما في أرقامهم وإحصاءاتهم. وهي شابة متزوجة من حمص، لجأت إلى طرابلس لبنان لتهرب بطفليها الصغيرين بعدما باعت كل ما تملك من ذهب، وتركت منزلها خوفاً من تعرّضها للاغتصاب على يد “الشبيحة”، وفقدت الاتصال بزوجها (فأصبح مجهول المصير)، ورأت منزلها وهو يحترق.
تعيش بشرى حالياً مع أقرباء زوجها من عائلات بعشرات الأفراد في منزل متواضع، لا تتجاوز مساحته 100 متر مربع، بدون تهوية ولا أي شروط صحيّة، وقد بدأ طفلها الصغير يعاني من أمراض صحيّة خطرة!
صحيح أنّ قصتها مأساوية ومحزنة، لكنّها أفضل حالاً بكثير من النساء والفتيات اللواتي تعرّضن للاغتصاب والقتل من قبل شبيحة النظام، وأفضل من مصير قرابة 5 آلاف امرأة في سجون ومعتقلات ذاك النظام، ومئات النساء المفقودات. وآلاف النساء يعانين مما هو أسوأ من الأذى الشخصي؛ فإمّا أنّهن فقدن أطفالهن، أو أنّ أطفالهن الصغار في السجون والمعتقلات؛ إذ تشير أرقام منظمات حقوقية إلى أنّ هناك بحدود 9 آلاف طفل سوري في السجون!
يقول أحمد أبا زيد على حائطه الإلكتروني: “الممرّضة التي كانت في قلب الاشتباك تصرخ بغضب على من ينسحبون بالذخيرة بالرجوع قبل أن يخسروا الجبهة.. المرأة التي تقدّمت بحياتها لتسحب جسد جارها الشهيد بينما يضرب القنّاص عليها حتى استنقذته.. الشابة التي تسلّلت بين الغابات حتى أوصلت تبرّعاً معها للثوار في مدينة أخرى.. السيدة التي كانت تهجم على الأمن وتشتمهم حتى تسحب الشباب المعتقلين واحداً واحداً.. الطفلة التي نظرت بغضب إلى من يفتشون البيت وقالت لهم بنزق إنّها تكره الرئيس.. خمسٌ أعرفهنّ… من بين آلاف.. هذه هي المرأة التي تستحقّ الاحتفال، لا لتكون قصّة تروى في يوم المرأة.. وإنّما قدوةً في كلّ يوم للشمس.. هؤلاء فقط”. نستذكر هذه النماذج في يوم المرأة العالمي، لنقول بأنّ المرأة السورية هي من تستحق الاحتفاء والفخر والاحتفال، وأن نطلق على هذا اليوم في هذا العام اسم “اليوم العالمي للمرأة السورية”، وهي من كرّمها الثوّار أنفسهم يوم الجمعة الماضي، بأن أطلقوا عليه اسم “جمعة المرأة السورية الثائرة”.
في هذا اليوم، نتوجه إلى آلاف السوريات في المعتقلات، ومثلهن من تعرّضن للتعذيب، ومن في اللجوء؛ إلى البنات والزوجات والأمهات، وإلى الشهيدات، وإلى الصور المشرقة في الإعلام والفن والأدب؛ فدوى سليمان وسمر يزبك وريما فليحان وطل الملوحي وملايين النساء السوريات أمثالهن: أنتن وحدكن من يحق له الاحتفال بيوم المرأة، لأنّكن حققتن نصراً تاريخياً وإنسانياً كبيراً، بالتضحية والصبر والوفاء والبطولة من أجل الحرية، فكم من ملحمة سطرتن، سيسجّلها التاريخ بأحرف من نور!