دموع أطفال سوريا
- التفاصيل
صلاح الدباس
الطغاة على مر التاريخ يبدأون نهاياتهم بالخروج أولا من الزمن وافتقاد الحس الإنساني والشعور بالآم ومتاعب مواطنيهم، ولذلك تفسيره السيكولوجي، غير أننا في السياق السياسي ومن خلال تجربة الرئيس بشار الأسد نصل إلى استخلاص منطقي بأنه بالفعل أصبح خارج الزمن فهو يطالب بتسمية 70 ألف قتيل سوري ماتوا بسبب هجماته الوحشية على المدن والأحياء والأرياف ولم يسلم من ذلك طفل صغير أو امرأة أو عجوز تتكئ على عصاة كان يفترض أن تتكئ على رئيس يوفر لها الأمن والأمان والاستقرار.
حين يطالب الأسد الصغير بتسمية 70 ألف شهيد فإنه في الواقع يستهتر بالمأساة والألم الذي يعيشه الشعب السوري، ويؤكد أنه لم يعد يمتلك حسا إنسانيا يرتفع إلى المستوى البشري الذي يجعله يعبر بلغة سياسية منطقية عن أعمال القتل اليومي التي يقوم بها جيشه ومليشياته في المدن والأحياء السورية، حين يفقد الرئيس حسه الأخلاقي ويصبح على هذا النحو السلبي من الكياسة والفطنة والهذيان واللامعقولية التي تجعله يطلب تسمية الشهداء.
حسنا، إنهم مواطنون سوريون شرفاء قضوا بالضربات الجوية والصاروخية والرصاص والقنابل والحرائق التي أشعلها جيشك دون رحمة أو خلق عربي مزعوم أو ديني أو عرف إنساني، إنهم زيد وعبيد وباسم وبسمة وصقر وحازم ورغد وسعد وسعيد ونور وجمال وألم وأمل، إنهم تلك السرادق المكتومة في جوف الوطن والشعب لأن طائراتك ودباباتك والقناصة لم يسمحوا بإقامتها لتلقي العزاء، إنهم تلك القوائم التي تشردت في البلاد المجاورة بحثا عن الأمان الذي فقدته في وطنها بعد أن جردت شعبك من نعمة الأمن والاستقرار.
ماذا تفيدك الأسماء؟ وهل ستوقف المجازر أو تعيد الابن الشهيد لأمه الثكلى أو الزوج للأرملة؟ أو الطمأنينة للحرائر اللاتي تشردن وأصبحن عرضة لانتهاك الأعراض؟ ذلك ليس سوى حديث الطغاة الذين عميت بصيرتهم وانسد الأفق أمامهم لرؤية المشهد والصورة الكلية لحال الشعب، وهي أسوأ من طلب تسمية الشهداء، إنهم في الواقع في ذمة الرئيس الذي لا يحس أو يشعر، إنها أمانة كانت في عنق من خانها وأهدرها وتبلّد حسه وعقله ولم يعد تعني له دموع الأطفال ومناظر موتهم تحت الأنقاض أو الرصاص يخترق أجسادهم أي شيء ولم يعد من مناص سوى الرحيل ولا شيء غيره.