الثورة تدفع بنساء سوريا للواجهة
- التفاصيل
الجزيرة نت-خاص
في الوقت الذي احتفى فيه العالم في 8 مارس/آذار الجاري بالمرأة احتراما لمكانتها ودورها، رأى كثير من الناشطين السوريين أن المرأة السورية تستحق تسمية ذلك اليوم باسمها تكريما لها ولمعاناتها.
وتعيش المرأة السورية ظروف الحرب القاسية وتتعرض لشتى أنواع الانتهاكات من قتل واعتقال واختطاف واغتصاب.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد نشرت مؤخرا أسماء 4250 أنثى قتلن منذ بداية الثورة منهن 1362 طفلة بينهن 102 رضيعة دون السنتين و20 حالة قضت تحت التعذيب، إضافة إلى أن النساء يشكلن نسبة عالية من أعداد اللاجئين الفارين من العنف في البلاد.
في المناطق المتوترة التي يسود فيها القتال منذ وقت طويل يتولى الرجال عادة تسيير الشؤون العامة، وفي ريف دمشق يستغرب البعض من وجود سيدة تشارك الرجال في مجال الإدارة المدنية، وقالت الناشطة التي تعمل تحت اسم سما للجزيرة نت إنها تواجه صعوبات كبيرة في هذا الشأن كونها المرأة الوحيدة التي تنشط ضمن مجموعة كل أفرادها من الرجال.
"في البداية عارضت أسرتي التي اعتقل عدد من أفرادها هذا النشاط خوفا عليّ رغم أن عائلتي ذات توجهات معارضة للنظام قبل الثورة، لكني تمكنت من إقناعهم مع الوقت ووقفوا إلى جانبي".
وكانت سما تعمل على تصوير المظاهرات والاقتحامات التي تعرضت لها مدينتها وساهمت في تأسيس مشفى ميداني وتأمين المستلزمات الطبية للريف وكذلك التخطيط للإدارة المدنية في المنطقة.
وقالت سما "قابلتني الكثير من المعارضة إزاء تحدثي لوسائل الإعلام لأني امرأة وكذلك التشكيك بقدرتي على اتخاذ القرارات الصحيحة".
أم جعفر مقاتلة ضمن صفوف الجيش السوري الحر (رويترز)
مشاركة بالثورة
وأوضحت أنها قابلت العديد من النساء والشابات اللاتي يرغبن في الانضمام إليها، وبيّنت أن هذه الظروف الاستثنائية أثناء الحرب والقتال أبعدتهن عن العمل، وتعتقد أن الأمر يحتاج لبعض الوقت ريثما يتأقلم الناس على أوضاعهم الجديدة.
أم وسام هي إحدى السيدات اللاتي شاركن في الثورة باكرا وتطمح لأن تنضم إلى المجلس المحلي الذي تأسس مؤخرا في مدينتها دوما، حيث تتابع باهتمام نتائج المناقشات والقرارات التي تتخذ في اجتماعاته الأسبوعية.
وكانت الجزيرة نت قد قابلت أم وسام في وقت سابق وتحدثت عن تجربتها في الخروج إلى التظاهر والاعتصام ضمن بيئة تتسم بنوع من التحفظ تجاه المرأة، إذ كانت هي وسيدة أخرى الوحيدتين في أول مظاهرة شهدتها دوما في مارس/آذار 2011.
قالت أم وسام إنها وعلى غير عادتها حضرت صلاة الجمعة في المسجد الكبير وتلكأت في الخروج إلى أن سمعت أصوات التكبير في الخارج "كانت تسود حالة من التوتر وبدأ الرجال يحاولون إبلاغ النساء الخارجات من المسجد بالعودة إلى بيوتهن، لكني تذرعت بأني أبحث عن ابني وكذلك فعلت سيدة أخرى وتوجهنا إلى الساحة حيث تجمع المتظاهرون وشعرت بشيء من الإحراج إزاء عدم وجود نساء يومها، لكن في أوقات لاحقة أصبحت هناك تظاهرات كاملة تخرج فيها النساء".
وتحتفظ أم وسام بدفتر دونت فيه مذكرات لتظاهرات ووقفات احتجاجية ومطالبات بإطلاق معتقلات من المدينة ومنهن فاتن رجوب، وكذلك محاولاتهن منع رجال الأمن من اعتقال بعض الشبان، ولم تنس الأوقات التي كانت تضطر فيها للركض هربا منهم، وقالت إنها تعرضت لضربة بعصا رجل أمن عند اقتحامهم لتظاهرة، وكن أحيانا يلجأن إلى بيوت مجاورة للاختباء داخلها عند انتشار الأمن.
في حين أن ابنتها خولة ذات الـ16 عاما خضعت لدورات في الإسعاف والتمريض وتعتقد أن أفضل ما يمكنها تقديمه هو علاج المصابين في مدينتها التي تتعرض للقصف اليومي منذ شهور، بينما تطوعت جامعيات أخريات لتعليم التلاميذ المهددين بخسارة مستقبلهم التعليمي بعد أن أغلقت المدارس الحكومية أبوابها.
وكما في كل حرب تتسم أوضاع النساء فيها بمزيد من التعقيد والتقييد حيث ينعدم الأمان وتنتشر الفوضى.