بقلم سهير الشام
رسالة وصلتني على الفيس بوك من إحدى حرائر الشام (تبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عاماً) تقول لي فيها:
( من أجل وطني وأبناء وطني أردتها خالصة لله تعالى فطلبتُ أن يكون مهري كفالة كاملة لعائلة شهيد لمدة عام، وتم الأمر والحمد لله مع وعد من العريس بأن يزيد على العام….
أسأل الله أن يعينني على الاستمرار في فعل أي شيء حتى تلتئم جراح سوريتي
آمل أن أكون ممن سنَّ سنَّة حسنة أؤجر على كل من عمل عليها
آمل أن تكون هذه الخطوة بداية خير لبلدي وأسرتي
ولا أنسى وصية الحبيب المصطفى: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه )، وأظن أن الدين والخلق يكفي لبناء وطني، كما لا أنسى قوله صلى الله عليه وسلم : (أقلكم مهراً أكثركم بركة )
فكيف بمن زرع ذلك المهر في أرض الشام المباركة!! بإذن الله لن ينبت إلا الخير والحب والبناء ولن نحصد إلا الاعتياد على العطاء )
شكرتها من قلبي على هذه المبادرة ودعوت لها بالتوفيق والسداد، فكان مما قالته لي في تلك المحادثة:
أنا حابة توصل الفكرة لكل أهل الشام لكل بنت تاجر… تعرف أنو بتقدر تقدم كتير لبلدها بتقدر تطلب مهرها يكون كفالة عيلة محتاجة، أو مداواة مصاب، أو تأمين سكن لعائلة نازحة
بدنا نحيي بلدنا
الله بيعلم مقدار الإخلاص يلي بداخلي بس لو كتمت هاد الشي مارح يتحقق المراد من الفكرة
الله يجعلنا مفاتيح للخير
الله يبارك بباقي البنات ويكون عنا إبداعات أكتر بالأيام الجاية، ونكون ممن سنَّ سنَّة حسنة في تغيير عقول الفتيات والأمهات في مشروع الزواج.. انتهى
كلمات صادقة جعلتني أكثر يقيناً بالنصر.. وأكثر يقيناً أن سنَّة التغيير التي وعد الله بها عباده الذين يغيِّرون ما بأنفسهم لا محالة كائنة في مجتمعنا وأرضنا وبلدنا…
كلماتٌ رأيت فيها جدران العجز تتحطم، وحجب اليأس تتبدَّد على أقدام فتاة أيقنت أن باستطاعتها عمل شيء، وأنها بعملها تفتح باباً لفكرة تنشرها لعلها تبدأ حياتها ببسمات تزرعها في قلوب مكلومة، أو جراح تضمدها في أجساد مقهورة، أو أمل تبعثه في أرواح محزونة…
موقف يعيد مؤشر الزمن إلى قصص حفل بها تاريخنا، وظننا ذات ماض غلبنا فيه اليأس والعجز أنها لن تتكرر، وأنها ستبقى قصصاً حبيسة التاريخ دون أن نتخيل أن تطل علينا مع نسمات ربيعية لتسطر بنبلها وسموها سيرة أسماء ر رضي الله عنها عندما خرج الصديق والدها بماله كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستنكر عليه والده أبو قحافة فعله وقال: واللَّه قد فجعكم بمالِه مع نَفسه! فأجابته بكبرياء وثقة بما عند الله: كلا يا أبتِ! قد ترك لنا خيراً كثيراً…
نعم أيتها السورية الحرة…
لقد تركتِ من مهرك خيراً كثيراً… خيراً يتجاوزك ليترك بصمة نور في جبين مجتمعٍ تحملين همَّ نجدته وإنقاذه وســـنِّ سنة حسنة فيه…
لقد تركتِ من مهرك خيراً كثيراً إذ قدمتِ بين يدي حياتك الجديدة حياةً أخرى تهبينها للناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً
إليك أيتها السوريَّـــة الحرة: يا من تفتحتِ مع ربيع الحرية، لا غرابة في كرمك ووفائك وصبرك وإنجازك فأنت بنت هذه الأرض.. بل كلاكما واحد…
كلاكما تحملان الاسم نفسه: فكلاكما ( ســـــــــــوريَّــــــة )

بقلم سهير الشام

خاص بموقع مختارات من الثورة السورية

JoomShaper