لها أون لاين
هناك نوع ناعم من الثورة المضادة للثورة السورية، يتحرك بوعي وإصرار شديدين في العديد من البلاد العربية، ويصادم إرادة الشعب السوري في التحرر من الظلم، وذلك بمحاولة تجميل صورة الشبيحة الذين يقتلون العزل من الأطفال والنساء والشيوخ، ويحطمون مآذن المساجد، ويتلفون الزروع والضروع!
هذه الثورة المضادة يقودها إعلاميون ومثقفون من بقايا الأنظمة الهالكة في مصر وتونس وليبيا، بتكريس صورة سلبية عن المجاهدين، ووصفهم بالإرهابيين، وأنهم من يقومون بعمليات القتل المنظمة، ليس هذا فحسب، بل ويتهمونهم بالتنسيق مع حزب الله لإسقاط النظام السوري، وبسط التشيع في المنطقة العربية!
ولأن كانت الثورات العربية في دول الربيع العربي واجهت الدولة العميقة في داخلها، كل بلد بحسب ظروفه، وحسب طبيعته السياسية، فإن الشعب السوري يواجه ـ إضافة للنظام الحالي ـ كل الدول العميقة في هذه البلاد، التي تسعى لفرض طوق من الحماية للنظام السوري المتجبر، وذلك ببث صور مغلوطة عن الثورة والثوار، واتهامهم في أعراضهم بترويج فكرة زواج المتعة وغيرها من طرق الزواج المنتشرة عند الروافض، بدعوى أنها منتشرة بين الثوار السوريين!!
ليس هذا فحسب؛ بل هناك الكثير من التهم الممنهجة التي تنفر الشارع العربي من الثوار السوريين، وذلك بتنظيم الوقفات المؤيدة للنظام السوري، وكأن هؤلاء ـ المنتمين للدول العميقة ـ يحاولون الانقلاب على الثورة في بلادهم، عبر تأييد النظام السوري الذي أوشك على الزوال بمشيئة الله تعالى.
إن هذه النوعية من الحروب الناعمة تضاعف العبء على الشعب السوري، بافتقاده الدعم المعنوي من شريحة كبيرة في الشارع العربي، وهو ما لم يحدث في بلاد الربيع العربي، التي حظيت باحتشاد الشعب العربي خلفها أثناء ثوراتها!
إن هذه الحالة برغم قسوتها وضراوتها أيضا، فهي دليل سير الثورة السورية والثورات العربية في الطريق الصحيح، ودليل على أن النصر لا يأتي مجانا ولا بالهتافات وحدها، وأن الصبح أوشك على البزوغ برغم ما يلاقيه إخواننا في سورية من اضطهاد النظام في الداخل، ومن تشويش الدولة العميقة في الخارج.
ولأنه لا يوجد شر محض، فإن هذه الحرب الإعلامية من الدولة العميقة ضد الثورة السورية تحمل الكثير من البشريات، أهمهما زيادة الوعي بين أبناء هذه الشعوب بزيف دعاوى الدولة العميقة، وإصرارهم على النهضة ببلادهم، وتأييد إخوانهم في سورية، والدفاع عنهم في أي محفل يقيمه هؤلاء المبطلون.
إننا نعيش مرحلة اختبار الوعي واسترداد الذاكرة، فإما أن نصمد ونستعيد هويتنا، وإما أن نذوب بلا رجعة، لكن الأحداث اليومية تثبت عودتنا لذاتنا بقوة وعنفوان، ورغبة حقيقية في سيادة بلادنا وديننا وأخلاقنا على العالم.
الثورة السورية.. وحملات التشويه العربية!
- التفاصيل