لها أون لاين
على وقع مدافع الهاون والقذائف الصاروخية، يصوم الملايين في سورية للعام الثالث على التوالي دون وجود أفق لانتهاء الأزمة الحالية.
على باب منزله، كان يقف أبو مهيدي، الرجل الذي تجاوز السبعين عاماً منذ سنوات، رفض أن يغادر منزله كغيره من سكان حي العمال في مدينة دير الزور، فهو يؤمن بأن الحياة والموت بيد الله تعالى، إلا أن قذيفة مفاجئة سقطت على منزله، قريباً جداً من الباب، تناثرت أشلائه خلال ثوان، فيما أصيبت غالبية أفراد أسرته بجروح خطيرة.
في أجزاء واسعة من مدينة حلب، لا يزال الناس يبحثون عن محلات تبيع لهم أي نوع من الأطعمة التي أصبحت نادرة، ومرتفعة الثمن جداً. يؤكد البعض أن ربطة الخبز التي كانت تساوي 25 ليرة سورية في السابق، أصبح سعرها 500 ليرة سورية الآن، ولن تجدها بسهولة. أما الخضروات والفواكه فقد باتت أمراً أشبه بالمستحيل بالنسبة لفئة كبيرة من الناس.
تسري نكتة تعكس الارتفاع المطرد في غلاء الأسعار خاصة في رمضان، يقول أحدهم للبائع: بكم سعر كيلو الطماطم. يجيبه البائع بالقول: هل تريد أن تعرف سعرها قبل السؤال أم بعده؟.
تؤكد أعداداً كبيرة من الناس هناك، أن الكثيرين قد لا يجدون على مائدة الإفطار سوى خبز وكأس شاي يفطرون به.. ويمكن أن تشاهد باستمرار في المناطق المحاصرة عدداً كبيراً من الأطفال يتحلقون حول صحن فيه حبات من الزيتون، وخبز يابس، وشاي.. هي كل ما يجدونه ليقتاتوا به. وعلى الرغم من دخول شهر رمضان، إلا أن القوات النظامية لا تزال تواصل قصفها المكثف على حمص القديمة لليوم الحادي عشر على التوالي، مستهدفة مسجد خالد بن الوليد، الواقع في منطقة الخالدية، في محاولة لتدميره وتدمير محيطه كما يؤكد أهالي الحي.
كما يتواصل القصف باتجاه أحياء عديدة في ريف دمشق، وحلب، ودير الزور، وإدلب، وعدد من المدن والبلدات السورية.
وقد أعلنت القوات النظامية أنها أحرزت تقدما في حي الخالدية، معتمدة أسلوب "الأرض المحروقة" المرتكز على قصف مكثف وتدمير المباني.. فيما أظهرت مشاهد بثتها قنوات تلفزيونية حقول وأراض زراعية في مدينة درعا أحرقتها قوات الأسد، كنوع من العقاب الجماعي لأهالي المدن الثائرة.
وبثت تنسيقية حي الخالدية شريط فيديو على موقع يوتيوب، عرضت فيه تسجيلات لاشتباكات عنيفة وانفجارات قرب مسجد خالد بن الوليد. ويظهر الشريط أيضا دمارا هائلا وأرضا مهجورة، مع دخان يتصاعد من كل مكان بعد كل انفجار.
وأدى استمرار القصف إلى نقص كبير في الاحتياجات الطبية والإنسانية في غالبية المدن السورية، فيما لا تبدو في الأفق أي بادرة لانتهاء الأزمة، خاصة مع تغيّر خطاب الدول الغربية التي أعلنت قبل شهر تقريباً نيتها تسليح المعارضة، لتدخل في مرحلة تعتيم إعلامي حول أي مساعدات.
وقال الناشط يزن الحمصي لوكالة الصحافة الفرنسية: إن القطاع الطبي في المناطق المحاصرة يعاني عجزا كبيرا بعد استهلاك جزء كبير من المخصصات، نتيجة القصف الشديد، وارتفاع نسبة الإصابات والجرحى بشكل يومي أضعافا عدة عن المرحلة التي سبقت الحملة.
وذكر أن الحملة هي الأعنف منذ فرض الحصار على المناطق التي يسيطر عليها مسلحو المعارضة منذ أكثر من عام.
ومن جهته أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القصف المتواصل لقوات النظام خلق وضعا إنسانيا صعبا في حمص، مشيرا إلى أن العديد من الأشخاص قضوا بسبب نقص المواد الطبية.
وأوضح المرصد أنه حتى الأنفاق القليلة التي كان مسلحو المعارضة يدخلون من خلالها التجهيزات الطبية تعرضت للقصف "في انتهاك تام للقانون الإنساني الدولي".

JoomShaper