كل شيء تغير في سوريا فالأرض لم تعد هي هي كما كانت وكذلك الأحياء فضلاً عن النفوس والقلوب داخل الأجساد ولم تسلم من هذا التغيير حتى الورود والأزهار.
تغيرت ملامح الحياة بفعل الحقد الدفين داخل النفوس المريضة والقلوب السقيمة لرجال أشبه بالحيوانات المفترسة استحكمت بمقاليد الأمور منذ عقود وما ملت العمل لتدمير البلاد والعباد وتكبيلها بالتخلف والخضوع والاستبداد وعندما أراد أهلها التخلص من هذه الشرذمة الأرذال حُكم عليهم وعلى ممتلكاتهم بالقتل والتشريد والدمار بأبشع الطرق والأدوات.
لم تعد سوريا كما كانت قبل أعوام فأين القصير من خارطة البلاد وأين بابا عمر من الأحياء وأين فلان وفلان وفلان بعضهم اغتصب من المسلمين ورفرفت فوق سمائه راية الظلم والاستكبار وبعضهم سوي بالأرض فأصبح أثراً بعد عين وهكذا تتوالى الأحداث العظام وتختفي وتتغير ملامح الشام
تراك يا شهر الخير هل ستعرف بعد كل هذا بلاد الشام!! هل ستصل إلينا وتهتف أنا شهر الرحمة والبركات. شهر الطاعة والقرآن .. شهر المغفرة والعتق من النار أم أنك لن تعرف مكاننا وسوف تتيه عن بلاد الشام.
تراك ستذكر تلك المساجد التي كانت تصدح بالنداء لصلاة الفجر فتمتلئ بالصائمين وتتهتف لصلاة التراويح فتسير إليها القلوب راجية الغفران وتدعو لصلاة القيام فيلبي الدعوة الصغير قبل الكبير والنساء قبل الرجال …
أين تلك الحشود الغفيرة تنفض تعب الصوم من فوق كاهليها وتجد السير مسرعة لمساجد الشام تتوق للوقوف خلف الشيخ بلال وعبد الرحمن وهما يرددان بخشوع جزءً كاملا من القرآن ويقف الشيخ أسامة ليشرح في كل يوم آية مما قرأ الإمام. …
أين الجموع من الشباب والكهول يزدحم بها مسجد بدر حتى تفيض إلى الساحات لتقف بخشوع وتنصت إلى الشيخ ماهر وهو يقرأ القرآن فيأسر قلبها وتحلق معه في أسرار كتاب الله …
أين الجموع من الفتية والفتيات والنساء والرجال يتحدون عتمة الليل ويسيرون لصلاة القيام خلف الشيخ طه يذرفون الدموع تائبين منكسرين بين يدي الله …
أين النفوس المطمئنة تتلوا كتاب الله وتصل الأرحام …
أين الأيادي الصادقة تتصدق بسخاء لترسم البسمة على وجوه الفقراء …
أين الأيادي المرفوعة والنفوس المنكسرة والقلوب الخاضعة تلجأ لرب السماوات قبيل الغروب تسأله المغفرة والقبول والعتق من النيران …
أين وأين وأين يا رمضان
كل شيء قد تغير يا أغلى الشهور ولم تعد سوريا كما كانت قبل أعوام …
—
حالم بغد أفضل
ترى هل ستتذكرنا يا رمضان
- التفاصيل