لها أون لاين
ظهر مؤخراً فيديو لامرأة سورية تستنهض همم علماء المسلمين ودعاتهم، وتطالبهم بالقيام بدورهم لمواجهة ما تتعرض له اللاجئات السوريات في مخيمات الأردن من حملات التنصير المنظمة هناك.
تقول هذه المرأة: هم يعتقدون أن باستطاعتهم أن يشتروا ديننا بالمال، إنهم يمرون على بيوت اللاجئات من اليتامى والأرامل ويعطونهم الإنجيل وكتب نصرانية أخرى كالكتاب الشريف، وقصة مختارة 29، ثم يطلبون منهن حفظ ما ورد في الإنجيل، ليعودوا مرة أخرى للتأكد من أنهن أتممن الحفظ، ليكون جزاؤهن مقابل ذلك معونة مالية ودفع الإيجار عنهن.
هذا لم يكن النشاط الوحيد لهذه الحملات إذ عرض تقرير أجنبي لقناة "سي بي إن نيوز" الأمريكية حملات التنصير التي تقوم بها بعض الجهات الأجنبية في شمال الأردن، وتستهدف النساء السوريات، حيث يتم استخدام كنائس أردنية رغم رفض المجتمع الأردني لمثل هذه الممارسات.
التقرير المتلفز يظهر أكثر من مئة لاجئة ممن يرتدين الحجاب والنقاب دخلن إلى كنيسة في شمال الأردن لحضور مؤتمر نسائي على مدى يومين، ويقول التقرير الأجنبي: من غير المعتاد أن ترى هذا العدد الهائل من النساء المسلمات في كنيسة، ولكنها أوقات غير اعتيادية في الشرق الأوسط حيث تبحث الناس عن الراحة أينما وجدت!!!

تحدث التقرير عن القتل والدمار في سورية، وعن ظروف اللاجئين في الأردن، وهو ما يبين أن هذه المنظمات عندما تعمل تعتمد على الإحصائيات والأرقام والظروف المحيطة بمن تريد أن توقعه في شراكها، يقول التقرير: الوضع في سورية بات مربكاً. ثمانون ألف شخص على الأقل تعرضوا للقتل، ومليون شخص فرّوا خارج البلاد، فيما تستضيف الأردن ما يقارب نصف مليون لاجئ، ومصادر رسمية تقول: إن العدد قد يتضاعف في نهاية العام، ولا أحد يعلم كم ستستمر الحرب، أو إذا كانت هنالك سورية ليعودوا لها! ومع أن الأردن قد قام بفتح أبوابه طواعية ليس الجميع هنا - أي الأردنيون- راضون عن وجود اللاجئين وشغلهم لوظائفهم ومنازلهم.

ثم يتحدث التقرير عن حال النساء المسلمات اللاجئات، مستعرضين بعض الحوارات التي دارت معهن، والقصص المأساوية التي تعرضن لها، فيقول: هناك مزيج من الغضب والحزن بين هؤلاء النساء المحجبات اللاتي رأين أشياء لا يجب أن يراها أحد.
ويبين التقرير أن مبشرين – بحسب تعبيرهم- من منظمة "أي ثري بارتنرز التنصيرية" دعوهن ليستمعن عن المسيح، وأنه خلال المؤتمر كان هناك عناق وبكاء وابتسام بين المسيحيات المنصرات والمسلمات اللاجئات، وعبرّت إحدى العاملات في الفريق بالقول: حيث بدا أن الاختلافات الدينية والثقافية قد تلاشت، وأن العديد من النساء اللاتي تجلسن هناك كانت أعينهن تذرف الدمع حتى قبل أن يجلسن، لذلك عرفت أن الله يتحرك في قلوبهن!!
وتابعت قولها: هنّ لا يعلمن بعد بأن المسيح هو مخلصهن، ولكني أدعو لهن قبل أن ينتهي هذا المؤتمر بأن يتعرفن إلى المسيح ليس كرسول فقط، وإنما كمخلص.
ثم قالت: استمعت مع الكثير من النساء المسلمات إلى قصة المسيح، وهو يموت على الصليب لتحمل القصة في حياتها وبفضل الحب الذي تلقته في الأردن أصبحت منفتحة لعلاقة مع المسيح الآن.

فيما استعرض التقرير قولاً لناشطة أخرى عن مدينة جرش، تقول: هذه مدينة جرش الأثرية المذكورة في الإنجيل والتي زارها المسيح وقام فيها بمعجزات عديدة، وفي الخلفية ترون مدينة جرش الحديثة، وهي موطن لآلاف المسلمين السنة، ويظهر المسيح لهم بعد ألفي عام للعديدين منهم في أحلامهم ورؤاهم، يقولون بأنهم حلموا بالمسيح وهم يرون كيف يعاملهم المسيحيون ولا يستطيعون المقاومة وسينجذبون للمسيح!!
لقد ذهب الفريق بعيداً في إظهار حبهم للاجئات وتعاطفهم معهن، حتى قمن بما يسمى لديهن بطقوس غسيل الأقدام، حيث قام أعضاء الفريق المكلف بالمهمة بغسل أقدام اللاجئات، وذلك بحجة تعاطفهم مع المسافات الطويلة التي مشينها على أقدامهن، وعبروا بالقول: منهن مشين أكثر من 100 ميل على أقدامهن هرباً من الرصاص، وفي جنح الظلام ليأتوا هنا إلى الأردن حيث يقوم النصارى بتقديم خدماتهم حباً في المسيح.
ذكر التقرير أنه في الكنيسة اليوم وعلى الأقل لبضع ساعات يتم التخفيف عن آلامهن، وأن النساء استمتعن بغداء مكون من الدجاج والأرز، في حين كان أطفالهن يلعبون ويتم الرسم على وجوههم، وتبدل حزنهم مع انقضاء النهار الكثيرات منهن تحركت مشاعرهن بهذه التجربة! وجاؤوا بحوار مع واحدة فقط من أصل 100 قالت: إن الوضع في البداية كان صعباً، ولكننا التقينا أناساً طيبين كالمسيحين هنا، وهم يساعدوننا على مواجهة صعوبات العيش في الأردن.

التقرير أبرز بوضوح المخططات التي تسعى هذه الحملات لتنفيذها، إذ جاء على لسان توم دويل (مدير المنظمة التنصرية) في الشرق الأوسط قوله: إن هذه هي أسوأ أزمة إنسانية في الشرق الأوسط منذ عشرين عاماً، وإن هذه المشكلة (مشكلة اللاجئين) مربكة بالنسبة للحكومة الأردنية، وبالتالي فهناك فرصة لإطعام اللاجئين وإلباسهم وإحياء حب المسيح فيهم وهم يلاحظون فرقاً.
وتابع قوله عبر الحوار الذي أجرته معه قناة سي بي إن نيوز: ينبغي أن يُعرف المسيحيون أولاُ بحبهم، هذه كلمة واحدة تختصر الكتّاب المقدس والحب نشط وسينتشر، ويرى الناس من هو المسيح وفي حياته التي كانت في هذه المنطقة كان يذهب إلى الناس المنبوذين. فالناس المتعبون السوريون منبوذون كثيراً، الآن المسلمون السنة يطردون خارج البلاد، إنه وقت مناسب للمسيح كي يظهر لهم حبه!
هذا ما يحدث الآن على أرض مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن، فيما كشفت صحيفة "هآرتس" أن "١٤ منظمة يهودية أبرزها منظمة "غوينت تنوي أن تُفعِل للمرة الأولى برنامج مساعدة اللاجئين الفارين من الحرب في سورية". وأن أعضاء هذا البرنامج يعتزمون العمل بشكل رئيسي مع أطفال اللاجئين على أن تبدأ خطة العمل من مخيم الزعتري شمال الأردن، والذي وصل إليه في السنة الماضية قرابة 150 ألف لاجئ.
السوريون المسلمون لمن يعرفهم، تعايشوا لمئات السنين مع النصارى، وعرفوا عن المسيح ربما أكثر مما يعرف بعض المسيحيين أنفسهم، فلماذا إذن تنشط الحركات التنصيرية الآن بينهم.؟
لن يكون الجواب فقط هو الجواب الأسهل هنا؛ "لأن المنظمات التنصيرية تعرف حجم المعاناة التي يعيشها المهجرون السوريون اليوم، ويعرفون حجم حاجتهم لأي يد تمتد لهم". بل الجواب الأكثر ألماً هو أن المسلمين في غالبية الدول العربية والإسلامية خذلوا المسلمين السوريين. خذلوهم مرتين، عندما منعوا عنهم النصرة بالسلاح والرجال، ومرة ثانية عندما ضيقوا عليهم السفر والإقامة، وقننوا الأموال التي يمكن أن تصل إليهم، مما تركهم عرضة لجماعات تنصيرية وتهويدية.

JoomShaper