إسراء خليفات
مع بدء سقوط زخات المطر الخيرة، نجد جميع ربات البيوت يلجأن الى تحضير الطعام المعروف ببث الدفء في الأجسام على السواء ففي فصل الشتاء يفضل الناس تناول الاطعمة التي تساعدهم على الشعور بالدفء، مثل الحساء والعديد من المأكولات الاخرى. ويروي معاذ خلف بأنه يوجد رابط قوي بينه وبين شوربة العدس حيث ما ان تبدأ زخات المطر حتى تحن نفسه اليها. مبينا انه يزداد الاقبال على اعداد الطعام الشتوي في المنخفضات الجوية التي تترافق مع تساقط الثلج خصوصا وسط أجواء اللمة العائلية والعطلة. مشيرا الى ان والدته لا تتأخر  عن عمل الوجبات الغذائية التي تصفها ب»الدسمة والغنية بالزيت»، مثل المسخن، والبطاطا، والفلفل الحار،والرشوف والتي ترى فيها «وجبات جيدة» لأبنائها، بعد عودتهم من أعمالهم، خاصة من يعود منهم إلى البيت في ساعات المساء المتأخرة.
وجبات عديدة
وتبين حلا كمال انها تقوم بإعداد الكثير من الوجبات التي تجدها تبث الدفء في الجسم حيث تقوم بالاعداد بشكل شبه يومي في الشتاء كشوربة العدس والمفتول والسحلب، معللةً ذلك بأن في هذا الفصل يجلس الأبناء في البيت ولا يخرجون، على خلاف الصيف، حيث يكونون فيها بحاجة إلى ما يشعرهم بالدفء في هذا البرد.
حيث تشعر حلا بسعادة غامرة بجلوس أبنائها في المنزل، ولذلك تقول :»أحضر لهم الطعام الذي يعطيهم الدفء».
يؤكد صلاح خالد أهمية تناول المواد الغذائية التي تحتوي النشويات، والفواكه، وتنصح بوجوب الاعتدال في تناولها، مع ضرورة توفرها ضمن الوجبات اليومية.
يستذكر صلاح الأجواء الشتوية قائلا: «عندما كنا صغارا كانت أمي في الشتاء البارد تحضر لنا شوربة العدس، بشكل شبه يومي» لقد كانت والدته، بمفرداتها وثقافتها البسيطة تحدثهم دائما عن القيمة الغذائية للعدس، ومدى الدفء الذي يمنحه إياهم في ليالي الشتاء الباردة.
وتشير ربة المنزل ثرية قاسم إلى أن الجسم بحاجة إلى مواد معينة، تبعث الطاقة والدفء في خلال فصل الشتاء، لأن الجسم «يستهلك من الطاقة قدرا أكبر مما يستهلكه في العادة، بسبب انخفاض درجات الحرارة الخارجية، وحاجة الجسم لقدر من الحرارة، بما يتلاءم مع الأجواء الخارجية.
مشروبات وحلويات
تقول هناء وهي أم لثلاثة أطفال، إنها تحاول التجديد والتنويع في المأكولات التي تقدمها لأبنائها وزوجها خلال فصل الشتاء، حيث تقدم لهم مشروبات وحلويات تبعث الدفء في أجسامهم، وشحنات من الطاقة، وبالقدر الذي يحتاجونه منها لتحركهم ولعبهم في المنزل.
وتذكر انه من أبرز ما تقوم بتحضيره خلال هذا الوقت من الشتاء، شوربة العدس، والسبانخ، والملوخية، والملفوف، والفاصوليا البيضاء، مع صلصة البندورة، والفول الأخضر، وبوصفات مختلفة، وذلك لحسب علمها بأن هذه الأكلات تبعث الدفء في أيام الشتاء التي تحتاج إلى قدر كبير من الطاقة، وهي ذات المأكولات التي لا تتناول منها قدرا كبيرا في فصل الصيف، لأن ما تمنحه إياها من طاقة ودفء قد لا تحتاج إليهما كثيرا أثناء الصيف.
تقول نداء باسل الى انها تحضر في فصل الشتاء القشدة في اغلب الاوقات حيث انها من الاكلات المرغوبة اكثر في فصل الشتاء لانها تحتوي غالبا على السمن او الزبده مع التمر والطحين .
طقوس خاصة
للشتاء عند جمال طاهر طقوسه الخاصة وعاداته المميزة حيث يجد ان السحلب جزء من عادات الشتاء لديه كما انه المشروب المفضل أثناء تساقط حبات المطر مبينا انه يتكون من الحليب ومادة النشا وقليل من المسكه وماء الورد والماء ليعطي  خليطا متماسكا  ويضاف اليه السكر ليكون حلو المذاق وبعد طبخه جيدا يضاف اليه المكسرات والقرفة المطحونة لتعطيه رونق خاص وفائدة صحية أخرى. معتقدا بأن السحلب مشروب سحري فهو كما يقول يعطيه طاقة «ونشاطا» و»دفئا» طيلة نهار عمله.  وتعدد سمية شاهر أشهر الأكلات التي ترتبط بالشتاء كالمجدرة والبرغل وشوربة العدس مع خبز ، ملفوف، رشوف ومفتول هي بعض الاطباق التي يحفل بها المطبخ الاردني. الا ان عددا كبيرا من هذه المأكولات ارتبط بفصل الشتاء بل وشكل طقسا خاصا وسمة من سمات البيوت الاردنية في هذا الفصل الذي يصبح تناول الطعام فيه اكثر من مجرد مصدر للطاقة ومجالا للمتعة، بل يصبح الغذاء مصدرا للدفء والوقاية من الأمراض.
المفتول .. ايام الصقيع
شهلة هاني 55 عاما تعود بذاكرتها في رحلة الى ايام شتاء زمان حيث كانت الاكلات التي تعد تراثا اليوم هي قوت الاسر الاردنية وطعامها المعتاد.
مبينة انه تحديدا عن أكلة تعتبر شتوية بامتياز الا وهي  المفتول  والتي تتكون من البرغل. اذ ان  النساء كنّ يعمدن الى تحضيره في المنزل بخلاف اليوم حيث بات البرغل يشترى جاهزا من المحال التجارية.
تقول : كنا نجهز البرغل عن طريق رشه بالماء ، وفركه براحة اليد ،ومن ثم يتم فرده على طبق واسع حيث يضاف إليه الطحين البلدي ليصار إلى فتلهما سوية على ذات الطبق. مضيفة انه بعد ان تصبح المادة حبيبات متساوية يصار الى طبخها عن طريق وضعها في وعاء طبخ لتنضج على البخار في وعاء سفلي «طنجرة « تكون مليئة بالدجاج ومائه مضاف إليهما الحمص والبصل, موضحة انه عند نضج المفتول يتم وضعه في طبق (سدر) الطعام، ومن ثم يزين الطبق بقطع الدجاج والحمص ،مشيرة الى ان هذا الطبق تحديدا كان يطبخ في الأيام الشديدة البرودة من فصل الشتاء،لا سيما أيام الثلج والصقيع، ومن جانبه قال سامر بيدر انه يرغب في تلك الاجواء اكثر الى تناول الحلويات المصنوعة منزليا في فصل الشتاء ومن ذلك  العوامة، والهريسة وكرابيج حلب . واضاف ان الجسم يطلب الحلويات في موسم البرد كنوع من الطاقة، فلا تخلو جلسة مسائية شتوية من طبق حلو مهما كان نوعه. ذاكرا انه من المأكولات التي تصاحب جلسات وسهرات الاردنيين الشتائية  البزر، والتسالي بكافة انواعها .
رأي العلم
تقول الدكتورة فاطمة الرقاد اختصاص علم اجتماع في جامعة الباقاء التطبيقية الى ان الاكلات التي تقينا برد الشتاء وتبعث الدفء في الاجساد ، فالافضل ان تكون البقوليات هي مصدر البروتين بسبب ان القائمة الاولى تأتي في موقع متأخر نسبيا نتيجة لانخفاض كفاءة وسرعة احتراقها.
مضيفة الى انه بامكانهم الاكثار من فيتامين  ج  الذي يعد فيتامين الشتاء الذي يقلص معدل الإصابة بنزلات البرد، مؤكدة ضرورة الحصول عليه من مصادره الطبيعية كالبرتقال والجريب فروت والفلفل بألوانه والبصل والبقدونس والجرجير.

JoomShaper