هناء المداح
رغم التقدم العلمي والطبي الذي تشهده البشرية في زماننا هذا بخلاف الأزمنة السابقة، ورغم انتشار وسائل الإعلام التي تبث ليل نهار برامج صحية لتوعية وتثقيف المشاهدين وتحذيرهم من كثير من الأمور والعادات الخاطئة التي يؤدي الجهل بها والتهاون والتقاعس عن تجنبها إلقاء بالأنفس إلى التهلكة، إلا أن الكثير من الأزواج والزوجات في عالمنا العربي - وللأسف الشديد - ما زالوا في غيبوبة وانعزال شبه تام عن مواكبة تطورات العصر والاستفادة منها بقدر الإمكان لوقاية أنفسهم ومَن يُنجِبون من خطر الإصابة بالأمراض والإعاقات المختلفة، وذلك بحجة التوكل التام على الله والتسليم المطلق لأمره!.. غير واعين بأن الله سبحانه وتعالى هو من علم الإنسان ما لم يعلم وطوَع وسخر كل شيء في الكون لخدمته وجعل بعضنا فوق بعض درجات ليخدم ويعلم كل منا الآخر حتى نقدر على تعمير الأرض التي استخلفنا الله فيها..
مما لا ريب فيه أن الإصابة بالأمراض والإعاقات ابتلاء شديد يقدره ويكتبه الله على من يشاء من عباده لحكمة يعلمها سبحانه، وهو وحده الذي يعلم أسباب هذه الأمراض والإعاقات والقادر على شفاء من يصاب بها، وإنما على كل إنسان أن يأخذ بالأسباب التي أتاحها الله له ليحاول بكل السبل أن يجنب نفسه وأولاده الإصابة بأي مرض أو إعاقة من شأنها جعل الحياة أكثر صعوبة وأشد قسوة..
هناك بعض الخطوات العملية والإجراءات الاحترازية التي يمكن بها أن نُجنِب أطفالنا الإصابة بالإعاقات والأمراض المزمنة أو بالأحرى نقلل من فرص انتشارها وتوغلها، ومن بين هذه الخطوات:
أولًا: أن يحرص كل المقبلين على الزواج ذكورًا وإناثًا على إجراء فحوصات ما قبل الزواج وعمل الأبحاث اللازمة لاكتشاف الأمراض الوراثية سواء الظاهرة منها أو المختفية، لاسيما إن كانت هناك صلة قرابة بين الزوجين.
ثانيًا: على كل زوجة تعاني من أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم أو السكر أو الصرع أو التهاب الكلى والكبد أن تخضع للعلاج وتتناول الأدوية بانتظام أولًا قبل أن تفكر في مسألة الإنجاب حتى لا تضطر لأخذ الأدوية أثناء الحمل مما يؤثر سلبًا على صحة الجنين وربما تتعرض الأم للإجهاض.
ثالثًا: ينبغي أن تأخذ الأم بالأسباب أثناء الحمل وتقي وتجنِب نفسها بقدر الإمكان الإصابة بالأمراض المعدية مثل الحصبة الألمانية والغدة النكافية والالتهاب الكبدي الوبائي، وعليها أيضًا أن تتجنب التعرض لأي نوع من أنواع الإشعاع سواء التشخيصي أو العلاجي حرصًا على سلامة طفلها.
رابعًا: البُعد عن تعاطي أي أدوية دون استشارة الطبيب لخطورة ذلك على سلامة وصحة الجنين..
فالكثير من الحوامل عند إصابتهم بنزلات البرد أو الصداع وآلام المعدة والمفاصل يتناولن بعض المسكنات والأدوية دون سؤال الطبيب مما يؤدي في أحايين كثيرة إلى إنجابهن أطفالًا مرضى ومعاقين.
خامسًا: على الحامل أن تتجنب القفز من أماكن مرتفعة أو التحرك بقوة وسرعة أو رفع أوزان ثقيلة لخطورة ذلك على صحتها وصحة جنينها.
سادسًا: متابعة الحمل والاطمئنان على سلامة الجنين واختيار طبيبة أو طبيب كفء عند الولادة وبصحبته طبيب أطفال صاحب خبرة وعلم، مع ضرورة اختيار عيادة أو مستشفى بها حضانة تحسبًا لأي ظروف.
سابعًا: يجب الاطمئنان على المولود والكشف عليه بانتظام بواسطة طبيب أطفال متخصص لمتابعة مراحل النمو والاكتشاف المبكر لأي مرض يصيبه.
ثامنًا: تغذية الطفل تغذية سليمة تبدأ بالرضاعة الطبيعية، وإعطاؤه التطعيمات اللازمة في مواعيدها لأهميتها القصوى في حمايته ووقايته من الإصابة بكثير من الأمراض المزمنة والخطيرة.
أخيرًا.. يعد اطلاع الأم وقراءتها المستمرة عن عالم الأطفال ومتابعتها البرامج الطبية - خاصة التي تتناول كل ما يتعلق بصحة الطفل - أمرًا في غاية الأهمية، حيث يؤدي ذلك إلى إثراء مداركها واتساع أفقها ويجعلها أكثر قدرة على حماية طفلها ورعايته خير رعاية، كما يجعل حياتها أكثر هدوءًا وصفاءً وهناء.
الوقاية من الإعاقة.. خيرٌ من علاجها
- التفاصيل