إعداد - مالك عسّاف

كشفت دراسة جديدة أن ركوب حافلات المدارس في الصباح الباكر، ثم الجلوس ضمن قاعات دراسية غير مضاءة بشكلٍ جيد؛ هما السببان الرئيسيان وراء مواجهة الطلاب صعوبات أثناء النوم في الليل.
وقال الباحثون في معهد «رينسالر بوليتكنيك» في نيويورك إن الطلاب، مثل بقية الناس، يحتاجون إلى الأضواء الساطعة في الصباح، وخاصةً الأضواء الزرقاء، وذلك لجعل إيقاعاتهم اليومية الداخلية متزامنة مع عملية تعاقب الليل والنهار. وفي حال حُرموا من هذه الأضواء عند الصباح، فإنهم يذهبون للنوم كل ليلة متأخرين ست دقائق عن الليلة السابقة، وهكذا إلى أن يحدث خلل تام في التزامن بين أجسام واليوم الدراسي.
واختيرت عينة من الطلاب، طلب منهم ارتداء مناظير تمنع وصول الضوء الأزرق، اكتشف الباحثون أن الإيقاعات اليومية للطلاب أُصيبت بخلل واضح. وقالت ماريانا فيغيرو، كبيرة الباحثين في الفريق الذي أجرى الدراسة: «المراهقون الذين يُحرمون من الأضواء الزرقاء عند الصباح يذهبون إلى النوم بشكلٍ متأخر عن الموعد الأساسي، الأمر الذي يؤدي إلى حصولهم على كمية أقل من النوم وتراجع أدائهم أثناء الاختبارات، ونحن حالياً نطلق على هذه الظاهرة (تناذر بومة الليل عند المراهقين)».
الجانب الأساسي الذي تركِّز عليه هذه الدراسة هو الإيقاع اليومي، أي دورة النوم واليقظة الطبيعية عند الجسم. مع أن الأرض تكمل دورتها في غضون 24 ساعة، إلا أن الدورة اليومية للجسم تستغرق 24 ساعة و6 دقائق. هذه الدورة تتوقف على مادة كيميائية تُدعى «ميلاتونين». يبدأ الجسم بإفراز هذه المادة قبل ساعتين من النوم، وفي حال غياب الضوء فإن الميلاتونين يتأخر إفرازه ست دقائق يومياً.
هذا هو السبب الذي يجعل الناس، الذين يقطنون الغرف المظلمة والكهوف أو أي أماكن أخرى لا تتوفر فيها مؤشرات خارجية تدل على مرور الوقت، ينامون متأخرين ست دقائق يومياً، الأمر الذي يجعل دورات النوم واليقظة لديهم مخالفة لتناغمها مع العالم الخارجي. وقد أُجريت هذه الدراسة على 11 طالباً من مدرسة «سميث» المتوسطة في تشابل هيل بنيويورك، وهي مدرسة مصمَّمة بشكلٍ يسمح بمرور قدر كبير من الشمس إلى داخل صفوفها. في أحد أيام الجمعة قام الباحثون بتحديد الوقت الذي تبدأ فيه أجسام أولئك الطلاب بإفراز مادة الميلاتونين. وفي يوم الإثنين التالي أُرسل الطلاب إلى المدرسة وهم يرتدون مناظير برتقالية تمنع وصول الضوء الأزرق إلى أعينهم. ثم تبين في نهاية الأسبوع أن إفراز الميلاتونين لدى الطلاب تأخر 30 دقيقة.
لذلك ينصح الباحثون، عند بناء المدارس الجديدة، بأن يتم الأخذ في الاعتبار إيصال أكبر قدر من ضوء الشمس إلى الصفوف، وأيضاً استخدام المصابيح الزرقاء داخلها، بدلاً من المصابيح الوهّاجة (الصفراء المائلة للأحمر)، التي يُفضَّل استخدامها أثناء الليل.

عن صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية

JoomShaper