تغريد السعايدة
عمان- في هذا الوقت من كل عام، تتوجه لين أحمد إلى عيادة الطبيب كي تجد علاجاً يساعدها على التخلص من الأمراض التي تشعر بها خلال هذه الفترة من كل عام، وبخاصة فيما يتعلق بالأمراض الصدرية والتنفسية، التي تعانيها منذ طفولتها.
وتقول أحمد إنها اعتادت على هذا الوضع منذ سنوات، وأصبحت في بعض الأحيان تتوجه إلى الصيدلية وتطلب العلاج بنفسها بدون وصفة طبيب، على اعتبار أنها أمست صاحبة خبرة في هذا المجال، بالإضافة إلى وصفها لكثيرين ممن يعانون من الأعراض ذاتها في مثل هذا الوقت.
وأحمد كغيرها من المئات من الأشخاص الذين يعانون من أعراض مرضية تزداد خلال هذه الفترة التي تشهد تقلباً في الأجواء، والتي تُسمى بـ"خمسينية الشتاء"، وتنخفض فيها
درجات الحرارة إلى مستويات متدنية، ثم تعاود الارتفاع خلال أيام وتعود لتنخفض ثانية، ما يجعل الأفراد يعانون من الشعور بالحر ومن ثم البرد، وهذا بحد ذاته يؤدي إلى شعورهم ببعض الأعراض المرضية.
ويقول ناجح منير إن والدته الستينية تعاني من أعراض مرضية "مزمنة" خلال هذه الفترة، وتحتاج إلى زيارة الطبيب بشكل متكرر، وتتركز أمراضها في إطار الأمراض التنفسية والصدرية، وتبقى حبيسة البيت لفترة طويلة من الوقت، تنتهي بانتهاء تلك التقلبات.
ويبين منير أن هذه الحالة تصيب والدته سنوياً، لذلك تتعمد دائماً اتخاذ العديد من الاحتياطات والإجراءات الوقائية، مثل الابتعاد عن الروائح والإجهاد البدني، وكذلك عدم الاقتراب من الزهور والنباتات التي تنمو في هذا الوقت من كل عام.
وعلى الرغم من جمال فصل الربيع وخروج العديد من العائلات للتنزه والاستجمام بهذه الأجواء المعتدلة، إلا أن والدة ناجح تحاول أن لا تتواجد خارج البيت، كون حالتها الصحية لا تسمح لها بذلك، وهذه من ضمن الحالات المرضية التي تحدث للكثيرين، وتؤدي إلى تغيير نمط حياتهم الاجتماعية بشكل عام.
وأم سفيان، هي والدة لطفلين أعمارهما تقل عن سبع سنوات، يعانيان من أمراض الربو ومضاعفاته، التي تزداد في هذه الفترة من الوقت، وتزداد حالتهما الصحية سوءا كلما تغيرت الأجواء، خصوصا في الأجواء المغبرة وفترة تلقيح أزهار الأشجار المثمرة.
وتؤكد أم سفيان أنها تعاني من ضغوط اجتماعية ونفسية في هذه الفترة، كونها لا تخرج من البيت على الإطلاق، ولا تشارك في بعض الواجبات الاجتماعية والمناسبات اليومية، تجنباً لحدوث أي مضاعفات قد تؤدي إلى إدخالهما إلى المستشفى، لتلقي العلاج اللازم، وحاجتهما إلى وجود طبيب يشرف على حالتهما، بالرغم من أنها تدربت على استخدام البخاخ الطبي لتساعدهما عند حدوث "الأزمة التنفسية".
وسُميت خمسينية الشتاء بهذا الاسم نسبةً إلى الحالات الجوية التي تقسم في هذه الفترة وهي أربعة مواسم أولها "سعد الذابح، والذي يتسم ببرودة الأجواء ومدته اثنا عشر يوماً، يليه "سعد بلع" و"سعد سعود" وآخرها "سعد خبايا" وجميعها تتفاوت في درجات الحرارة ما بين الارتفاع والانخفاض، ما يؤدي إلى حدوث حالات مرضية مختلفة.
ولكون الأطفال أكثر تعرضاً لمثل هذه الأعراض، تبين اختصاصية طب الأطفال وحديثي الولادة الدكتورة إيمان أبو زعنونة أن أكثر الأمراض التي تنتشر في هذه الفترة هي الأمراض الفيروسية التي تنتقل بسهولة وسرعة بين الأفراد، وبخاصة القريبين في الاحتكاك، وهي تزداد في الفترة التي تتسم بالتقلبات الجوية وتفاوت درجات الحرارة.
فيما يبين اختصاصي الطب العام الدكتور مخلص مزاهرة، أن أكثر الحالات التي تلجأ إلى عيادات الأطباء والمستشفيات هي من مصابي التحسس في هذه الفترة، أو ممن لديهم أمراض "ربو"، بالإضافة إلى حدوث حالات كثيرة للإصابة بالانفلونزا والرشح، وحدوث حالة "القشعريرة" بالجسم والتي تحدث بسبب تفاوت درجة حرارة الجسم.
وينصح بأخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب حدوث تلك الأعراض المرضية، وتختلف من شخص لآخر ويجب ضرورة تدفئة الجسم بما يتناسب ودرجة حرارة الأجواء، بحيث لا يزيد ولا يقل عن المستوى المطلوب، وتجنب الأماكن التي تكثر فيها الأمراض، وبخاصة ممن يعانون من التحسس والربو.