ليلى علي
توصلت دراسة قام بها التحالف العالمي للأطفال الصحيين النشطين (Active Healthy Kids Global Alliance) إلى أن الأطفال عبر العالم يعانون من أزمة خمول بدني.
وتعد الدراسة التي نشرت في أكتوبر/تشرين الأول 2022 أول دراسة تقدم تقييما شاملا للنشاط البدني بين الأطفال والمراهقين، وتضمنت البيانات التي جُمعت الفترة الزمنية قبل وأثناء جائحة كورونا (كوفيد-19).


وأجرى هذه الدراسة 682 خبيرا قاموا بتقييم 10 مؤشرات شائعة للنشاط البدني للأطفال والمراهقين في أنحاء العالم. وتوصلت الدراسة إلى أن النشاط البدني بين الأطفال والمراهقين قبل كورونا -وتحديدا في عام 2016- كان أقل من المستويات الموصى بها بالفعل، أي 60 دقيقة يوميا.
فقد كان 81% من المراهقين في العالم ممن تراوح أعمارهم بين 11 و17 عاما يعدّون غير نشطين بدنيا، وكانت الفتيات أقل نشاطا من الفتيان. وقد زاد وباء "كوفيد-19" من تفاقم المشكلة.
وتظهر الدراسة الجديدة أن النشاط البدني بين الأطفال والمراهقين لم يتحسن بعد الوباء، إذ تقول نتائجها -وفقا لموقع "ذا كونفرسيشن" (The Conversation)- إن نسبة كبيرة من الأطفال والمراهقين الذين لا يمارسون النشاط البدني بالمستوى المطلوب والموصى به معرضون بشكل متزايد للإصابة في سن مبكرة بالأمراض المزمنة ذات الصلة بقلة الحركة.
ففي أستراليا على سبيل المثال، يعاني طفل واحد من بين كل 4 أطفال من زيادة الوزن أو السمنة، ويزداد احتمال الإصابة بالسمنة بشكل كبير في مرحلة البلوغ، إذ يعاني تقريبا ثلثا الأستراليين البالغين من زيادة الوزن أو السمنة.
ومن ناحية أخرى، يعد الخمول البدني رابع سبب رئيس للوفاة في جميع أنحاء العالم، كما أنه مرتبط بالمرض المزمن والإعاقة، وتشير تقديرات بعض الأبحاث الحديثة إلى أن العالم قد يشهد ما يقرب من نصف مليار حالة جديدة من الأمراض المزمنة الرئيسية بحلول عام 2030 إذا استمرت معدلات الخمول البدني في العالم كما هي عليه الآن.
من هنا أصبح الخمول البدني لدى الأطفال والمراهقين من أولويات الصحة العامة العالمية. ويعد غرس العادات الصحية في الأطفال منذ الصغر وقاية لهم مدى الحياة.
لذا، عليك تعويد أطفالك في وقت مبكر أن يزيدوا النشاط البدني في حياتهم، كما عليك تشجيع السلوك الصحي لديهم. وتشمل الطرق الشائعة للنشاط البدني المشي وركوب الدراجات وممارسة الرياضة.
ماذا يحدث لطفلك عندما لا يمارس نشاطا بدنيا كافيا؟
توصي منظمة الصحة العالمية (WHO) بأن يحصل الأطفال والمراهقون ممن تراوح أعمارهم بين 5 و17 عاما على ما لا يقل عن 60 دقيقة يوميا من النشاط البدني المعتدل إلى القوي.
ويجب أن يشمل ذلك الأنشطة التي تقوي العضلات والعظام على الأقل 3 أيام في الأسبوع. ومن المستحسن أيضا ألا يقضي الأطفال أكثر من ساعتين في اليوم أمام الشاشات، وذلك لتحسين صحتهم البدنية والعقلية.
الحركة وممارسة التمارين الرياضية تعزز قوة الدماغ وتزيد من تدفق الدم إليه، وذلك يسهم في تحسين نتائج الأطفال في المدارس، فقد أثبتت بعض الأبحاث أن النشاط المعتدل يزيد من وظائف المخ والإدراك والأداء الأكاديمي لدى الأطفال، حسب ما ورد في تقرير لموقع "أستراليان سبورتس كامبس" (Australian Sports Camps).
كما أن التمارين الرياضية والحركية تساعد الأطفال على التركيز واليقظة وتقوي لديهم المهارات والاستعداد لحل المشكلات.
أما قلة الحركة فتزيد مخاطر الإصابة بالأمراض، فمن الصعب الحفاظ على وزن صحي وتنظيم ضغط الدم من دون ممارسة نشاط بدني منتظم، والأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن هم أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكري ومخاطر هشاشة العظام وضمور العضلات عندما يكبرون.
ووفقا للموقع نفسه، فقد لوحظ ازدياد ضغوط مرحلة الطفولة في العقود القليلة الماضية، إذ عبّر كثير من الأطفال عن شعورهم بالتوتر والقلق المفرط. وتؤدي ممارسة التمارين المنتظمة إلى التخفيف من هذا الشعور، وتساعد الجسم على إفراز هرمونات تقاوم هذا التوتر والقلق.
ويمكن أن يؤدي عدم ممارسة الرياضة إلى تقلبات في المزاج، وتعد الصحة العقلية الجيدة أمرا حيويا للتعلم والحياة، وتساعد الأطفال على الاستمتاع بتجاربهم اليومية وبناء علاقات إيجابية مع الآخرين وتطوير مهارات التأقلم مع ظروف الحياة، كما تحفز التمارين الرياضية الجسم على إفراز الإندورفين والدوبامين مما يساعد على تخفيف القلق وتقليل خطر الإصابة بالاكتئاب.
ويواجه الأطفال غير النشطين صعوبات في النوم، ويتزايد الحرمان من النوم بمرور الوقت وقد تتسبب قلته في فقدان التركيز وفقدان الذاكرة على المدى القصير، ومن ثم فعندما يمارس الأطفال الرياضة بانتظام فإن ذلك يساعدهم على النوم المريح وعلى تنظيم مواعيده.
سمنة الأطفال
قلة الحركة والجلوس الطويل أمام التلفاز أو الأجهزة الإلكترونية يشكلان خطرا صحيا على الأطفال (شترستوك)
ما الذي يحفز الأطفال؟
وفقا لموقع "كيدز هيلث" (Kids Health)، فإن من محفزات ممارسة الأطفال للتمارين اختيار الأنشطة المناسبة لأعمارهم، لأن الطفل إذا لم يفعل ذلك فقد يشعر بالملل أو الإحباط.
وعلى الآباء أيضا أن يسعوا لخلق الأجواء والفرص التي تساعد أبناءهم على الحركة، وتوفير المعدات المناسبة لذلك وتسجيلهم في الجمعيات أو الفرق الرياضية المختلفة واصطحابهم إلى الملاعب والحدائق والفضاءات المعينة على الرياضة والحركة. ومن المفيد أيضا أن نجعل هذه الأنشطة الرياضية ممتعة للأطفال ونحببها إليهم.
المصدر : مواقع إلكترونية

JoomShaper