يعد الصرع أحد أكثر الأمراض العصبية ‫انتشارا في العالم؛ حيث تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى وجود نحو ‫50 مليون مصاب بالصرع في جميع أنحاء العالم.

‫وأوضح الدكتور عماد نجم، مدير مركز الصرع في معهد الأعصاب في مستشفى ‫كليفلاند كلينك في الولايات المتحدة، أن السمة الرئيسية لهذا المرض هو تعرض المصابين لنوبات ‫متكررة ولا إرادية تتراوح بين خفيفة إلى شديدة، مبينا أنه يمكن لمرضى ‫الصرع في حال تشخيص هذه الحالات وإدارتها بشكل جيد أن يعيشوا حياة كاملة ‫وطبيعية.‫وقال الدكتور نجم: "من المهم تصحيح المعتقدات الخاطئة حول الصرع، إذ ‫يمكنها أن تؤدي إلى تعرض المرضى لآثار التحيز والحكم المسبق عليهم سواء ‫في المدرسة أو أماكن العمل، وهو ما قد ‫يمنعهم من طلب الرعاية، التي يحتاجون إليها أو قد يثنيهم عن تناول ‫الأدوية الموصوفة لهم".

‫مخاطر جسيمة

‫وأضاف: "يعتبر ذلك مصدر قلق كبير، إذ قد تؤدي النوبات في حال عدم علاجها ‫إلى مخاطر جسيمة على صحة الفرد أو الإضرار بالأعصاب المتأثرة في الدماغ".

‫إضافة إلى ذلك، فإنه يمكن للمرضى الذين يصابون بالنوبات في حال عدم ‫علاجهم أن يسقطوا على الأرض أو يغرقوا أو يتعرضوا لحوادث حروق أو حتى ‫يواجهوا خطر الموت المبكر وغير المتوقع".

‫وأضاف الدكتور نجم، أن المفاهيم الخاطئة حول ماهية نوبة الصرع قد تؤدي ‫إلى تجاهل الأفراد للنوبات الخفيفة أو إلى الخطأ في تشخيصهم عندما يسعون إلى ‫الحصول على المساعدة الطبية.

‫وتابع: "على الرغم من الاعتقاد الشائع لدى الكثيرين بأن مريض الصرع ‫سيصاب بتشنجات وخروج الزبد من الفم، إلا أن معظم النوبات قد تكون غير ‫ملحوظة. على سبيل المثال، قد تتجسد نوبة الصرع في صورة تحديق طويل ورمش ‫سريع للعين أو سلوك غير عادي مع قيام المريض بحركات مضغ أو حركات التقاط ‫باليد".

‫وأردف قائلا: "تشمل الأعراض أيضا الشعور القوي بأن الموقف الذي يمر به ‫المريض في لحظة معينة قد حدث معه سابقا أو أن تكون العضلات متشنجة أو ‫مرتخية على نحو زائد. ومن النادر أن تظهر النوبة على شكل ارتعاش في ‫الذراعين أو القدمين أو الرأس أو السقوط أرضا أو فقدان الوعي".

التخطيط الكهربائي للدماغ

‫وأوضح الدكتور نجم، أن تشخيص الصرع يتسم لحسن الحظ بالسرعة والسهولة، ‫ويمكن القيام بالتشخيص من خلال إجراء اختبار "التخطيط الكهربائي للدماغ" ‫(EEG)، الذي يسجل الأنشطة الكهربائية للدماغ.

كما يمكن تقييم السبب المحتمل للمرض من خلال إجراء "تصوير بالرنين ‫المغناطيسي" (MRI).

‫تطور الأساليب العلاجية

وأضاف الدكتور نجم، أن الأساليب العلاجية قد تطورت بشكل كبير خلال العقد ‫الماضي، وخاصة بالنسبة للمرضى الذين لم يستجيبوا للأدوية التقليدية، ‫وقال في هذا السياق: "يمكن لغالبية المرضى إدارة النوبات التي يصابون ‫بها من خلال استخدام أدوية ميسورة الكلفة وآمنة ومستخدمة منذ أعوام ‫طويلة".

ولكن في حال فشل نوع أو نوعين من الأدوية التقليدية في علاج ‫المرضى، فقد أصبح لدينا أكثر من خيار علاجي في الوقت الحالي.

وبين الدكتور نجم، أن الدواء الذي يحمل اسم "سينوباميت" (Cenobamate) ‫والذي حصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية في العام 2019، أظهر ‫فعاليته في نحو 20-30 % من المرضى، الذين لم يسجلوا أي تحسن بعد استخدام  أدوية تقليدية عدة.

وتابع الدكتور نجم أنه في حال عدم القدرة على التحكم بنوبات الصرع ‫باستخدام الدواء فقد يتمثل الحل في التدخل الجراحي، مشيرا إلى ارتفاع أعداد المرضى المرشحين للخضوع إلى هذا النوع من الجراحة في الوقت الحالي ‫مقارنة بالعقود الماضية. -(الجزيرة نت)

JoomShaper