ديمة محبوبة

عمان- يحتفل العالم في 20 أكتوبر من كل عام بـ"اليوم العالمي لهشاشة العظام"، وهو ما يطلق عليه أخصائيو العظام بـ"المرض الصامت"، نظرًا لخطورته الكامنة في التسبب بكسور العظام. إذ تؤثر هشاشة العظام بشكل كبير وسلبي على جودة الحياة، مما يؤدي إلى الألم، والعجز، وفقدان القدرة على الاستقلالية.

 

ولا يقتصر تأثير هذا المرض على حياة المريض فحسب، بل يعد شأنا عائليا، إذ يتحمل أفراد الأسرة وبخاصة مقدمو الرعاية عبء العناية بالمريض في كثير من الأحيان. كما أن تداخُل العوامل الوراثية يجعل هذا المرض يصيب أجيالا متعددة من الأسرة ذاتها.

 

ويعد مرض هشاشة العظام حالة شائعة تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، حيث تضعف العظام وتصبح هشة، مما يجعلها أكثر عرضة للكسور، لكن حالات الإصابة تختلف من شخص لآخر، بناء على العمر، الجنس، والأسباب المؤدية للإصابة.

تتحدث أمينة علي (65 عاما) بأن نصيبها من هذا المرض كان جراء عامل الوراثة من والدتها التي كانت تعاني من نفس الحالة.

وتقول أمينة: لاحظت ضعفا متزايدا في عظامي مع تقدمي في العمر، وبدأت أشعر بآلام خفيفة في الظهر والوركين. وبما أن الألم كان يتزايد، اتبعت نصيحة صديقتها وأجرت فحصا طبيا، حيث اكتشف الأطباء أن كثافة عظامها أقل بكثير من المعدل الطبيعي.

وتتحدث أمينة أن هذه النتيجة لم تكن صادمة فعاشت مع والدتها هذه المعاناة، لكنها كانت حزينة جدا بعد معرفتها بالمرض، لأن حياة المصاب لا تكون سهلة أبدا والحذر والخوف رفيق حياة المصاب بهذا المرض.

أمينة الآن تتبع نظاما صارما من المكملات الغذائية التي تحتوي على الكالسيوم وفيتامين د، كما تقوم بممارسة تمارين خفيفة مثل المشي والسباحة، وتحرص على تناول الأدوية بانتظام وتجنب الحركات التي قد تؤدي إلى السقوط، وتتبع نظاما غذائيا صحيا للمحافظة على صحتها.

إلى ذلك تشير الإحصاءات العالمية إلى أن سيدة من بين كل ثلاث سيدات، ورجل من بين كل خمسة رجال يعانون من مرض هشاشة العظام.

وقد اكتشف خالد فرحان (48 عامًا) إصابته به عن طريق الصدفة، بعد أن ارتطم رسغ يده بباب سيارته مما أدى إلى كسره. وبعد إجراء الفحوصات، تبين أن نمط حياته غير الصحي كان السبب وراء هشاشة عظامه؛ إذ كان مدخنا شرها لسنوات طويلة، ولم يهتم بنظامه الغذائي. فقد اعتاد على الخروج للعمل على سيارة الأجرة، وكان يشرب الكثير من القهوة والشاي، ويدخن بشكل مفرط، ويتناول الوجبات السريعة باستمرار. إضافة إلى ذلك، كان كثير الجلوس ولا يمارس أي نوع من الرياضة، حتى المشي البسيط كان نادرا في حياته.

كانت هذه الإصابة أشبه بصدمة في حياته وحياة عائلته، فقرر خالد تغيير نمط حياته بالكامل، إذ توقف عن التدخين وبدأ في ممارسة الرياضة بانتظام، واليوم يركز على أطعمة تساعده على تقوية الكالسيوم في جسمه.

أمينة وخالد وعائلاتهم يتبعون استراتيجيات وقائية لتجنب الكسور، فيركزون على الأطعمة الغنية بالكالسيوم وفيتامين د، والقيام بتمارين تقوي عضلاتهم وتحسن التوازن، مثل المشي والسباحة، وأهم ما يؤرقهم هو السقوط فيحرصون هم وعائلاتهم على اتخاذ تدابير منزلية مثل إزالة العوائق وتجنب الأسطح الزلقة، وعدم سيرهم على المياه حتى لا يتعرضون للانزلاق فالسقوط.

اختصاصي جراحة تشوهات العمود الفقري والديسك بالمنظار والعظام والمفاصل الدكتور وسيم صالح يتحدث عن مرض هشاشة العظام مؤكدا أنها مشكلة شائعة، إذ تصبح العظام فيها ضعيفة، وسهلة الكسر، وتتطور ببطء على مدى عدة أعوام، وغالبا ما يتم تشخيص المرض عند سقوط طفيف، أو تأثير مفاجئ يسبب كسر العظام.

ويشير الاختصاصي صالح إلى أن النساء أكثر عرضة لخطر الإصابة بهشاشة العظام خصوصا بعد انقطاع الطمث.

كما يشير الدكتور صالح بأن استخدام بعض الأدوية تؤدي إلى الإصابة بهشاشة العظام.

وكذلك من الاسباب الأخرى بحسب صالح، الإصابة ببعض مشكلات الغدد وزيادة إفراز الغدة الدرقية والجار درقية، ومتلازمة كوشينغ، ونقص هرمون الإستروجين.

"ينبغي تفقد النساء كثافة عظامهن بسرعة في السنوات القليلة الأولى بعد انقطاع الطمث، وخصوصا إذا بدأ انقطاع الطمث مبكرا (قبل عمر 45 سنة)" يقول صالح.

أما الأعراض فيؤكد أنه لا وجود لأعراض معروفة ومحددة لهذا المرض، وخصوصا في المراحل المبكرة لكن عند تقدم الحالة قد تظهر بعض الأعراض كألم في أسفل الظهر بسبب كسر، أو تفكك الفقرات، وانحناء الظهر، وقصر القامة مع مرور الوقت.

والمؤشر الأكبر هو كسر العظم بسهولة أكثر من المتوقع، وبالنسة للعلاج يتوجب حسب صالح أخذ المكملات الغذائية، وتغيير روتين الحياة اليومي وتناول أقراص الكالسيوم وفيتامين د، مبينا أن الكالسيوم يأتي كمكون أساسي للعظام الصحيحة، ويحتاج الفرد إلى 700 ملليجرام من الكالسيوم يوميا، وتزيد الكمية عند إصابة الشخص بهشاشة العظام، أما عن فيتامين د فتكمن أهميته في مساعدة الجسم في امتصاص الكالسيوم.

ويبين أن الفرد يحتاج  إلى 10 ميكروجرام يوميا ويمكن الحصول عليهم أغلب شهور العام عبر الجلد عند التعرض لأشعة الشمس، إذ يصعب الحصول على ما يكفي من فيتامين د من الطعام فقط، لذلك يجب على الجميع خاصة السيدات الحوامل والمرضعات استشارة الطبيب حول أهمية تناول مكمل يومي يحتوي على 10 ميكروجرام من فيتامين د خلال فصلي الخريف والشتاء على وجه الخصوص.

وينصح صالح بممارسة التمارين الرياضية لما لها دور مهم في توفير قدر من الحماية للمريض المعرض للإصابة بهشاشة العظام، نخص بالذكر تمارين المقاومة والتمرين بالأوزان، كما يصف لك الطبيب المعالج.

وأخيرا يؤكد صالح بأنه لا يمكن أن تعود العظام التي أصيبت بالهشاشة لحالتها الطبيعية مرة أخرى، والهدف من كل وسائل العلاج إلى منع تدهور الوضع والحفاظ على ما هو عليه، وحماية المريض من التعرض للكسر بسهولة.

ولأن الغذاء الصحي يساعد في الحفاظ على صحة الفرد ويقيه من هشاشة العظام ويحافظ على ما تبقى منها في حالة الإصابة فتقول اختصاصية التغذية ربا العباسي، أن الأغذية الصحية جزء لا يتجزأ من وقاية المرض وعلاجه فيساعد الالتزام بنظام غذائي متوازن والبعد عن الإفراط في تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين، وكذلك الابتعاد عن التدخين في الحفاظ على صحة العظام والوقاية من الهشاشة.

وتبين عباسي، أن تناول منتجات الألبان كالحليب والزبادي والجبن لأنها غنية بالكالسيوم، وكذلك الورقيات الخضراء والخضراوات كالسبانخ والكرنب والبروكلي والأسماك الدهنية كالسلمون والسردين والتونة، لأنها غنية بفيتامين د وأحماض أوميغا 3، كما تنصح بتناول المكسرات الصحية وبذور السمسم والبيض.

 

JoomShaper