نجوان أحمد
شهدت العقود الأخيرة تغيرات ملحوظة في سن البلوغ لدى الفتيات، حيث بات البلوغ المبكر ظاهرة متزايدة، مع تسجيل حالات بدء البلوغ في سن 9-10 سنوات مقارنة بمتوسط العمر السابق الذي كان يتراوح بين 11- 13 عاما، ما دفع الباحثين لدراسة الأسباب المحتملة وراءه.
ومن بين الفرضيات المثيرة للجدل هي تأثير التعرض اليومي للمواد الكيميائية في البلاستيك، مثل مركب "البيسفينول إيه" (BPA) والفثالات، ودورها في اضطراب الهرمونات وتسريع عملية النضج.
تعريف البلوغ المبكر
هو مرحلة انتقالية في النمو الجسدي والنفسي، تبدأ فيها الأعضاء التناسلية بالنضوج، ويظهر هذا عادة عند الفتيات من سن 11 إلى 13 عاما. إلا أن الدراسات الحديثة أشارت إلى انخفاض عمر البلوغ بشكل كبير ليصل إلى سن 9-10 سنوات.
ومرحلة البلوغ لا تبدأ من الحيض، بل من ظهور العلامات الفسيولوجية التي تشير إلى استعداد الجسم للنضوج الجنسي. تبدأ هذه المرحلة عادةً بتغيرات فسييولوجية واضحة مثل نمو الثديين، وظهور الشعر في بعض مناطق الجسم، وزيادة في الطول. هذه التغيرات تشير إلى أن الجسم يبدأ في إنتاج الهرمونات الجنسية التي تؤدي إلى النضج التدريجي للجسم.
عادةً ما تظهر هذه العلامات الأولى قبل فترة الحيض بفترة تتراوح بين سنتين إلى 3 سنوات. وفي المتوسط، قد تبدأ هذه العلامات بين سن 8 إلى 13 سنة، ويعتمد ذلك على عوامل وراثية وبيئية. بعد ظهور هذه العلامات الأولية بمدة معينة، يحدث الحيض كجزء من المرحلة الأخيرة للبلوغ، وهو مؤشر على أن الجسم أصبح قادرا على التكاثر.
كم عناقا تحتاجه ابنتك المراهقة كل يوم؟ ولماذا؟
من أبرز الأسباب التي ساهمت في انخفاض سن البلوغ:
التعرض للمواد الكيميائية المعطلة لعمل الغدد الصماء:
تشير دراسة نُشرت في مجلة "إنفايرونمنتال هيلث برسبيكتيفز" إلى أن المواد الكيميائية مثل "البيسفينول إيه" والفثالات يمكن أن تتصرف في الجسم كاستروجين صناعي، وهذا يؤدي إلى اضطرابات في الهرمونات وتسريع عملية البلوغ.
وأفادت دراسة شاملة نشرتها مجلة "بيدياتريكس" بأن التعرض للمواد الكيميائية التي تعطل الغدد الصماء، خاصة "البيسفينول إيه"، كان له ارتباط مباشر بتسريع سن البلوغ عند الفتيات. وأكدت الدراسة على أن مستويات "البيسفينول إيه" المرتفعة في الجسم مرتبطة بانخفاض سن البلوغ بمقدار 6 أشهر إلى سنة كاملة.
كما أشارت دراسة نشرت في مجلة "كلينيكال إندوكرينولوجي آند ميتابوليزم" العلمية إلى أن الفثالات قد تكون مسؤولة عن تسريع النضوج الجنسي، حيث أظهرت عينات بول الأطفال مستويات مرتفعة من الفثالات مرتبطة بانخفاض عمر البلوغ.
التغيرات الغذائية:
تشير الدراسات إلى أن الغذاء يلعب دورا مهما في توقيت البلوغ، فقد أظهر بحث نُشر في مجلة "ذا لانست"، أن النظام الغذائي الذي يحتوي على أطعمة عالية التجهيز والدهون المشبعة والسكريات المضافة قد يساهم في تغيير أنماط النمو الهرموني. لكن التعرض للبلاستيك قد يكون العامل الأهم، وفق تقرير من منظمة الصحة العالمية التي اعتبرت أن استخدام البلاستيك بشكل واسع هو أحد الأسباب الرئيسة وراء هذه الظاهرة.
هل هناك خطورة من البلوغ المبكر؟
تتضمن المخاطر الصحية والنفسية للبلوغ المبكر:
مشكلات نفسية: أظهرت دراسة نُشرت في "جورنال أوف أدوليسنت هيلث" أن الفتيات اللاتي يعشن تجربة البلوغ المبكر يواجهن معدلات أعلى من القلق والاكتئاب.
زيادة مخاطر الأمراض: البلوغ المبكر مرتبط بزيادة احتمالات الإصابة بالسمنة، وأمراض القلب، ومشاكل الهرمونات في المستقبل، وفقا لتقرير "مايو كلينك".
تجنب التعرض للمواد الكيميائية: استخدام أدوات طهي وتخزين الطعام المصنوعة من الزجاج أو الفولاذ المقاوم للصدأ.
وأظهرت دراسة من جامعة هارفارد أن الأشخاص الذين قللوا من استخدام البلاستيك لاحظوا انخفاض مستويات (بيسفينول إيه) في أجسامهم.
الاهتمام بالنظام الغذائي: تناول الطعام الطبيعي والحد من الأطعمة المصنعة والمعبأة في عبوات بلاستيكية.
تشجيع النشاط البدني: ممارسة الرياضة بانتظام يمكن أن تساهم في تأخير بداية البلوغ.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية