عمان- تخيل أنك تعاني من نوبة قلبية، وربما تفكر في شخص يمسك صدره في عذاب، وينقل إلى المستشفى، وربما حتى يموت قبل وصوله. ورغم حدوث هذا السيناريو، فإن الواقع غالبا ما يكون مختلفا تماما.
السبب هو أن النوبات القلبية لا تتبع مسارا خطيا. فقد تكون الأعراض شديدة أو خفيفة. وقد تختلف العملية الأساسية التي تسبب النوبة القلبية. وقد يعاني الأشخاص من تلف كبير في القلب أو لا يعانون منه على الإطلاق.
يقول الدكتور بيتر ليبي، اختصاصي أمراض القلب في مركز القلب والأوعية الدموية في مستشفى بريجهام والنساء التابع لجامعة هارفارد: "لا تضرب جميع النوبات القلبية بالطريقة نفسها، لذا فإن تشخيص النوبة القلبية يتطلب الجمع بين حكم الطبيب والعلامات والأعراض ونتائج الاختبارات".
ما النوبة القلبية بالضبط؟
تحدث أغلب النوبات القلبية عندما يعجز أحد الشرايين التاجية (الأوعية التي تزود القلب بالدم) عن توصيل كمية كافية من الدم إلى منطقة معينة من القلب، أو عن توصيل أي كمية على الإطلاق. والسبب الأساسي الأكثر شيوعا هو تكوين لويحات دهنية في أحد الشرايين التاجية أو أكثر.
هناك آليتان مختلفتان تتسببان في ضعف تدفق الدم. ويحدد الأطباء هذه النوبات بالنوعين الأول والثاني من النوبات القلبية. ويقول الدكتور ليبي: "التمييز مهم لأن الأنواع المختلفة من النوبات القلبية قد تعالج بشكل مختلف تماما". وفيما يلي نظرة على كل نوع.
النوع الأول: في النوبة القلبية من النوع الأول، يتمزق الغطاء فوق رواسب اللويحات ويطلق مواد كيميائية تؤدي إلى تكوين جلطة دموية. وتسد الجلطة الشريان، مما يتداخل مع تدفق الدم إلى جزء من القلب.
النوع الثاني: لا تنطوي النوبة القلبية من النوع الثاني على لويحات ممزقة. بل تحدث عندما يكون هناك عدم تطابق بين كمية الدم التي يحتاجها جزء من عضلة القلب وإمدادات الدم في الشريان التاجي التي تغذي تلك المنطقة من القلب.
يمكن أن يكون المحفز لهذا النوع من النوبات القلبية حالة تضع ضغطا إضافيا على القلب، مثل الانفلونزا أو الالتهاب الرئوي، أو عدم انتظام ضربات القلب، مما يؤدي إلى تسارع معدل ضربات القلب، أو ارتفاع كبير في ضغط الدم.
أعراض النوبة القلبية
عندما تحدث نوبة قلبية، يمكن أن تؤدي إلى مجموعة متنوعة من الأعراض. الأكثر شيوعا هو ألم الصدر النمطي، الذي يوصف عادة بأنه سحق أو ضغط أو ثقل أو طعن أو حرق في بعض الأحيان.
يميل ألم الصدر إلى التركيز إما في منتصف الصدر أو أسفل منتصف القفص الصدري مباشرة، ويمكن أن ينتشر إلى الذراعين أو البطن أو الرقبة أو الفك السفلي. من الممكن أيضا أن تصاب بنوبة قلبية من دون أن تعرف ذلك. يعرف هذا بالنوبة القلبية الصامتة. تفتقر الأعراض إلى شدة النوبة القلبية الكلاسيكية. بدلاً من ذلك، يمكن أن تظهر على شكل انزعاج في الصدر يأتي ويختفي؛ ألم في أحد الذراعين أو كليهما أو الرقبة أو الفك؛ ضيق مفاجئ في التنفس؛ تعرق بارد؛ أو الشعور بالغثيان أو الدوار. "نظرا لأن هذه الأعراض قد تبدو خفيفة وقصيرة، فغالبا ما يتم الخلط بينها وبين الانزعاجات العادية مثل عسر الهضم أو حرقة المعدة"، كما يقول الدكتور ليبي.
تشخيص النوبة القلبية
إذا كان لديك أي شك في أنك قد تعاني من نوبة قلبية، فلا تتردد: اتصل بالرقم 911. بمجرد وصولك للحصول على الرعاية الطبية، سيقوم الموظفون بمراجعة سريعة لأعراضك.
في حالة وجود أي مخاوف بشأن الإصابة بنوبة قلبية، سيطلب الطبيب على الفور رسم قلب (ECG) وفحص دم لقياس مستويات التروبونين، وهو بروتين في خلايا عضلة القلب ينسكب في مجرى الدم عند حدوث أي نوع من تلف القلب.
يبحث الأطباء عن مستويات تروبونين عالية وتغيرات معينة في النمط الكهربائي على رسم القلب لتشخيص الحالة. يتم استخدام كلا الاختبارين لأن أحدهما يمكن أن يكون طبيعيا أو يظهر تغييرات طفيفة فقط في المرحلة الأولى من النوبة القلبية.
في الواقع، حتى مع نتائج رسم القلب والتروبونين الطبيعية، سيبدأ أطباء قسم الطوارئ العلاج الفوري إذا كانت أعراضك تشير بشدة إلى نوبة قلبية، خاصة إذا كان لديك عوامل خطر قلبية متعددة.
العلاج الأولي
إذا أشارت نتائج الاختبار إلى إصابتك بنوبة قلبية من النوع الأول أو الثاني، فغالبا ما يصف لك الطبيب أقراصا عدة على الفور. وتشمل هذه الأقراص الأسبرين؛ وجرعة عالية من الستاتين، مثل أتورفاستاتين (ليبيتور) أو روزوفاستاتين (كريستور)؛ وحاصرات بيتا لإبطاء معدل ضربات القلب وتقليل إجهاد القلب. كما ستحصل على حقنة وريدية من الهيبارين، وهو دواء يثبط تخثر الدم.
إذا تم تشخيصك بنوبة قلبية من النوع الأول مع انسداد كامل للشريان، فمن المحتمل أن يرسلك الطبيب إلى مختبر قسطرة القلب لإجراء عملية قسطرة ووضع دعامة، وهي عملية طفيفة التوغل لتنظيف الشريان وإبقائه مفتوحا. يمكن أن يؤدي هذا إلى استعادة تدفق الدم إلى عضلة القلب المصابة وتقليل الضرر الدائم.
بالنسبة لتشخيص النوع الثاني، فإن الهدف هو استعادة عدم التطابق بين العرض والطلب على الدم. بالإضافة إلى الأدوية المذكورة أعلاه، سوف تحتاج إلى علاج لأي مشكلة طبية تسبب إجهادا للقلب، مثل العدوى أو سرعة ضربات القلب بشكل غير طبيعي. بمجرد استقرار حالتك، سيصمم طبيبك استراتيجية للمساعدة في التعافي.
يقول الدكتور ليبي: "الهدف بعد النوبة القلبية الأولى بسيط - منع حدوث نوبة ثانية، ومنع المزيد من إضعاف عضلة القلب الذي يمكن أن يؤدي إلى فشل القلب". ويشمل ذلك تغيير النظام الغذائي، وممارسة الرياضة بانتظام، ونظام علاجي شخصي، وربما الإحالة إلى إعادة تأهيل القلب.
الصيدلي إبراهيم علي أبو رمان/ وزارة الصحة