عندما نتحدث عن الاحذية يلفت نظرنا ان هناك سيدات لا يبخلن بالغالي او الرخيص لامتلاك حذاء من تصميم جيمي شوز, وربما كان هذا الشغف مبالغا فيه حيث لاينتبه الى تأثير الاحذية ذات الكعب العالي لدى المرأة.
تعرف الاكلينيكيون منذ فترة طويلة انه اذا وضع طرف من الاطراف في وضع قصير لفترة طويلة فإن العضلات تقصر, والاحذية ذات الكعب العالي ترفع الكاحلين لأعلى ويحدث ما يتساءل عنه ماركوناريسي من جامعة مانشستر متروبوليتان: هل ارتداء الاحذية ذات الكعب العالي بشكل منتظم يمكن ان يسبب قصر عضلات ربلة الساق, حيث يري هذا الباحث ان هناك ادلة مروية تقول ان هناك بعض التغيرات حدثت, لأن بعض السكرتيرات في فترة الخمسينات من القرن الماضي اشتكين من عدم الراحة عند خلع الاحذية ذات الكعب العالي, والمشي بالقدم المسطحة على الارض.
يقول: اعتقد ان هذه الاحذية كانت معاكسة للنساء, وما يمكننا عمله هو ان نقوم باختبار حالات النساء اللائي يرتدين الاحذية ذات الكعوب العالية لنرى هل هناك بعض التغييرات في عضلات ربلة الساق?
نشر ناريسي نتائج بحثه في مجلة »البيولوجيا التجريبية«.
وقام روبرت كاسابو من جامعة فيينا بالنمسا بزيارة مختبر ناريسي, وطلب ناريسي وكوستيس ماغاناريس من كاسابو اختبار هذه النظرية, ونشر اعلان في صحيفة »مانشستر ايفننغ نيوز« يطلب متطوعات ما بين سن 20 و 50 عاما يرتدين بانتظام احذية ذات كعوب عالية »5سم« لمدة عامين او اكثر, احتذاب الاعلان نحو 80 متطوعة وتم تصفية المجموعة الى 11 شعرن بعد الراحة عند المشي من دون ارتداء الكعب العالي, ثم طلب متطوعات لمجموعة ثانية من النساء لا يرتدين الكعب العالي, وبمشاركة مع اوليفر سينيس لبحث الاثار الداخلية, على عضلات ربلة الساق لكلتا المجموعتين.
وبدأت قياسات ربلة الساق بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي MR1 ووجد ان عضلات ربلة الساق لدى النساء اللائي ارتدين الكعب العالي كانتا بنفس حجم النساء اللائي يفضلن الاحذية المسطحة, وأنها لم تنكمش.
ويشرح ناريسي الامر قائلاً: لسنا نتوقع ان يكون حجم العضلات اصفر لدى النساء المرتديات للاحذية ذات الكعب العالي, لأننا اعتقدنا انه اذا كانت العضلات في وضع قصير فان تحميلها يكون اقل وبالتالي يصبح حجم العضلات اصغر.
بعد ذلك استخدم كاسابو وسينيس الموجات فوق الصوتية لقياس طول الالياف العضلية لدى عضلات ربلة الساق, وهنا ظهر الفارق فكانت الياف النساء المرتديات للاحذية ذات الكعب العالي اقصر بمقدار 13 في المئة عن النساء اللائي يرتدين الاحذية المسطحة, مما اكد الفرضية القائلة بأن العضلة اذا وضعت في مكان اقصر فإن اليافها تصبح اقصر, وتصبح العضلة اكثر تقلصا حتى تقصر لتكون بالطول نفسه, واذا حدث ذلك فإن عضلات ربلة الساق لدى السيدات عاشقات الكعب العالي لن تعمل بالطريقة المثلى وهكذا ستكون قوة هذه العضلات اقل من عضلات ربلة الساق لدى عاشقات الاحذية والصنادل المسطحة, مما سيعين عاشقات الكعب العالي على المشي الطبيعي, وبدأ الفريق يوجه انتباهه ايضا الى الاوتار التي تربط عضلات ربلة الساق بالكاحل, واسفر البحث عن طريق استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الى ان اوتار الكاحل بنفس الطول لدى المجموعتين, والوتر لم يطول لكي يعوض العضلة الاقصر لربلة الساق ولكن عاشقات الكعب العالي وجدن ان الاوتار لديهم اكثر كثافة ومتيبسة اكثر من عاشقات الاحذية المسطحة, وتبين لناريسي وزملائه ان ذلك لتعويض هذا القصر في الالياف العضلية لربلة الساق, مما يتيح لهؤلاء النساء الحركة اثناء المشي ولكن بسبب عدم الراحة والالم عندما يسرن على الارض بأقدام مسطحة حيث لا يستطيع الوتر التمدد بشكل كاف.
بعد كل ذلك هل على النساء التخلي عن ارتداء الاحذية ذات الكعب العالي?
ناريسي لا يعتقد ذلك ولكنه ينصح كل عاشقات الاحذية ذات الكعب العالي بعمل تمرينات »التمديد« حتى يتجنبن الاحتقان والالم عندما يخلعن هذه الاحذية في نهاية اليوم.
جريدة السياسة