جويس شماس
القلق والتوتر والاجهاد والتعب النفسي نتاج المشاعر السلبية التي يشعر بها الإنسان في حياته اليومية بسبب الضغوطات والروتين والعمل الذي يثقل كاهله ويؤدي لإصابته بآثار تنعكس على مزاجه وحالته النفسية, غير أن اتباع نظام غذائي معين يساعده على التخلص من هذه المشكلة واستعادة توازنه النفسي والعاطفي, فيحس بالسعادة والراحة النفسية, وفي هذا السياق, يؤكد استاذ علوم وتكنولوجيا الاغذية في جامعة الازهر ومؤلف كتاب »العلاج بالتغذية", الدكتور مصطفى نوفل, ان تناول بعض المأكولات يعمل على تفعيل الموصلات العصبية المسؤولة عن السعادة والاثارة في الدماغ, كالعدس والفاصولياء والفول السوداني وفيتامين »سي« والسبانخ وعصائر الفاكهة الطبيعية والقصب والشوكولاتة, رغم ان بعضها يعتبر في العادة ضارا بالصحة وغنيا بالدهون او الملح, لكن نتائجها الايجابية تعوض عن الضرر الحاصل, لان الاهم في حالة التعب النفسي يكمن في التخلص منها واستبدالها بتلك المريحة. الراحة النفسية
يلعب النظام الغذائي دورا اساسيا في السعادة والراحة النفسية, وخصوصا في الاوقات الصعبة, كمواجهة المواقف الصعبة في الحياة الروتينية واليومية, غير ان الاغذية الاقتصادية تساعد على تحسين المزاج وتغييره, من السلبي الى الايجابي, ويرى استاد علوم وتكنولوجيا الاغذية في جامعة الازهر, الدكتور مصطفى نوفل وجوب الاهتمام باتباع النظام الغذائي المتكامل, الذي يعتمد على 3 قواعد اساسية, لأن تناولها يضمن اجتياز الاوقات العصيبة والتخلص من اثارها الضارة, واعادة الشعور بالراحة والسكينة, ويقول: تؤمن الاغذية الاقتصادية المتكاملة انتاج موصلات النجاح, وتفعيل الذكريات الجميلة وتحفيز الرغبة وما يشتاق اليه الجسم من طعام, لان الراحة النفسية تطلب كالجسم, نظاما صحيا وسليما, ليتمتع المرء بحياة صحية وبعيدة عن الأمراض والمشكلات الجسدية والنفسية, والدماغ ينشر اعدادا كثيرة من المواد الكيماوية الحيوية في الجسم, وتعرف بالموصلات العصبية, المسؤولة عن ظهور المشاعر المختلفة, والمرتبطة بالسعادة او الهدوء او الراحة أو النشاط أو الحماس واليقظة, وعلى تحقيق التناسق التام, ليحصل الجسم على افضل الحالات النفسية, من فكر واحساس ونشاط ومشاعر, والتي يكون من ضمنها السعادة والهدوء والراحة, ويعتبر "السيروتونين" من أهم الموصلات العصبية المعروفة, الذي ينظم النوم ويقلل حالات القلق والتوتر, وموصل دوبامين وادرينالين ونور آدرينالين, التي تتحكم جميعها بحالات الاثارة والقلق التي يتعرض لها المرء يوميا, ما ينعكس سلبا على جسمه ونفسيته ومزاجه.
مكونات طبيعية
تعمل مكونات بعض الاغذية على تصنيع مثل هذه الموصلات العصبية في الجسم, والمرتبطة كلها بمشاعر السعادة, وتحديدا »التربتوفان« الضروري لتكوين »السيروتونين« الذي يساهم في تحقيق افضل حالة مزاجية للجسم, كما ان »الميلاتونين« هو العامل الطبيعي المحفز على النوم ومقاومة القلق, الذي يتكون في الجسم من المكون الغذائي »تربتوفان«, ويشير نوفل الى ان اهم الاغذية الاقتصادية التي يجب تناولها في نظم غذائية متكاملة, ليستفيد الجسم من مكوناتها الطبيعية, كالتيروزين وفينيل الآنين, في تصنيع موصلات السعادة, لان هذين المكونان ينتجان الدوبامين ونور آدرينالين, المتحكمان بحالات الاثارة والقلق, في حين ان الاول يعمل على التقليل من سرعة الشعور بالتعب والارهاق والاجهاد, ما يزيد من قوة الاداء البدني للجسم, فيتمتع بمظاهر متعددة تساعد على تحقيق السعادة.
بقوليات وسكر
وتنقسم العائلات الغذائية التي تنضوي تحت قاعدة »تناول الاغذية الاقتصادية المتكاملة لانتاج موصلات السعادة«, الى خمس, وهي البقوليات: البذور, الاغذية الغنية بفيتامين (سي), الاغذية الغنية بفيتامين حمض الفوليك والمشروبات السكرية, وينصح استاذ علوم وتكنولوجيا الاغذية بأكل الفول والعدس والترمس والحمص والفاصوليا البيضاء من البقوليات, واللب الابيض من عائلة البذور, ويقول: صحيح ان هذه الاغذية تعمل على انتاج موصلات السعادة في الجسم, غير ان الفائدة الصحية للوجبة الاقتصادية في تحقيق السعادة لا تكتمل الا عند تناول المأكولات والمشروبات التي تنتمي الى عائلة الاغذية الغنية بالفيتامين (سي) كعصير البرتقال الطازج والليمون الحامض والطماطم والجرجير والفلفل الاخضر, لان محتوى الفيتامين (سي) فيها عال, ويقوم بدور مهم في تحويل مكون الاغذية التربتوفان, الى موصل السعادة سيروتونين, فضلا عن انه ضروري لتكوين موصل السعادة نور آدرينالين من مكون الاغذية التيروزين.
اما بالنسبة الى كبد البقر والدجاج والسبانخ المطبوخة بالحمص واللوبياء الجافة والفول السوداني, التي تنتمي الى عائلة »الاغذية الغنية بفيتامين حمض الفوليك, فيؤكد نوفل انها تعمل على زيادة احتفاظ الجسم بسيروتونن السعادة, بينما يساعد عصير القصب والفاكهة الطبيعية الطازجة والمشروبات الطبيعية السكرية على سرعة اندفاع الانسولين داخل الجسم, ما يساعد مكون التربتوفان على سهولة وسرعة وصوله الى المخ, ليتحول الى الموصل العصبي سيروتونن, المحسن لحالة الجسم المزاجية, خصوصا ان المذاق الحلو لهذه المشروبات السكرية يحفز وينشط انفراد بعض مركبات اندروفين المخ, التي تفيد في الحالة المزاجية للجسم بتأثيرها الذي يقضي على الآلام.
وفي ما يخص »تناول اطعمة الذكريات الجميلة«, يقول نوفل: تناول نوعيات الاطعمة التي تساعد على استرجاع بعض الذكريات الجميلة, يحقق الشعور بالسعادة والراحة النفسية, والتي يرتبط بعضها بمرحلة الطفولة أو بمنزل الاسرة أو بمناسبة مبهجة في فترة زمنية مضت, كانت ممتلئة بالسعادة والسرور, او بعض الاحبة من الاهل والاصدقاء, الذين كانوا يشتركون في اعداد وتقديم وتناول هذه الاطعمة, ورغم ان اطعمة الذكريات الجميلة, غالبا ما تكون ممتلئة بالدهون أو الدسم والسكريات والتوابل والملح, لكنها لا تعتبر ضارة في هذه الحالة, لان لتناولها وظيفة ايجابية ومهمة, لاسترجاع الذكريات الجميلة التي تساعد الجسم على استعادة توازنه النفسي, فيجتاز ما يواجه من مشكلات واوقات عصيبة, غير ان هذه المأكولات تختلف بين شخص واخر, اي ان لكل فرد نوعية خاصة من الاطعمة التي تمنحه متعة استعادة الذكريات الجميلة من الماضي, لتدفعه نحو السعادة والتخلص من الظروف والمواقف الصعبة.
ومن ابرز اغذية الذكريات الجميلة, المحققة للسعادة والراحة النفسية, اطعمة البهجة البيضاء, مثل الارز باللبن الكامل الدسم مع الزبيب والقرفة, حلوى البطاطا على انواعها, حلوى القرع العسلي, وبعض الاطباق المطبوخة بالارز والطيور والاسماك.
الشوكولاتة والسعادة
وعن القاعدة الثالثة يقول نوفل: تناول ما يشتاق اليه الجسم من أغذية يشبع الرغبات الكامنة داخل المرء, لانه يشعر في الكثير من الاحيان برغبة قوية في تناول انواع معينة من الاغذية, وخصوصا عندما يواجه مواقف صعبة في الحياة اليومية, ما يؤدي الى عدم القدرة على التمتع بمشاعر السعادة الكاملة والراحة النفسية, وقد اقترحت بعض الدراسات تفسيرا لهذه الرغبة, كون بعض مكونات هذه الاغذية يؤمن فوائد صحية معينة يحتاج اليها الجسم في الفترة العصيبة, لتساعده على اجتياحها, وتغيير الحالي الى الافضل, فتزيد فيه الحماس والثقة والامل في كل ما هو مشرق ومبهج في الحياة, مثل الشوكولاتة, وذلك لوجود مكون فينيل ايثيل امين, الذي يزيد من تغذية الدماغ بمغذي التربتوفان, وبالتالي يرفع من مستوى هيدروكسي تريبتان, اي المكون الرئيسي لهرمون الدوبامين, المنشط لاحاسيس المتعة والسعادة والبهجة, ويضيف ان الصفات الحسية للشوكولاتة تحدث مشاعر فريدة ومتميزة, يبدأ ظهورها بمجرد تناولها واذابتها في الفم, ما يفسر الحاجة القوية والملحة لتناولها عند التعرض لحالات الاثارة والقلق في المواقف العصيبة, ليتم تجاوزها واستعادة الشعور بالسعادة والهدوء النفسي.

JoomShaper