تتيانا الكور*
تؤثر خياراتنا الغذائية خلال فترة حياتنا على كل من خصوبتنا وفرصتنا على الإنجاب.
يعتقد البعض بأن هنالك أغذية ما يجب تناولها من أجل زيادة معدل الخصوبة وفرصة الإنجاب، تظهر لنا نتائج الأبحاث الحديثة وإجماع السند العلمي عكس ذلك إذ لم تؤثر أغذية معينة على قدرة الرجل أو المرأة الإنجابية على حد سواء. وتعتمد هذه القدرة على عوامل عدة أهمها: نسبة التفاعل الحساس لهرمونات الجسم، نوعية الحيوانات المنوية والبيض، وتوقيت الإباضة. ولعل ما يشير إليه السند العلمي هو ضرورة الحفاظ على وزن صحي والإلتزام بمستوى نشاط بدني متوسط على الأقل خلال اليوم. ويتأثر واحد من كل ستة أزواج في العقم خلال سنوات الإنجاب حسبما ورد من إحصاءات عالمية. ويعتبر مؤشر الكتلة الجسمي الطريقة الأمثل لتحديد مدى صحة وزن الجسم حسب ما ورد في آخر تصريح لمنظمة الصحة العالمية عام 2004 والذي تم إعتماده لغاية الآن. ويتم قياس مؤشر الكتلة الجسمي من خلال قياس الوزن بالكيلوغرام، والطول بالمتر، ثم حساب المؤشر عن طريق قسمة الوزن بالكيلوغرام على الطول بالمتر المربع. ويعرف نقص الوزن بقيمة أقل من 18.5، بينما تشير زيادة الوزن إلى قيمة ما بين 25 و 29.9، وتعرف السمنة بقيمة أعلى من 30.
ويشكل الوزن الصحي إحدى المجالات التي يتفق عليها الباحثين والباحثات سوية فيما يتعلق بالخصوبة إذ أن وجود وزن الجسم ما دون أو ما فوق المعدل الصحي يؤثر سلبا على معدل خصوبة كل من الرجل والمرأة.
ولعل تأثير الوزن الصحي هو الأكثر لدى النساء إذ يؤثر نقص الوزن الشديد وزيادة الوزن على دورة المرأة الحيضية وعلى الإباضة وبالتالي على قلة خصوبتها. فإذا كانت المرأة نحيلة وناقصة في الوزن، لا ينتج جسمها كمية كافية من هرمون الأستروجين في المبيضين. أما إذا تمتعت المرأة بوزن زائد، فقد يتسبب ذلك في وجود خلايا دهنية كثيرة تنتج بدورها هرمون الأستروجين أكثر من اللازم. ويمكن لطرق التخلص من الوزن التأثير سلبا على التوازن الهرموني ويقلل بالتالي من خصوبة المرأة.
ويتمثل دور التغذية لدى الرجال في منع حدوث نقص في كل من فيتامين جيم وعنصر الزنك. ويؤدي نقص فيتامين جيم إلى تجمع الحيوانات المنوية معا مما يحول من توفرها، بينما يؤدي نقص الزنك إلى خلل في هرمونات الذكورة وعدم إنتاج كمية كافية من الحيوانات المنوية. وينبغي للرجال الحصول على 90 ملليغرام من فيتامين جيم يوميا و11 ملليغرام من الزنك.
وتتصدر الحمضيات أعلى قائمة الفواكه الغنية بفيتامين جيم (مثل البرتقال والجريبفروت وعصائرهما)، يليها فاكهة الجوافة، البندورة، المانجا، والفراولة، بينما يتصدر الفلفل بأنواعه (الأخضر والأصفر والأحمر) قائمة الخضار الغنية بفيتامين جيم، يليها البروكولي، والبطاطا الحلوة، والكوسا، والملفوف، والسبانخ.
ويعتبر فيتامين جيم من الفيتامينات الذائبة في الماء والتي يحتاجها الجسم بصورة أساسية إذ لا يستطيع الجسم تصنيعه أو حتى تخزينه، بل يتخلص الجسم في العادة من الفائض منه عن طريق البول. لذلك يجب علينا أن نتناول إحتياجاتنا منه بشكل يومي وبصورة دائمة.
ويمكن للرجال تلبية إحتياجات جسمهم من فيتامين جيم عن طريق تناول الخضار والفواكه ومراعاة التنويع في مصادرها بشكل يومي مع تحقيق التوازن في النظام الغذائي المتناول، وبمعدل خمس حصص من الخضار والفواكه الغنية بفيتامين جيم في اليوم الواحد (وتعادل الحصة الواحدة حبة فاكهة متوسطة الحجم، كوب من عصير الفواكه أو الخضار المطبوخة، وكوب من الخضار النية).
ويتوفر الزنك في كل من اللحوم الحمراء والدواجن والفاصوليا، والكاجو، بينما تفتقر له مصادر مثل الحليب والخضار والفواكه وبياض البيض. ولعنصر الزنك دور في صحة الجهاز التناسلي، خاصة لدى الرجال إذ يؤثر الزنك على أداء وظيفة البروستات والنشاط الهرموني للرجال وإنتاج الحيوانات المنوية.
ويتعارض الزنك مع كل من النحاس، والحديد، والكالسيوم، وحمض الفوليك، وفيتامين ألف، فمراعاة التوازن بين كميات الطعام المتناولة وبين احتياجات جسمنا من الزنك ضروري لضمان مدى إستفادتنا مما نتناوله.
وتؤكد التوصيات العالمية على ضرورة أخذ الحيطة والحذر من تناول مكملات غذائية معينة كبعض الفيتامينات والمعادن والأعشاب والتي تدعي تعزيز معدل الخصوبة، فما يتوفر لنا من أدلة علمية حقيقة غير كافي لوصفها، خاصة وأننا لا نستطيع تحديد دورها في التأثير على الأجنة، و تحديد مخاطرها أو منافعها الإضافية.

*استشارية التغذية الطبية والعلاجية

JoomShaper