تحتاج الفحوصات التشخيصية المقدرة بنتائجها للكشف عن خلل العقم بالشق الأنثوي لخطة محددة وضمن تسلسل مرتبط بإحداثيات الدورة الشهرية كنقطة ارتكاز وبداية، يمنع من خلالها الاجتهاد أو تغليف نتائجها بستار الأمل وتحت فصل المفاجأة، فعلى الطبيب المعالج والزوجين الانضباط والالتزام بخطة تشخيصية محكمة وباستخدام الطريق الرئيسي للوصول لمفصل الخلل إن أمكن، خطوة تحتاج للصرف بسخاء بعيدا عن اعتبارات التوفير أو احتساب الأمر كقدر تكفله الأيام.
خلل الغدة النخامية و/أو الدرقية
يمكننا حصر الأسباب الرئيسية بخلل الغدة النخامية و/أو الدرقية، فشل الاباضة، خلل بالبوقين، خلل بوظيفة الرحم، وعوائق المهبل، وكل ذلك بعد الاطمئنان لتناسق سيمفونية العلاقة الزوجية بسلمها الموسيقي ضمن انضباطية الأداء الزوجي بتوقيت الفعل الهادف، وقد أوضحنا ذلك بتفصللاته بمقالات سابقة وبنفس الزاوية.
الاطمئنان لسلامة التوقيت بحدوث الاباضة يمثل نقطة الانطلاق العملية الأولى بماراثون الفحوصات التشخيصية لكونه يحتل مساحة كبيرة بالأسباب، فانتظام حدوث النزيف الشهري بمواعيد محددة وضمن أفق التوقع قد يكون مبشرا لحدوث الاباضة، واقع يحتاج لاثبات عملي ومخبري. هرمون النضوج
ان تحرر البويضة من الجريب بفعل هرمون النضوج وأوتوماتيكية انتقالها للطرف البوقي للقناة بفعل قوة شفط ربانية، سيتسبب بتكون الجسم الأصفر بالمبيض مفرز هرمون البروجيستيرون «هرمون الاباضة» الذي سيؤدي لارتفاع بسيط بدرجة حرارة السيدة لفترة زمنية إضافة لتأثيره على البناء التشريحي لطبقة بطانة الرحم بلمسات الاستعداد لاستقبال ضيف المرحلة القادم نتيجة اتحاد الحيوان المنوي مع البويضة بتلك الليلة ذات الأجواء المثالية بكل معطياتها الصحية، هذا الواقع يتطلب قياس مستوى الهرمون بالدم بمنتصف المرحلة الافرازية من الدورة الشهرية «أي النصف الثاني»، إضافة إلى أن أخذ خزعة من بطانة الرحم بتلك الفترة لاجراء الفحص النسيجي سيبين ذلك التأثير من واقع تحليل الخلايا النسيجية المبطنة، على أن يحدد مستوى الهرمون أو العينة بتوقيت مثالية الافراز. هناك فحص هرموني آخر لعامل الاباضة يتمثل بقياس مستوى هرمونات التحريض المؤثرة والمنتجة من الغدة النخامية بأيام الدورة الشهرية الأولى إضافة لقياس مستوى هرمون الاستروجين وهرمون الحليب، وتفسر النتائج بمعدلها الطبيعي أو الارتفاع أو الانخفاض من خلال ربطها بأحداث الدورة الشهرية مع صورة الفحص التلفزيوني، بل يمكن ترجمتها كمكون لرابط محدد بمتلازمة مرضية.
الطريق الآمن
المحطة التالية بقطار الفحوصات التشخيصية تركز على فحوصات التأكد من سلامة البوقين، والمشهور بوقتنا الحالي ينحصر بتأكيد سلامة الانسياب والمسلكية لضمان طريق آمن للحيوان المنوي بعد مغادرته تجويف الرحم باتجاه شرفة القناة، واقع يساعد على الانتقال السلس للعلقة - لو قدر لها التكوين - باتجاه تجويف الرحم حيث بيئة الانغراس المؤهلة، وتأكيد مسلكية الطريق يتطلب إجراء صورة الرحم بالصبغة الملونة بعد انتهاء نزف الدورة الشهرية مباشرة، كما يمكننا التأكد من ذلك أثناء الفحص البطني وحقن المادة الزرقاء بعنق الرحم لملاحظة ظروف انتقالها بالبوقين والتعليق على الانسياب وسرعة الانتقال إضافة لشكل البوقين وعلاقتهما بأعضاء الجوار، وهناك فحص الاطمئنان الذي يمزج مهارات التشخيص بالسونار مع حقن مادة ملونة وغير مؤذية ومراقبة انتقالها من الرحم إلى البوقين.
بركان القرن العشرين
الشكوك العلمية لوظيفة البوقين تتعدى اعتبارهما ناقلا سلبيا ولكن مستوى البحث العلمي حتى الساعة لم يمط اللثام عن دور أكثر فاعلية، فتواضع النتائج لم يحسم ملف الشك ولكنه لن يغلق لأن حدود البحث العلمي غير متناهية أو محددة، بالرغم أن بركان القرن العشرين بوسائل المساعدة على الانجاب قد أسهم بحلول جذرية لمشكلة العامل البوقي، فأحبط همم التسارع للكشف لدرجة مؤثرة، وأعاد ترتيب الأولويات بعد الانتشار الواسع للتقنيات وتطورها إضافة لزيادة فرص تحديد جنس الجنين و/أو الاطمئنان على خارطته الجينية.
تقييم الوظيفة الرحمية يشكل خطوة التحدي الأولى لاعتبارات التلزيم الوظيفية، ويمكننا التعليق على شكل الرحم وحجمه وسمك بطانته كمؤشر بديهي لمنطق الطبيعة، خصوصا أن سمك البطانة يرتبط بعامل التغير الهرموني على مدى أحداث الدورة الشهرية، فبناء البطانة كخطوة تحضيرية لحدث الحمل يشكل العامود الفقري لفكرة الحمل والانجاب، وأسباب الخلل تتراوح بأساسياتها بين التهابات متخصصة تمنع أحداث الطبيعة وتخلخل فقراتها أو أن ذلك يمثل صورة انعكاسية ومطابقة لخلل الوظيفة الهرمونية بالجسم، حيث أن تنظير الرحم بالنصف الثاني من الدورة لمشاهدة تضاريس بطانته وربطها بمثالية التكوين الزمني إضافة لمشاهدة فتحة البوقين يعتبر ذلك خطوة بالطريق الصحيح للتشخيص أو خطوة تحضيرية لتحديد مرافق الخلل قبل اللجوء لاستخدام وسائل المساعدة على الانجاب، فالأخيرة تضمن اختيار زرع أجنة بدرجات الانقسام المثلى ولكنها لا تفسر سبب الفشل والذي ربما يكون نتيجة لخلل بالبطانة. ناهيك عن التشوهات الخلقية بالرحم أو انشغاله بنتوءات وزوائد لحمية أو ألياف بأشكال وأحجام مختلفة.
الفحوصات المخبرية لمستوى الهرمونات المتخصصة بتوقيت محدد قد يشكل ضوء الكشف لدليل نفق الفشل، فإنحراف الأرقام عن المستوى الطبيعي قد يكون ناتجا من خلل مركزي بالغدة النخامية أو أنها تعكس خللا بوظيفة أحد أعضاء الجهاز الهرموني والمعني كالغدة الدرقية أو المهاد أو المبيضين خصوصا أن تحديد مستوياتها يرتبط بأيام الدورة الشهرية وثمة علاقة نسبية بين أرقامها لتعكس واقع البيئة الداخلية.
تنظير مشترك للرحم والبطن
عندما يفشل تحليل النتائج للفحوصات السابقة بتحديد المتهم عن الفشل، فإن ذلك يشكل مبررا للانتقال لخطوة أكثر أهمية على سلم الترتيب البحثي وتتمثل بضرورة التخطيط لإجراء تنظير مشترك للرحم والبطن، خطوة تساعدنا بالنفي المطلق لأسباب الشكوك وتجعلنا ندخل اليقين بثقة لأننا نتمكن من المشاهدة بالعين والتعليق على أعضاء الحوض صاحبة العلاقة وملاحظة أي انحراف عن المثالية الوظيفية خصوصا أنها الخطوة الدقيقة لتشخيص الأعراض المساعدة كوجود بطانة الرحم الهاجرة أو علامات التهاب أعضاء الحوض أو انسياق أي من الأعضاء بالتصاقات مهما كان شكلها ومبررها وخصوصا البوقين أو المبيضين، بالتزامن مع تنظير الرحم الداخلي وإجراء فحص الصبغة للكشف عن مسلكية الطريق، ويتكلل الاجراء بتجريف بطانة الرحم لدراسة الواقع النسيجي وتحديد مدى ملائمته وتوافقه مع أحداث الدورة الشهرية بالتوقيت الهرموني، مما يعني أن الوقت المثالي لهذا الاجراء يجب أن يكون بالنصف الثاني من الدورة الشهرية لأهمية ذلك بطبيعة نتيجة التحليل النسيجي لبطانة الرحم ومدى استجابتها لتغيرات الجسم المرافقة. التنظير البطني كخطوة تشخيصية يحتاج لتوقيت معين – والذي يشكل نقطة خلافية بين ربع المعشر الطبي حتى الساعة- ومهارات جراحية باعتباره إجراء يحتاج لتخدير عام، وربما نتيجة الصورة الملونة لا تمثل بديلا عنه لكنه قد يكون بديلا موفقا عنها، حيث أن إحدى نتائجه غير المفسرة تتمثل بحصول الحمل خلال الثلاثة شهور التالية بنسبة لا بأس بها، كما أنه يساعد بالاجابة على العديد من التساؤلات خصوصا بظروف شيوع انتشار مرض متلازمة تكيس المبايض وما قد تسببه من إعاقة وظيفية للمبيض بالتوقيت المناسب، كما أنه يشكل خطوة علاجية بحالات الالتصقات البسيطة أو انقباض القنوات بشكل مؤثر على الوظيفة أو تغلف المبيض بجدار سميك نسبيا نتيجة خلل الاباضة بالتوقيت الصحيح.
صك براءة.
تشابك القلبين واليدين لكلا الزوجين يمثل أحد ضمانات النجاح للخطة العلاجية، فكلاهما فريق واحد وليسا خصمين بقذف الاتهامات وتبادلها تحت ضغط الحموات والأهل، فالتشكيك بقدرات القرين الأدائية لا يعتبرصك براءة، فالنتيجة واحدة، وحذار من استخدام العقاقير العلاجية لاثبات موقف النجاة أو اللجوء لبروتينات البناء العضلي لفعلها المدمر، فلا أجمل ولا أحلى من التصرف بإمكانات الطبيعة فحياتنا ليست مسرحية نمثل بها أدوار البطولة حسب سيناريو الاخراج لامتاع الآخرين وللحديث بقية.
*أستاذ مشارك/ كلية الطب- الجامعة الأردنية
استشاري النسائية والتوليد/ مستشفى الجامعة الأردنية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
www.kamilfram.com