أن ألياف الرحم ، حدث صحي شائع يصيب معشر الجنس اللطيف، يؤثر سلبيا على مفاصل الحياة اليومية للعائلة خصوصا عندما يترجم واقعه بالنزيف الرحمي الذي قد يتسبب بفشل عضوي متعدد إذا أدرجت أوراقه بملف المهملات الشخصية أو أعيد ترتيب أولوياته ليحتل ذيل القائمة ومهما كانت المبررات.
الخطة العلاجية ليست معادلة رياضية، فباب الفتوى والاجتهاد يعتمد على العديد من العوامل العائلية والشخصية والظروف المرضية، ولكل منها مساهمة ونصيب بالقرار العلاجي الذي يصعب تصنيفه بالمثالي بظروف الواقع التي تحكمة، فمقدمة الخطة العلاجية تعتمد على الشكوى المرضية بالدرجة الأولى بوجود نزيف رحمي من حيث الكمية والمدة الزمنية بصيغتها الدورية المنتظمة أو المضطربة فتأثير النزيف يتعدى الظاهر الذي نتعامل معه لأنه سبب رئيسي لحدوث فشل الأعضاء المتعدد وتبدأ بفشل لعين بشبكية العين التي تؤثر على دقة النظر مرورا بفشل الجهاز العصبي كاملاً ابتداْ من المراكز الدماغية حتى الأطراف العصبية، إضافة لفشل مؤسف بوظيفة الجهاز الدوراني والقلب، بالتزامن مع فشل الجهاز الرئوي وما يشكل مضاعفات شديدة بفلترة وأكسدة الدم إضافة لفشل بوظائف الكبد والجهاز المناعي والجهاز البولي.
ولا يشكل تهديدا لحياة الأنثى
الليف الرحمي واقع صحي شائع ولا يشكل تهديدا لحياة الأنثى ولا يعتبر إنحرافا لبوصلة الاستمتاع بجمال الدنيا ولكنه واقع صحي نخشى آثاره على المدى البعيد لو استمر بالنمو ولدينا أسلحة فتاكة لعلاجه والقضاء عليه، تتطلب الفهم والجرأة واتخاذ القرار بالتوقيت المناسب للعلاج، فطرد الخوف والتعامل مع الواقع يمثل سلوكا صحيحا وصحيا وعنوانا سلوكيا للاستمتاع بمفاصل الحياة وهي حصرا لمن استوعبت الدرس.
الحديثُ عن علاج الألياف الرحمية وتفسير حقيقة وجودها للتعامل معها بغير الواقع يشكل لغطاً اجتماعيا متوارثاً بين أفراد النصف الجميل، فالغالبية تفضل وتكره التعامل مع هذا الصنف المرضي اللعين حيث تتفاوت محذراته بين واقعه الصحي كصنف قاتل من الأورام - وهي ليست كذلك أبداً - أو أن التعامل الطبي والعلاجي معها سيفقد الأنثى علامات الأنوثة الأولى، أو لفداحة الآثار الجانبية والسلبية على وجودها بتهديدها المباشر لمرافق الحياة الجميلة التي نعشقها ونتمناها، وشيوعها لا يعكس بالضرورة ظروفا صحية ضمن الأفق المرضي لسلوك بل قدر لخلايا أنسجة عضلة الرحم نتيجة التأثير المباشر لهرمون السحر الذي استفرد بساحة التحفيز بدون ضوابط.
رحم الأيام
أسهبت باستراحتي الطبية السابقة ،بتوضيح مباشر عن الألياف وظروف تواجدها ونموها وأسس الخطة العلاجية المتكاملة للتعامل معها، ولمستجدات توالدت من رحم الأيام فشكلت مصدر قلق وخوف للغد القادم لفتيات بربيع العمر، فقد ارتأيت التركيز على الخطوط العريضة لعلاج الألياف الرحمية بمحورها الواقعي البعيد عن سياسة الفزعة والرأفة وترحيل المشكلة للغد القادم بظرف نجهله، وإذا كان الطموح الفردي لعبور حواجز الأيام يشكل هدفا مشروعا للجمبع، فذلك يلزمنا بتسمية الوعكات الصحية وفرد ملفاتها لعلاجها بشكل جذري، على أن يكون الاختيار للوسيلة العلاجية المثالية كنتيجة اجتهادية هي محصلة لظروف الأنثى الشخصية، ولا يمكننا تسمية وتحديد طريقة علاجية مثالية في سنوات الانجاب بل تعامل الحالات بظروفها، ولكن يمكننا التعميم بالاسلوب المثالي للعلاج بعد انتهاء الوظيفة الانجابية باسلوب جذري لا يحتمل المناقشة ولا يقبل بظروف ديمقراطية القرار التي تسمح بالمقامرة بأسهم الصحة المثالية.
مراقبة الألياف ..الحجم
والعدد والنمو والمكان
مراقبة الألياف الرحمية من حيث الحجم والمكان بالتزامن مع الأعراض المرضية، هي الطريقة الأكثر شيوعاً بل والطريقة المثلى للعلاج، وهي الطريقة المناسبة لمن هن دون سن الأربعين أو لم تكمل بناء العائلة من حيث العدد الذي تريد، أو بين الإناث غير المتزوجات للمحافظة على القدرة الانجابية للمستقبل وأعني بالمراقبة استمرارية ومتابعة تحليل الأعراض المرضية ومدى خطورتها ومضاعفاتها، وكذلك مراقبة الألياف من حيث الحجم والعدد والنمو والمكان، حيث أن نسبة لا بأس منها سيتوقف النزيف الرحمي و/أو يضمر الليف الرحمي و/أو تختفي الأعراض المرضية. لكن اختيار هذا النوع من التعامل مع الألياف يتطلب ضمان استمرارية المريضة بالمراجعة والمراقبة حتى لو اختفت الأعراض المرضية أو انتهت تماماً لاعتبار صحي بأننا لا نجزم بسبب الظهور لوأده، بل أن ذلك يمثل ظرفا استثنائيا لربع المعشر الأنثوي ضمن الرسم البياني للحياة.
الحل الأمثل لمعظم الألياف يتمثل بالحل الجراحي وأساسه خوفاً من الآثار السلبية للنزيف المتكرر طويل المدة والكمية الذي يؤدي إلى حالة من فقر الدم المزمن، وتكون خطورة فقر الدم أكثر بكثير من وجود مثل هذه الألياف، فيقسم الحل الجراحي إلى قسمين يكون استئصال الألياف لوحدها خيارا لحالات مرضية محددة بدافع المحافظة على القدرة الانجابية وهو الخيار المثالي والأوحد لمن لم يكملن عقد العائلة وهناك الجزء الجراحي المتمثل باستئصال الرحم والألياف ويكون خيارا صحيحا لمن أكملن البناء العائلي أو وصلن مشارف سن الاياس، وفي كلتا الحالتين فإن أخذ خزعة نسيجية من بطانة الرحم قبل القرار الجراحي يمثل طريقا إلزاميا بصحة الاختيار، والوقوف بمحطته لتحليل نتائجه ومناقشتها يعتبر أحد بديهيات الفطنة والصحة، ويسمح بالقفز عن هذا الحاجز في المجتمعات الشرقية بظروف اجتماعية وشخصية ضيقة تلزمنا الابتعاد عن حدود غشاء البكارة ولكنها تشعرنا بالندم أحيانا بتغليب ظروف الوراثة الاجتماعية على الجديد من حقائق المحصلات العلمية بثورة اكتشافات لم نساهم فيها بل نستورد نتائجها منقوصة.
قبل الدخول في مبررات الحلول الجراحية، لا بد من إلقاء نظرة سريعة على مبررات اللجوء إليه وأهمها النزيف الرحمي الشديد والمتكرر من حيث الكمية أو المدة أو الكمية والمدة معاً وما يحمله من تهديد لمفاصل الحياة الأنثوية ويشكل الحرمان أبرز سماتها، وهناك الالام الشديدة في أسفل البطن وخصوصاً الآلام المرافقة للدورة الشهرية، أو عدم القدرة على تقييم أعضاء الحوض وخصوصاً المبيضين، ووجود أعراض الضغط الجانبية كأعراض المجاري البولية المتكررة وأهمها تكرار التبول او إضطراب مؤسف في عادة الاخراج والمتمثلة بحداثة الامساك، كما أن ظهور الليف في سن الاياس أو ازدياد حجمه في ذلك السن فيشكل هاجسا صحيا يستحق الوقوف على أعراضه، ناهيك عن ظرف عدم المقدرة على الحمل والإنجاب أو الزيادة السريعة في حجم الليف.
قابلية الرحم واستعداده
هنا محطة التذكير والتوضيح المتكرر لسؤال روتيني إن كانت هناك احتمالية لعودة هذه الألياف بعيد استئصالها، فأقول أن هناك إمكانية لظهور جيل جديد من هذه الألياف الرحمية وليس إعادة نمو القديم منها بعد استئصاله، حيث من البديهي أن أذكر أن قابلية الرحم واستعداده لتكوين الألياف هي صفة لا تنتهي باستئصال هذه الألياف، وأمّا الحل الجراحي الأمثل فيكون باستئصال الرحم وما يحتويه من ألياف ،خصوصاً إذا كان عمر المريضة يبتعد بعدد من السنوات عن سن الاياس ولا بد من حماية المريضة من المضاعفات المرضية لمثل هذه الألياف، ويبقى هنا التوضيح لنقطة خلافية بين الجراحين عن استئصال المبيضين أثناء العملية الجراحية، فإنني أذكر هنا أن الخطوة الجراحية الأولى تكمن في إجراء دراسة لبطانة الرحم قبل العملية الجراحية الكبرى، وإذا ما كانت النتيجة بعيدة عن المضاعفات السرطانية فإنني أشدد على ضرورة المحافظة على المبيضين، للمحافظة على المنتج الأساسي لهرمون الاستروجين ذو الوظائف غير المحددة في جسم السيدة حتى لا ندخل في مرحلة الهرمونات التعويضية وما يرافقها من مشاكل غير محددة.
هناك أسلوب آخر لعلاج الألياف الرحمية وهو تناول العقاقير الهرمونية المثبطة لنشاطات الهرمونات المحفزة لوظائف المبيضين أو استخدام علاجات تعكس وظيفة هرمون الاستروجين وهي علاجات فعالة وتحتل موقعا مهما على الخريطة العلاجية وسلاح يستخدم بظروف استثنائية بالتزامن مع العلاجات الهرمونية المكملة، وذو آثار جانبية مهمة ومؤثرة وهي أيضاً ذو فاعلية كبيرة لا يمكن تجاهلها، ولا بد من حصرها في أضيق الحدود كأن يكون هناك سبب طبي يمنع إجراء العملية الجراحية، أو أن عمر السيدة قد قارب على سن الاياس، أو أن طريقة المراقبة لليف غير مجدية، وأشدد هنا على ضرورة انتقاء مثل هذه الحالات بعناية وفي أضيق الحدود ويسبقها إجراء الفحوصات المخبرية اللازمة. وهناك الجزء المهم للعلاجات الهرمونية التي تضبط المعادلة الهرمونية للمحافظة على البيئة الداخلية للجسم ولكنها ذو تأثير محدود لواقع عدم التأثير على ميكانيكية الليف وتغذيته وتجفيف وسائل التغذية والاستمرار، حيث لا بد من التذكير بحقيقة فعلها السلبي عندما تعمل على وضع المبيض بمرحلة سبات يؤسس لفصل عمري وينتهي بنوم عميق يصعب عكس آثاره.
الجليد
السباحة على الجليد تحتاج لمهارات يصعب تفقيطها أو مزاولتها بشكل الشكوك على القدرة بالفعل، واقع يماثل بفنون وضع الخطط العلاجية التي لا تقبل التعميم بأساس المحافظة على الوضع المثالي للبيئة الصحية للسيدة بإعتبارها قلب العائلة وزهرة الدفء والحنان، فلا مجال للعبث برطوبة تسحرنا ونتمناها وعطر ينشر بسمائنا رياحا تبشرنا بالجنة على الأرض وللحديث بقية!
أستاذ مشارك/ كلية الطب
استشاري النسائية والتوليد/ مستشفى الجامعة الأردنية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.