الدستور - ماجدة أبوطير
يعتبر الكلام الركيزة الاساسية التي من خلالها نستطيع ايصال الرسائل التي نريدها ونعبر عما نريده ، الا ان هذه الوسيلة قد تتعرض إلى الاضطراب في مرحلة من مراحل الانسان وخاصة فترة الطفولة اذ يظهر على كلام الطفل العديد من الاضطرابات من بينها مشكلة التأتأة ليصبح الطفل عاجزا نوعا ما عن ايصال رسالته بالطريقة الواضحة."الدستور" التقت مع العديد من الاسر والاخصائيين لمعرفة تفاصيل هذه المشكلة وكيفية معالجتها. قالت "أم سليمان" وهي أم لأربعة أطفال ، ويعاني ابنها الاوسط "علي" من التأتأة: يعاني ابني علي والذي يبلغ عشر سنوات من التأتأة وحسب تقييم الاخصائي فانه يعاني من الدرجة المتوسطة وانني خائفة بأن تزيد درجته وتصبح أولى ، ان ابني علي اصبح يعيش هذه الحالة بعد تعرضه لحادث دهس حيث ساءت حالته النفسية بالرغم من ان الحادث لم يكن خطيرا الا انه تعرض له فجأة وهو يلعب كرة القدم في الشارع وحسب تفسير الاخصائي فان التأتأة التي يعاني منها لها جذور نفسيه فهنالك فرق بين الـتأتأة النفسية والعصبية ، حيث يأخذ علي جلسات علاجية إلا أنها مكلفة ولكن لا يمنع هذا ان نوفرها له بالرغم من الوضع المادي الصعب الذي نمر به إلا ان صحة علي ونفسيته أهم ، فهذا الموضوع يؤثر على تحصيله الدراسي ونظرة المحيطين به ."التأتأة تظهر عند "عدي" فقط على الهاتف" هذا ما قالته "أم عدي" البالغ ابنها من العمر تسع سنوات.وتضيف:ان ابني لا تظهر عنده التأتأة إلا في الحوار فقط في اثناء الاجابة على الهاتف وانني مستغربة حقا من حصر هذه الحالة على مواقف محددة ، وقد نصحتني المرشدة في المدرسة ان أجلس معه ساعات مطولة وأعرف لماذا تصيبه التأتأة على الهاتف بالتحديد وأن أعمل على تعليمه تمارين تنفس معينه ستساعده على الكلام بطريقة واضحة.المعلمة "نعمات ملص" تبين تأثير التأتأة على الطلبة وتقول: كثيرا ما يميل الأطفال المصابون بالتأتأة الى الانسحاب والابتعاد عن النشاطات الاجتماعية ، فهم لا يحبذون الاختلاط مع الآخرين كي لا يتعرضوا للإحراج ممن حولهم ، وبالنسبة للأطفال المصابين فإن الوالدين يشعران بالألم خاصة عندما يتكلم أبنهما أمام الآخرين ويبادله هؤلاء الشفقة أو السخرية ، فكثيراً ما يعتقد الوالدان بأنهما السبب في ذلك فيتولد لديهما شعور بالذنب ، وقد يعمدان إلى محاولة عدم ترك الطفل يتحدث أمام الآخرين حتى لا يلفت النظر إليه .اخصائية النطق واللغة "هويدا حمد" تقول: التأتأة أحد مظاهر اضطرابات الكلام وصفتها أن يكرر المتحدث الحرف الأول من الكلمة عدة مرات ، أو أنه يكون عرضة للتردد عند نطق كلمة ، وتصحب هده الحالة تغيرات جسمية وانفعالية تظهر واضحة في تغير تعبيرات الوجه وحركة اليدين وكذلك إحمرار الوجه والعرق أحيانا.وتشمل أسباب التأتأة الجوانب النفسية والاجتماعية كتلك التي تتعلق بالتربية والتنشئة الاجتماعية ، فأساليب التربية التي تعتمد على العقاب الجسدي والإهانة والتوبيخ كثيراً ما تؤدي إلى إصابة الفرد بآثار نفسية وإحباطات من شأنها أن تعيق عملية الكلام عند الأطفال ، فكثيراً ما يلجأ الآباء إلى إهانة الأبناء أمام الغرباء وتوبيخهم ومعاملتهم دون احترام ، كما أن إهمال الآباء للأبناء ومحاولتهم إسكات أبنائهم عند التحدث أمام الآخرين يؤدي في النهاية إلى خلق رواسب نفسية سلبية تعمل على زعزعة الثقة بالنفس لدى الطفل ما يجعله يشك في قدرته على التحدث بشكل صحيح أمام الآخرين ، كما أن هناك أسبابا تشريحية عضوية كأن يعاني الشخص المصاب من خلل واضح في أعضاء الكلام أو يصاب بهذه المشكلة نتيجة لأصابة الجهاز العصبي المركزي بتلف أثناء أو بعد الولادة ، ويعتقد بعض علماء النفس أن هذا السلوك بدأ إرادياً وأصبح بعد ذلك لا إرادياً.يخطئ من يعتقد أن التأتأة لا علاج لها ، خاصة إذا كانت ناتجة عن أسباب نفسية ، إذ ينبغي علينا اللجوء إلى المختصين والبحث معهم في إمكان علاج هذه المشكلة ، ومن المؤلم أيضاً أن نحاول إخفاء الشخص المصاب عن أعين الناس ، والمؤلم أكثر هو أن تمنعه من البحث عن علاج لهذه المشكلة ، أما تجنب الظاهرة فيتحقق بأن تعتمد الأسرة في بداية تنشئتها للأطفال إلى تشجيعهم على التعبير الصوتي لما يجول في أنفسهم ، كما ينبغي أن نكف عن عقاب الأطفال عندما يحاولون التحدث والمناقشة وإبداء الرأي فلندعهم يتكلمون ولنستمع إليهم ، كما ينبغي ألا نعاقبهم عند محاولتهم إثبات ذواتهم والتحدث مع الآخرين ، أما الإهانة والتوبيخ للطفل أمام الآخرين من شأنه أن يؤدي إلى خلق شخصية غير سوية للطفل فتدريب الأطفال على التواصل الاجتماعي مع الآخرين وتوضيح ذلك كله يعلمهم العادات والتقاليد التي تخص مجتمعهم وتساعدهم على التمييز بين ما هو مقبول وما هو مرفوض من قبل الأسرة ، ونكرر مرة أخرى يجب ألا نترك الطفل يكتسب الخبرة بعد العقاب. ومن طرق العلاج أيضا طريقة تأخير التغذية الراجعة السماعية وتكون عندما يواجه هؤلاء الأشخاص بأصواتهم ونُسمًعَها لهم بعدة تسجيلات على آلة التسجيل ، وتتم إعادة سماعها عدة مرات حتى يتعرف الفرد إلى طبيعة الحروف والكلمات عندئذ يعمد إلى التحكم وتجريب الكثير من التغيرات مثل السرعة في الكلام فيبطئ ، ويجب أن يتم التدريب تحت إشراف أخصائي .ومن الطرق المهمة في العلاج الحديث الإيقاعي ويتم ذلك بتدريب الفرد على التحدث بإيقاع معين متزامن ، حيث إن عملية ضبط الوقت من شأنها أن تزيد السلاسة أو الطلاقة في الكلام ، بالإضافة إلى التعلم الإجرائي ففي هذه الطريقة نستعمل أساليب التعلم الإجرائي مثل التعزيز الذي يقدم للفرد عندما يتقن عملية الكلام بدون تأتأة ، هذا بالإضافة إلى الكثير من الإجراءات السلوكية التي ممكن أن تتعلمها أسرة الشخص المصاب بعد مراجعتهم للأخصائي النفسي.