لا تظهـِر الحرب المستمرة في سوريا للعام الخامس على التوالي أي بوادر للتراجع، حيث يعتقد أن ما يزيد عن 200.000 شخص لقوا حتفهم، رغم مواجهة الأمم المتحدة صعوبة بالغة في الاستمرار في احتساب عدد الضحايا للدرجة التي جعلتها تكف عن فعل ذلك!! وربما يوجد أكثرمن مليون جريح أيضاً. أما من اضطروا إلى ترك بيوتهم فقد تجاوز عددهم الـ 12 مليون شخص مع ما يقارب الـ 4 مليون ممن هربوا إلى الخارج. لقد أصبحت سوريا على رأس قائمة الدول المصدرة للشعوب الهاربة إلى أوروبا على متن زوارق التهريب. ويقال إن ما يقارب الـ 250 ألف نازح سوري التمسوا ملجأً إلى العراق التي مزقتها الحرب أيضاً.
وقد سببت الحرب داخل سوريا واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في القرن الـ (21)، وبحسب إحصائيات للأمم المتحدة فإن ما يقارب من (12) مليون شخص أي نصف عدد سكان سوريا تقريباً بحاجة ماسة إلى المساعدة، في حين أن الاقتصاد محطم، فأربعة سوريين من أصل خمسة يعيشون في فقر مدقع في حين بلغ معدل البطالة نسبة الـ (50%). وتقول منظمة الصحة العالمية إن (57%) من مستشفيات سوريا العامة قد تضررت، وإن نسبة (37%) منها خرجت تماماً من الخدمة (بسبب استهداف قوات بشار الأسد للعديد من المرافق)، فالكثير من أطباء البلد هربوا للخارج مما أدى إلى عودة مرض شلل الأطفال لبعض الوقت، وبلغ اليوم متوسط سن السوريين إلى (55) عام أي بواقع (20) سنة أقل مما كان عليه
المتوسط قبل بدء الحرب.
ويقول بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة إن سوريا فقدت ما يعادل أربعة عقود من التنمية البشرية، فأكثرمن (4000) مدرسة أصابها الضرر البالغ، في حين تم تسخير العديد من مباني مدارس أخرى لأغراض عسكرية، وبلغ عدد الأطفال المنقطعين عن الدراسة حوالي (3) مليون طفل، وانخفض إنتاج الطاقة الكهربائية بنسبة (56%) بحسب تصريح لوزير الكهرباء السوري، ما أدى إلى جعل البلد بالإضافة إلى مشكلة النزوح، أكثر قتامة بنسبة (83%) مما كانت عليه قبل بداية الحرب.
كذلك عانت الثقافة السورية والتراث السوري أيضاً، وفي معظم الأحيان على أيدي الدواعش الذين استولوا مؤخراً على مدينة تدمر الأثرية، لكن خسارة القطع الأثرية رغم فداحتها، تبقى شاحبة أمام مناظر المذابح البشرية نتيجة الحرب. وفي أعقاب تقدم مقاتلو داعش، يستمر الأسد في استخدام الأسلحة الكيميائية مثل غاز الكلورين، في حين يعتقد المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب الصراع من خلال شبكة من المخبرين على الأرض ومركزه لندن، أن داعش تسيطر الآن على نصف مساحة الأراضي السورية، مؤكداً أن الأزمة على الأرجح في طريقها إلى الأسوأ.
ترجمة: السوري الجديد