زينب سليم
هل يتحول الأمر في كل مرة تقول فيها لطفلك “لا” إلى صراع عنيف؟، تعرض الكاتبتان ما شاركته معهما إحدى الأمهات التي حكت بأن كل شيء يتحول إلى مشادّة مع ابنها، حتى أبسط طلب، فهو لا يعترف بـ (لا) كإجابة وهذا أحبطها جدًا.
يجد العديد من الآباء أنفسهم قد دخلوا في تفاوض مع أبنائهم حينما يُقابلون بأي نوع من المقاومة، ولاشك أن التفاوض مهارة حياتية مهمة تساعد على التوصّل إلى اتفاق أو حل وسط من خلال المناقشة، ولكنها أيضًا قد تعني تخطّي شيء ما أو الالتفاف حوله. فعندما يتعلق الأمر بالأطفال تجدهم يحاولون الالتفاف حول ما نقوله ليحصلوا على ما يريدون.
ينبغي أن يكون طفلي محاميًا يومًا ما
أحيانًا يكون الحديث مع طفلك- خاصة إذا كان ذو شخصية معارضة أو جريئة- أشبه بالتواجد في قاعة المحكمة، فإذا أبلغت ابنتك المراهقة مثلا بأنه ليس بإمكانها استضافة صديقتها في البيت، تجدها على الفور قد وضعتك في منصة الشهود!.. تعطي الكاتبة مثالا على هذا بحوار قد يدور بين أم وابنتها، حيث تقول الفتاة: “ألم تخبريني أنني بحاجة إلى إيجاد شيء ما مفيد لأفعله لكي لا أجلس في

المنزل طوال فترة الصيف؟”، وعلى حين غرّة تبدأ الأم في الدفاع عن قرارها: “حسنًا، نعم، لكنه ليس يومًا مناسبًا لاستضافة الأشخاص، وأنا متعبة ولدي عمل غدًا في الصباح الباكر، بالإضافة إلى أن غرفتك في حالة من الفوضى!”، فتجيبها ابنتها التي تقوم بدور المحامية الهاوية: “إذًا فالإجابة نعم، فقد قلتِ لي بالفعل أن أعثر على شيء لأفعله!..ومن فضلك – الإجابات تكون بنعم أو لا فقط – تقولين هذا لأنك متعبة وأنا غير مسموح لي برؤية الآخرين؟ وماذا لو قمت بتنظيف غرفتي أولًا؟ هل يمكنني استضافة صديقتي وقتها؟”، تتعب الأم من كونها في موقف دفاعي فتستسلم بسهولة لكي تتوقف ابنتها عن إلحاحها وتجيبها: “لماذا تجادلين دائمًا في كل الأمور؟ حسنًا، يمكنك استضافتها ولكن من الأفضل لك أن تنظفي غرفتك!”
التفاوض “حول” في مقابل التفاوض “مع”
يوضح المقال أن الموقف السابق هو مثال تقليدي لطفلة تحاول التفاوض حول ما تقوله والدتها لتحصل على ما تريد، فابنتها لم تكن تبحث عن إيجاد أرضية مشتركة. وقد وقفت الأم في طريق خططها، لذلك عرفت الفتاة كيف تلتف حول ما تقوله الأم، فاستدرجتها لكي ترغمها على الموافقة لإنهاء المشاجرة، وقد مررنا جميعًا بهذا كآباء.
وتضيف كيم ومارني بأن المناقشات التي تحدث مع طفلك بعد أن أعطيته قرارك النهائي ليست مفاوضات! ، فما يحدث في تلك الحالات هو أن طفلك يتفاوض حول ما تقوله، في محاولة لإيجاد مخرج وليس لإيجاد أرضية مشتركة.
كيف توقف الإفراط في التفاوض
تنصح الكاتبتان بأنه من الأسهل تجنّب الإفراط في التفاوض مع الطفل بدلًا من محاولة إصلاح الموقف بعد أن كنت قد أعطيت جوابًا بالفعل، وتعطي كيم هنا خمس خطوات يمكنك اتخاذها بالفعل لتصبح أكثر فعالية
1. توقف لحظة للتفكير قبل إعطاء إجابة نهائية
فدائمًا ما يكون الآباء منشغلين، وأحيانًا يطلب الأطفال خمسين طلبًا في الساعة، ومن السهل أن تقول لا دون النظر فعلًا في الطلب، فهذا أسرع وأقل إرهاقًا في تلك اللحظة، لكن على المدى الطويل، قد يزيد هذا الأمر الضغط الحادث نتيجة المشاجرة وربما تأسف على الجواب المُعطى بسرعة، فليس من الخطأ في شيء أن تقول لطفلك: “دعني أفكر في الأمر لعدّة دقائق”، حتى إذا لم يبدُ طلبًا مهمًا.
2. فكّر في الطلب واعطِ ردًا في الوقت المناسب
إذا أخبرت طفلك بأنك ستفكر في طلبه لعدة دقائق فلتحرص على أن تجعلها عدة دقائق بالفعل، ولا تُؤخرها لساعة ثم تعود لتتواصل معه، فتأخير إجابتك قد يحبط طفلك ويجعله مُلحًّا حتى يقودك لقول “لا” فقط لإيقافه، وإذا كنت في حاجة إلى الانتظار لجمع المزيد من المعلومات قبل اتخاذ أي قرار، فأخبره بهذا مقدمًا، وتعطي الكاتبة مثالًا: “أعلم أنك تريد الذهاب إلى ماكدونالد للعشاء لكن قد يكون لدى والدك خطة ما لا أعلمها، لذا سننتظر إلى حين عودته إلى المنزل ونتحدث بشأن هذا الأمر، وسأجيبك في خلال خمس عشرة دقيقة من عودته”، بهذه الطريقة يحصل طفلك على جدول زمني ويعرف ما يمكن توقعه، وتكون قد احترمت طلبه والتزمت بكلمتك.
3. خُذ في الاعتبار لماذا سترفض قبل أن تُعطي جوابًا
يحدث التفاوض عادة حينما يرفض الأهل شيئًا يريده الطفل، في حين أن الأطفال لديهم الكثير من الرغبات، فهم يريدون التنزه وفعل وشراء أشياء كثيرة وقد يصبح الأمر مربكًا، و نحن أحيانًا نعطي إجابة تلقائية بالرفض دون النظر إذا ما كانت الإجابة تحتمل الموافقة، فعلى سبيل المثال يسألك طفلك ذو الست سنوات إذا كان بإمكانه استخدام طلاء الأصابع، وغريزتك تخبرك بأن ترفض، فليست لديك الرغبة في تنظيف الفوضى التي ستحدث، ولكن غالبا ما تندم على قرارك بعد الرفض، وتدرك أنك قد فوّت فرصة إبقاء طفلك مشغولًا وإشراكه في نشاط إبداعي، وتغيير رأيك بعد إلحاح الطفل مرارًا قد يبدو وكأنه استسلام في حين أن السبب الرئيسي ليس كذلك، وهذا يشجع طفلك على أن يحاول دائمًا أن يلتف حول ما تقول.
4. اجمع كل ما تحتاج من معلومات قبل إعطائك الإجابة واجعل توقعاتك واضحة
إذا أخبرك طفلك ذو العشر سنوات “هل بإمكاني الذهاب إلى منزل “جوني”؟”، تأكد من أنك تعرف بالضبط ما يعني ذلك، فكيف سيصل إلى هناك ومن سيكون بالمنزل وما الذي سيفعلونه؟ فمثلًا يمكنك الرد “بإمكانك الذهاب إلى منزل صديقك طالما أن والده هناك وأنك ستلعب في ساحة المنزل. فقد يجنبك هذا الوقوع في شِرك الاضطرار إلى إلغاء الأمر عند سماع أن والدي جوني ليسا بالمنزل، وأنه قد دعا عشرين صديقًا مقربًا ليحتفلوا بدون رقابة.
5. أشرك طفلك في القرار، إذا كان مناسبًا
ليست كل المواقف قابلة للتفاوض ولكن بعضها كذلك، فليس خطأً أن تتحدث مع طفلك عن سبب طلبه لأمر معين، فقد يدعوه ذلك للتفكير في سلبيات وإيجابيات المواقف، بالإضافة إلى أن الحديث عن طلبٍ ما لا يعني أنك قد التزمت بمنحه.
حينما يكون الجواب “لا” ببساطة
تذكر الكاتبة أن هناك موقفين تريد فيهما أن تثبت على موقفك مهما كان الأمر صعبًا، أولهما عندما تُمعن النظر في الأمر وتكون الإجابة بالرفض. وتضرب مثالًا على “تيفاني” المراهقة التي تريد الذهاب إلى حفلة صديقتها التي سيقدم خلالها الشراب بالتأكيد، وتقوم بالإلحاح على والدها ومحاولة الالتفاف حول ما يقوله. ففي هذه الحالة يمكنك استخدام إحدى تلك الإجابات: بأنك قد فكرت في الأمر مليًا والأمر ليس محلًا للنقاش لذلك سترفضه، أو أنك تعلم مدى رغبتها في الذهاب لكن ليس هناك مجالا للنقاش، ولست في حاجة للدفاع عن قرارك. أما الثاني حينما تعطي إجابة سريعة بالرفض قبل التفكير في الأمر وقد يحتمل الموافقة إذا أعدت النظر به، لكن حتى في هذه المواقف تنصحك الكاتبة بأن تلتزم بإجابتك الأولى، وإلا فقد يتلقى طفلك الرسالة بأن الإجابة بالرفض أحيانًا قد تتحول إلى الموافقة، إذا ظل يلح لفترة كافية.
حينما نتخذ كآباء قراراتنا بناء على مشاجرات أو خلافات مع الطفل، يخسر الجميع. ونصاب بالإحباط والفشل، ويأتي أطفالنا بالفكرة الخاطئة بأنه لكي تحصل على ما تريد، وقد قوبلت بالرفض فعليك أن تجادل، ويخلق أيضًا الانطباع الخاطئ بأن الآباء والأبناء على نفس المستوى من التفكير، وهم في الحقيقة ليسوا كذلك.

JoomShaper