الرابطة الأهلية لنساء سورية
تعالين نتوقف معاً عند أي دورية سيارة مرئية أو مقروءة، مجلة، أو جريدة، أو برنامج تلفزيوني نسائي أو حتى صفحة المرأة، أو أبواب (قضايا المرأة) أو (قضايا المجتمع) أو (ركن المرأة) أو ما شاؤوا من أبواب يعتبرونها مخصصة (لموضوع المرأة) الإنسان والقضية والمشروع..
تعالين نتوقف أيضاً عند المواقع الالكترونية، المتخصصة بأجنداتها المحلية أو الدولية ثم نتساءل عن المساحة الضيقة التي يراد للمرأة أن تحشر فيها. وعن اللافتة التي يريدون رفعها فوق رؤوس نساء العالمين، وعن الثقافة التي يريدون من خلالها تحديد المحور البئيس الذي تدور عليه المرأة صباح مساء..
عندما اخترنا لموقع الرابطة الأهلية لنساء سورية عنوان (أمهات بلا حدود)، أردنا أن نقول للعالم أجمع إن (الأمومة) الإنسانية في خطر، وأن الأنوثة في خطر، وأننا سنأخذ على عاتقنا الدفاع عن الأمومة في رحمها الإنساني، بغض النظر عن الدين والعرق والانتماء القومي أو الجغرافي..
وأردنا أن نقول: إن المؤامرة وإن كانت أشد ضراوة على المرأة (العربية) و(المسلمة) لما تمثل في حصونها الحصينة من مناعة وصلابة، دون أن ننكر تسرب الوهن إلى بنيانها هنا وهناك، إلا أن المؤامرة على المرأة مؤامرة ذات أبعاد عالمية. إنها مؤامرة على الأنوثة والأمومة في كل مكان..
عندما كتبنا في هذه الزاوية من وأد الأنثى إلى وأد الأنوثة، وتوقفنا عند عناوين (الجندر) و(السيداو) كنا نعني ما نقول. قد يكون من الإنصاف أن نقول أن في هذه المواثيق أو المفاهيم كثيرا أو قليلا من الحق، ولكننا عندما نتأمل الأساس الذي قامت عليه هذه المواثيق، والهدف الذي تسعى إليه لا بد لنا أن نقف متوحدين في وجه المشروع الرأسمالي الأصلي الذي يسعى إلى تجريد الحياة الإنسانية من أبعادها الأخلاقية، ومن دفئها العاطفي. لتبني جميع العلاقات على قانون: السوق، وليس على قانون المودة والرحمة. على قانون الرغبة وليس على قانون الطبيعة..
وفي إطار هذه الرؤية الأولية التي نتمسك بها بقوة وإصرار واعتزاز نتساءل عن الفصول الأهم أو الزوايا الأهم في عالم تثقيف المرأة في صفحاتها الخاصة سواء كانت هذه الصفحات الكترونية أو ورقية..
جمالك سيدتي.. العنوان الأول الذي ينقلنا إلى عالم الألوان والأصباغ و(البدكير والمانكير..) وطرائق إزالة الشعر أو صبغه أو تلوينه أو تلوين العينين، أو عمليات التجميل وشد الوجه والمحافظة على نضارة البشرة ذلك فصل هام من فصول الثقافة الكونية لعالم المرأة الحديثة المعاصرة له معطياته العلمية وله مصطلحاته وأدواته الناهية والنافية والناصبة والجازمة أيضاً..
وهم التنحيف.. يشتق من الفن الأول، ويتحول الفن إلى فنون (التخسيس والترشيق والتنحيف) الأمر الذي أصبح هوساً عالمياً يأخذ جل اهتمام النساء ، ولاسيما الصبايا الصغيرات، في العالم كله وليس فقط في عالمنا العربي والإسلامي أو جامعاتنا أومدارسنا!! هوس جماعي، حتى أصبحت الفتاة التي تعاني من شيء من البدانة كبيراً كان أو صغيراً، كأنها من صاحبات العاهات الإرادية ، تستحي من الظهور في المجامع، أو الاشتراك في الحفلات أو لبس ما يلبسه سائر الناس..
من هذا وذاك تنقلك الدوريات الحداثية النسائية إلى ثقافة الأزياء، اللون، والموديل، وآخر ما طرح في الأسواق، بل آخر ما لبست فلانة أو فلانة من رموز الفن أو نساء صالات عرض الأزياء أو ما لبست ممثلات المسلسل والمذيعات..
ولا ينس الإعلام الاجتماعي المخصص لتوعية النساء الحديث عن فنون الطبخ، وألوان الوجبات. تقضي النساء أمام الشاشات الساعات الطوال، وكأنهن يتعلمن أسرار انقسام الخلية، أو تحليل عملية التمثيل الضوئي في النبات.
وسوف لا تفقد في ثقافة النساء المعاصرات فيما خصص لهن الإعلام الاجتماعي المشوه من أبواب وقفة مطولة عن قراءة (الأبراج)، فبرجك هذا الأسبوع زاوية مهمة يدأب على مطالعتها مثقفات متقدمات يحملن أعلى الشهادات، يدمن على الزاوية أو الباب كما يدأبن بعد شرب كل قهوة على قلب الفنجان..
والمفارقة التي تعيشها الأمة أن مثقفيها يجمعون على إدانة العادة المتآكلة التي كانت تقوم بها النوريات (فتاحة الفال) أو المشعوذين من المتلبسين بالإسلام من كتابة الحجب والرقى وتعليق التمائم.. ولكن نساء العصر الحداثيات إذا وصلن إلى قارئي الأبراج تباروا بالإدلاء بشهادات الصدق والعرفان.
وفي ثقافة المرأة المعاصرة الحداثية، التي يتيه في فضائها الإعلام الاجتماعي سنجد الكثير عن أخبار الفنانين والفنانات، في السينما والمسرح، والألبومات وأخبار النساء، فلانة تطلقت، وفلانة على وشك الزواج.
وسنجد في هذا الإعلام أيضا عرضا وإلزاما دقيقين لبنود قوانين( الإتيكيت بنسخه الفرنسية والانكليزية والسويدية وما فيها من اختلاف الروايات..
فإذا تقدمنا خطوة على طريق الإعلام الاجتماعي وجدنا قوماً ونساء يعيشون ويعشن هماً مفروضاً عليهم وعليهن فليس لهم ولهن حديث إلا عن (جرائم الشرف) أو (زواج الصغيرات) حالات محدودة تحصى بالعشرات بينما تضيع هموم وحقوق ملايين النساء.
أين هي ثقافة المرأة العربية الإنسانية والقومية في أطرها الحقيقية؟! لا نزال نسمع من يتهكم علينا بفقه الطهارة، ولكننا نأسف أن نقول إن الكثير من صبايا الأمة وبناتها ونسائها لا يعرفن الأوليات الأولية لنظافة الإنسان
يؤسفنا أن نقول أن الكثيرات اللواتي يحفظن ويوجبن على المجتمع أن يحفظ ويلتزم بقواعد الاتيكيت الفرنسي أو البريطاني أو السويدي، ينكرن علينا إذا قلنا أن أدب الإسلام في الطعام والشراب أو في الدخول والخروج..
ثقافة المرأة فيما ينبغي أن تعرفه عن حقوقها وواجباتها الشخصية، بدءاً من فراشها مع زوجها وانتهاء في حياتها العامة..
ثقافة المرأة للقيام بدورها كزوجة وكأم، وكعضو فاعل منجز في مجتمع تعيش فيه،
ثقافة المرأة في قدرتها على إدارة أوقاتها بين الأهم والمهم بين وقت الراحة واللغو المباح وبين استثمار الوقت بما تنفع فيه نفسها والناس..
هذا الإعلام الاجتماعي الذي يجب أن نبني، الإعلام الذي يعلم الناس ما ينفع الناس.
هذا الإعلام هو الإعلام المفقود وهو الإعلام المطلوب.