الرابطة الأهلية لنساء سورية
من نفس واحدة
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا...
والذكر والأنثى وجهان لحقيقة واحدة هي الإنسان. وسواء كانت النفس الأولى هي
نفس الذكر، أو أنها النفس الكلية ، فإن الحقيقة الإنسانية الواحدة هي التي تؤكد عليه
الآيات. وحدة الأصل بالنسبة للنوع الإنساني، هذه واحدة والثانية استواء القسمة بين شقي هذا النوع ( إنما النساء شقائق الرجال) وتقول العرب هذا شقيق هذا، إذا انشقا بنصفين متماثلين، فكل واحد منهما شقيق الآخر أي أخوه. والشقيق ما شُق مستطيلا، والقطعة المشقوقة نصف الشيء إذا شُق، والشقيق الأخ، وكل ما شُق نصفين طولا كان كل منهما شقيق.
وهو امرؤ وهي امرأة...
وكلاهما ابنا المروءة. والمروءة السجية الجامعة لكل فضل ، النافية لكل نقص. وتعلق المروءة بالفضل أكثر من تعلقها بالحق أو بعدها عن الباطل، لأن أداء الحقوق، واجتناب المظالم هو بعض الواجب الذي إنما يمدح فيه الإنسان في الزمان البئيس، وإلا فأي فضل لامرئ أو امرأة يؤديان ما عليهما ويتجنبان ما لا يحل لهما..
وإذا سلمنا أن المصدر أصل المشتقات علمنا أن المروءة في لغة العرب الشريفة قد ألبست المرء والمرأة ، ثوبا من نسجها وحاكت لهما اسما من لفظها، فاستبدت به هي حتى شاع وطار وغدا علما تكاد تنفرد به، ويُنادى به عليها ما دامت منفردة، ودفع هو إلى اسم ( الرجل ) لما فيه من شدة وقوة وارتجال...
وهي وهو إنسان ولا تقولي إنسانة
ثم وجدنا في العديد من لغات أهل الأرض أنه فيها قد استأثر باسم النوع واحتكره، وأنكِ لا تكادين تميزين بين قول الشاعر أو الكاتب ( رجل ) وبين قوله ( إنسان) إلا من السياق الذي يرشح لك المعنى المراد. فكان في هذا نوع من الاحتكار الذميم والظلم المعهود في أخلاق الرجال وأحلامهم أيضا:
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق
نعم يضيق الوالد بولده ولكن أما لا تضيق بأبنائها مهما بدا أو تبدى منهم، ينادي قلبها المدمى والمضرج بيد وليدها إذ وليدها عثر:
ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر
هي إنسان، وهو إنسان، ولا تقولي إنسانة فذاك خطأ لا يليق. وتذكري: ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا، إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا. إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) وتذكري ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك)
وهي وهو كلاهما زوج
وفي كلامهم الفصيح أن كليهما زوج، ولا تقولي زوجة فهي لغة رديئة. (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة)، فهو زوجها وهي زوجه، والزواج يقتضي طباقا بين الزوجين أي تقابل تضاد يولد حالة من الانسجام والاكتمال. والزوجية لمن يحاول أن يتهرب من مقتضياتها أو استحقاقاتها سر من أسرار الخلق ( ومن كل شيء خلقنا زوجين ) وظن البعض الزوجية مقصورة على خلق الحيوان، ثم رصدوها في عالم النبات، ثم ها نحن نتابعها في بنية المادة، في الذرة وطريقة توزع الكهارب السالبة والموجبة والمخلاة هناك...
وكلاهما عروس، هو عروسها وهي عروسه،
ولا تقولي عريس فهي من أحرف العامة. وفي السيرة النبوية وقد بات عروسا ببعض نسائه...
وهو وهي مسئولان عن الخطيئة الأولى
وليس صحيحا أنها تنفرد بحمل إثمها، (فوسوس لهما الشيطان قال هل أدلكما على شجرة الخلد وملك لا يبلى) ( وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه فهدى). دون أن ننسى أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، وأننا نؤمن أن الإنسان يولد نظيفا طاهرا بريئا حتى تلطخه آثامه بما كسبت يداه..