الرابطة الأهلية لنساء سورية

يحتم علينا الأدب العام أن ننظر باحترام وتوقير إلى علماء الأمة. وأصحاب المواقع العامة منهم بشكل خاص. مشيخة الأزهر في مصر مرجعية ليست مصرية فقط بل هي إسلامية عامة. فقد اكتسب الأزهر عبر تاريخه الطويل مكانة إسلامية في شرق العالم الإسلامي وغربه جعلت منه محط الأنظار ومعقد الآمال.

وقبل الخوض في موضوع هذا المقال نحب أن نشير إلى أن توفير الاحترام والتوقير للقائمين على هذه المؤسسات والمواقع الإسلامية العامة يجعل منهم صمام أمان، وملاذاً عادلاً لكل أبناء الأمة في ساعات عسرة يكون فيها الجميع بحاجة إلى من يقول كلمة قسط تكون موثوقة. إن استهلاك مثل هذه الشخصيات في مواقف ومآرب وقضايا ذات طابع دعائي محض، يفوت الكثير من الفرص عندما يحتاج المناخ العام إلى كلمة تغلق باباً للفتنة وتفتح أبوابا للألفة.
وبالعودة إلى معركة النقاب، التي يُقال إن مشيخة الأزهر قررت منعه في كلياتها ومعاهدها، وبأن شيخ الأزهر نَهَرَ طالبة في أحد المعاهد لأنها آثرت أن تضع النقاب لدى دخوله قاعة الدرس مع وفد مرافق له.
نعترف ابتداء أننا لسنا في مقام الحجاج الشرعي مع صاحب الفضيلة فهو كما نقلت عنه بعض الجهات أعلم منا ومن الذين (خلّفوا المدرِّسة التي دافعت عن تلميذتها) في أحكام الشرع..
وسنذهب مع صاحب الفضيلة إلى أن الشريعة تبيح للمرأة المسلمة أن تكشف وجهها، وهو أعلم منا باتفاق جمهور العلماء على أن وجه المرأة ليس بعورة. ونحن متأكدون أن فضيلة الشيخ قادر على أن يمطرنا بوابل من النصوص والاستشهادات التي تؤيد موقفه واختياره الفقهي. ولكننا واثقون أيضاً أن فضيلة الشيخ لن يجد نصاً واحداً يمنع المرأة إذا أرادت أن تحجب وجهها أو أن تستره على الطريقة التي تشاء وتختار..
نفضل في هذا المقام أن نخرج بالقضية من بعدها الشرعي، مع تأكيدنا على أن لها بعداً شرعياً متطابقاً تماماً مع ما يقرره بعض الذين يحبون أن يمضوا مع التيار، وأن ننظمها في إطار أخواتها من قضايا الحرية المدنية الفردية. حرية المرء والمرأة في لبس ما يشاء بالطريقة التي يشاء.
لا نظن أن شيخ الأزهر كان قادراً على الإنكار على طالبة في جامعة القاهرة لو رآها تكشف عما يُستحيا من ذكره من أجزاء جسدها. ولو أنكر لقام (رسل الحرية) الفردية في عالمنا على قدم واحدة مهددين ومنددين.
لكل مبدأ من المبادئ ظلاله التي ينبغي أن يتفيأها الجميع، وإذا كان البعض يفضل أن يتمتع بحقه في (أن يخلع) تحت مظلة الحرية فمن حق بعض آخر أن يتمتع بحقه في (أن يلبس ويستر) تحت المظلة نفسها. خذ وأعط، واترك للإرادة الإنسانية حقها في الاختيار، هذا بعض التحدي..
هذا بعض ما أردنا أن نبلغه لصاحب الفضيلة الشيخ السيد طنطاوي، ولكنه ليس كل شيء، وليس هذا هو ما حفزنا لكتابة هذا المقال..
يقول الخبر الذي وصلنا عن فضيلة الشيخ إن الفتاة الصغيرة طالبة الثاني الإعدادي، انصاعت لطلب فضيلته فسفرت عن وجهها. فقال لها فضيلة الشيخ باللهجة المصرية (أمال.. لو كنت جميلة كنت عملت إيه..)
هذا الذي نتمنى ألا يكون قد صدر فعلاًَ عن فضيلة الشيخ. وهذا الذي نرجوه لو صدر عنه أن يعتذر عنه!!
تلقينا هذا الجزء من الخبر من مصادر متعددة كلها تقاطعت عليه. وفي هذا لو ثبت، خطيئة كبيرة تصدر عن كبير له مقامه في الدين والمجتمع  والحياة.
جميلة هي هذه الفتاة لأنها خُلقت في أحسن تقويم، ولا ندري فضيلة الشيخ: أيعيب المخلوق أو يعيب الخالق!!
جميلة هي هذه الفتاة، وكل فتاة، وما صدر عن فضيلة الشيخ، لو ثبت، يصطدم صراحة بقوله تعالى: (لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن..)
صاحب الفضيلة نعلم أنك فقيه في الدين وفي السياسة ولكننا ما علمنا أيضاً أنك خبير في علم الجمال وأنه يمكنك أن تشترك في لجان التحكيم لاختيار ملكات جمال العالم في كل مكان..
فضيلة الشيخ هذه فتاة في عمر حفيدتك، بل لعل أمها في عمر حفيدتك أتدري أي جرح خلفته في نفسها بحضور زميلاتها وصديقاتها بكلمتك التي تمزج مياه البحار..
وهل كلمتك هذه تدخل في سياق القول الرسالي السديد المأمور به في قوله تعالى (اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً..) وأنت الذي سمعناك في مواطن كثيرة تُلين في مواقف الإغلاظ وكنا نكلك إلى فقهك، ونقول الرجل أدرى بما يأتي وبما يدع..
ولا نرى ما نختم به هذا المقام غير قول من قال:
يا معشر القـراء يا ملح البلد
ما يصلح الملح إذا الملح فسد

 

JoomShaper