الرابطة الأهلية لنساء سورية
من مروة الشربيني إلى مروة القاوقجي إلى كل مروة مقتولة بسكين التعصب الحداثي... صورة للجريمة الواحدة القائمة على نبذ الطهر والعفاف من حياة الناس ينبغي على شرفاء العالم وشريفاته والمؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة أن يتصدوا لها..
مروة الشربيني قتلت، توقفي إذا شئت عند عدد الطعنات التي مزقت جسدها، واحدة اثنتان ثلاثة خمسة سبعة عشرة خمس عشرة ثماني عشرة طعنة وهيئة المحكمة القاضي والأعوان، وأمن المحكمة، والملأ في المحكمة كلهم يتفرجون أو يستمتعون، ربما كما كان أباطرة روما يستمتعون بمشهد العبد تفترسه الأسود... عدد الطعنات عند الأطباء النفسيين تعبر عن حجم الحقد الدفين في نفس المجرم الأثيم.
مروة الشربيني لم تكن على مساس مباشر بالقاتل الأثيم، حقده عليها الذي عبر عنه بثماني عشرة طعنة، وسط تغاض ملحوظ من هيئة المحكمة ورجال أمنها والملأ الموجود فيها، لم يكن على شخصها، وإنما كان على الدين والعرق والجنسية التي تمثلها مروة..وها هنا مكمن الخطر، وها هنا الخيط الذي يربط مروة بمروة وبكل مروة تقتل ماديا أو معنويا على ظهر المسكونة بعالميها القديم والجديد...
النازي أليكس لم يكن يتهم مروة الإنسان.. كان يتهم ديناً وعقيدة وحضارة وأمة، كان يتهم رمزية العفاف والشرف والإباء في هذه الأمة.
هذه الأمة التي تركت جنازة مروة للدفن لم يقل مسئول فيها لآخر: عظم الله أجركم..
مروة الشربيني قتلت وفي بطنها جنين عمره أربعة أشهر. الجنين الذي في بطن مروة لم يعلق خلسة، ولم يكن ناتج خطأ لعملية سفاح. ومع ذلك لم نسمع من واحدة من اللواتي والذين يتباكين كل يوم على ضحايا الإثم كلمة رثاء بحق مروة، أو استنكار للجريمة، أو كلمة إدانة للتعصب والانغلاق. أليس هذا عجيباً في عالم يدعي أصحابه الحداثة والرهافة والانفتاح..؟؟
الانتصار لمروة بهذا المعنى هو انتصار للأمومة التي ذبحت بذبحها، والجنين البريء الذي خذله أهل الشرق والغرب بمن فيهم وفيهن أبناء وبنات محسوبون ومحسوبات على العروبة والإسلام...
نعلم أن الكثيرات العاملات على أجندة الذبح دفاعا عن الشرف في مجتمعنا يشعرن بالنشوة اليوم لمقتل مروة. تتملكهن الشماتة، يقلن لكل من يملك سكيناً مثل سكين أليكس، هكذا ينبغي أن يكافح التطرف والجمود، أنا أكره الحجاب تكتب إحداهن، كراهية تستغرقها حتى تكره الإنسان الممثل للحجاب والشرف والعفاف المتمثلين فيه..
مروة الشربيني قتلت، ذهبت ضحية حجابها أو عفافها، أو صلابتها في دينها. ذهبت هي وجنينها شهيدة على ظلم هذا العالم وقسوته وعنصريته، وعلى تخاذل المتخاذلين، ونكوصهم عن حماية دين الأمة وأبنائها..
ومن مروة الشربيني إلى مروة القاوقجي.. يخرجها الآفل بولند أجاويد من برلمان آخر عاصمة لدولة الإسلام لنفس السبب الذي من أجله قتلت مروة، ومن هنا وهناك وعلى كل مربع على أرض الإسلام يسطر بحبر سري: حرام على المحجبات..!!!
جرائم الشرف التي تعقد لها الندوات، وتشتغل عليها الورشات، ويتواصل من أجلها أهل الشرق وأهل الغرب ويتواثقون ويتعاهدون ويتباكون، لا تتجاوز في عديدها الإحصائي العشرات..
والقتل على الحجاب كما قتلت مروة الشربيني أو كما قتلت من قبل مروة القاوقجي، القتل بالذبح أو الإقصاء أو الحرمان من الحقوق والفرص الوطنية تنال من مئات الملايين من بنات امتنا وابدئي الحساب من تركستان إلى أفغانستان إلى طنجة وتطوان..
نسمع نشيجا عاليا على الفاسدات المنحرفات ولكن مروة في الزمان السيء لا بواكي لها..