الرابطة الأهلية لنساء سورية

هزت الجريمة البشعة التي وقعت على طفلة في الرابعة من عمرها من قبل أربعة شبان تحولوا في لحظة سُعار إلى أربعة ذئاب بشرية فقدت انتماءها الإنساني، الضميرَ المجتمعي في سورية كلها، وفي مدينة حلب التي كانت مسرح الجريمة بالذات.

كثير من الدارسين والمعلقين يرون الحل في تطويق مثل هذه الوقائع المفزعة بنبذها والتبرؤ منها، وإدانة فاعليها، والتنديد بها وبهم... ثم تُطوى صفحاتها بإحالة ملفاتها إلى القضاء لتعالج كما تعالج أي جريمة عادية!! فظاعة الجريمة وغربتها وأثرها في الرأي العام تتطلب من المرجعيات الاجتماعية والفكرية والسياسية ربط الجريمة الواقعة بأخواتها في محاولة لاكتشاف العوامل والسياقات الدافعة إليها من جهة و العوامل المعينة على محاصرتها ونفي أسبابها بواعثها من جهة أخرى. القضاء يعالج واقعة وعلماء الاجتماع ورجال الفكر يواجهون حالة ويتصدون لظاهرة.

وإذا كانت الوقاية  خير من العلاج فإن البدايات في معالجة حالات الجنوح والخروج على المجتمع، في مثل هذه الصور الصارخة المستنكرة، لا تنجح باللجوء المباشر إلى قانون العقاب أي إلى وازع السلطان. بل تبدأ فيما نعتقد

من تربية الأسرة و تعليم المدرسة، وتوجيه الإعلام، وأنشطة مؤسسات المجتمع والمنظمات الأهلية، إلى جانب سياسات تجفيف مفاعيل عوامل الإثارة والتهييج للغرائز والشهوات، والدندنة الدائمة حول الهواجس الشهوانية، وتزيين الجري وراء مجتمعات الإباحة حيث تعتبر مثل هذه الجرائم حالات تكتشف بطريقة شبه يومية وسط لا مبالاة من تلك المجتمعات. يتذكر الرأي العام الاجتماعي في العالم واقعة ذلك الرجل الذي حبس بناته ودأب لسنوات طوال على ...كلام لا نطيق له نقشا.

 

إننا مع انضمامنا إلى كل الذين ينادون بالعقوبة العادلة  الزاجرة لمرتكبي الجريمة، نؤكد في الوقت نفسه على أصل تشريعي راسخ في حياة مجتمعاتنا قام على نظرية  سد الذرائع، وأخذ المجتمعات بسياسات  الرفق المعين سلفا على الوقاية  وإبقاء موضوع العقوبات آخر الدواء.

نلحظ في مواطن  عديدة من كتاب شريعتنا الأول النهي  عن مقاربة الأفعال الشائنة والمطالبة  باجتنابها، وليس فقط النهي عن مواقعتها، ولا تقربوا الزنا... ولا تقربوا مال اليتيم.. فاجتنبوا الرجس من الأوثان،  إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه...إن الذين يفزعون إلى وازع السلطان دون وازع القرآن، بأبعاده الأسرية والتوجيهية والثقافية، يهدرون عوامل الإصلاح الأكثر جدوى، والأبعد أثرا في حياة الناس.

وتبقى نافذتنا هذه  مفتوحة على إرادة الإصلاح بقواعده وضوابطه وآفاقه. إن ما وقع على الطفلة خولة قرع جرس الخطر فوق رؤوسنا جميعا فهل تكون تلك المأساة خطوة على طريق تطويق المآسي وتجفيف منابع الجريمة من حياتنا.

JoomShaper