الرابطة الأهلية لنساء سورية

في الحديث الشريف عن أقوام من أهل زماننا يقول الرسول الكريم (... يستحلون الحِرَ والحريرَ والخمر والمعازفَ يسمونها بغير أسمائها.) من حقكِ أن تذكري الحديث الشريف وأنت تتابعين حجم السفه الذي يُعنوَنُ بعنوان الحرية الجميل.

أي مقاربة تتقدمين  بها لطرح إشارة استفهام حول أشواك شجرة الشر والهوى؛ تصنفكِ مباشرة في عداد المعادين للحرية والحداثة، المصادرين لإرادات الناس، المكرسين للجمود والظلامية والقهر والاستبداد المعرفي أو المنهجي أو الأصولي، ليحتكر أنصار الشر لأنفسهم ألقاب التحرر والتقدم والحداثة والتنوير.

بوقفة موضوعية علمية نطرح سؤالا أوليا بسيطا حول وجود ضابط مدني أو قانوني، ضابط ما، يضبط حياة الفرد والجماعة على الصعيدين الاجتماعي والثقافي؟

نؤكد أننا نتساءل عن ضابط ما بدون أي وصف ديني أو مدني أو عرفي أو قانوني. لأن الجواب المبدئي  على السؤال بنعم أو لا يختصر علينا الكثير من المخاض الذي لا إتاء له.

و سيعيننا الجواب على هذا السؤال. أن نجيب على الأسئلة التالية :.

هل ستعطي شرعة الحرية الاجتماعية المطلقة الحق للإنسان بأن يضع حدا لحياته بالانتحار أو بتوكيل من يقتله لأنه، في ساعة يأس أو ضعف أو مرض، كرِه الحياة...؟

هل ستعطي شرعة الحرية الاجتماعية المطلقة الإنسان الحق في تعاطي أصناف المخدرات...؟

فهذه حياته وجسده وهو حر فيهما، وليس من حق أحد أن يتدخل في خياراته!!!

 

هل سيفتح شعار الحرية الاجتماعية المطلقة، الباب أمام حق الاتجار بالبشر، إذا رضي الإنسان أن يبيع نفسه في أي ظرف أو لأي غاية؟! أم هل ستعطيه الشرعة المموهة باسم الحرية الاجتماعية، حقه في أن يبيع بعض جسده، أو عضوا من أعضائه ....؟!!

هل من مدلولات  مصطلح الحرية الاجتماعية المطلقة أن يكون من حق الرجل أن يلقي بذور الحياة الإنسانية في أي منبت شاء دون تفكير بتبعة أو مسئولية..؟

هل تعتبر جريمة  قتل الأجنة في الأرحام حقا من حقوق الحرية الاجتماعية، تمارسه أمهات سفيهات متى يشأنَ وبالكيفية التي يُردن...؟

هل يدخل في مسمى الحرية الاجتماعية حق رجال الأعمال في أن يتاجروا بالرقيق الأبيض، وفق عقود رضائية ، فيجعلوا من جسد الإنسان، الرجل أو المرأة، مادة للعرض أو تلبية الرغبات. بطريقة يندى لها وجه الإنسانية بما يعرض على شاشات الفضاء...

ثم هل حقا أن الإنسان  ،كل إنسان، مؤهل ليكون قيّما أمينا على عقله وجسده وماله؟

المستثمرون في الغرور البشري يزخرفون للإنسانية مقاتلها تحت عناوين تفوح منها روائح النتن الشيطاني بإطلاق يد الفرد ليفعل في نفسه ما يشاء، وإطلاق يد الجماعة في حقها في تجاوز جوهر قيم الحق والخير والجمال في حياة الإنسان. يزعم المستثمرون في الغرور البشري أن الإنسان مؤهل لحمل أمانة بالحجم الذي نتحدث عنه، ولو صدقوا لكان من السهل إلغاء كل النظم والقوانين وقواعد العيش الإنساني المشترك.

وإذا كان التاريخ  المدني للإنسانية أجمع، في كل أطوار وجودها، قد أثبت حاجة الاجتماع البشري إلى قوانين ضابطة، وسلطة وازعة، ليستقيم أمر الاجتماع، فإن الدواعي نفسها هي التي تفرض على الإنسانية أن تضع من القواعد والضوابط المؤهلة ما تكفل حماية الإنسان من نفسه ومن هواه ومن سفهه.

مع  الاحترام الكامل لأهلية الإنسان العامة في مجاله الوجودي، فإن هذه الأهلية ليست موثوقة بالضرورة أو دائما حتى يوكل إليها حق التصرف بوجودها في دوائره المختلفة

والإسلام كتشريع رباني كوني فطري لا يقر وصاية الإنسان  المطلقة لا على عقله ولا على جسده ولا على ماله . الوصاية المطلقة في الأمر كله هي لله وللشريعة التي تنزلت لحماية الإنسان حتى من نفسه التي بين جنبيه. وهذه بعض الأمثلة: فحسب شريعة الإسلام الإنسان ليس مطلق الإرادة في إدخال الخلل والفساد على عقله بأي مادة مسببة للسكر أو غياب العقل. ضابط الإسلام الاجتماعي في تحريم كل مسكر ومفتر مقدر ومقرر ومعروف، والإنسان الذي يقارب مثل هذا الفعل المنكر ليس جديرا بالحرية التي هي حق لسائر بني البشر، وعلى الجماعة الراشدة أن تأخذ على يديه ليس فقط لكي لا يدخل الوهن على بنيان الجماعة، وإنما أيضا لكي لا تفقد الجماعة فردا من أفرادها، الأصل أن يكون عامل بناء لا وحدة وهن وعورة.

والإسلام ثانيا  لا يقر أن الفرد مالك لجسده، بل هو مستخلف عليه  يصونه ويحميه. وسفيه  في التصور الإسلامي كل إنسان يبدو له أن يدخل الأذى على جسده أو أن يتصرف به بطرائق وأساليب مهينة تذهب بقدسيته الإنسانية. للجسد قانون حفظه وحمايته ورعايته، وللحياة التي تدب فيه أو تخرج منه او تستقر فيه أسرارها المقدسة التي لا ينبغي أن يسمح لسفهاء بني البشر أن يمسوها بسوء.

وحتى المال ليس  ملكا مطلقا للفرد يتصرف فيه كيف يشاء (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما ) ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ).

يجب أن يتوقف رؤوس الشر في هذا العالم عن النفخ في كير الفتنة ليغتالوا الإنسانية عن نفسها كما فعل أستاذهم الأول يوم خدع أبوينا فدلاهما بغرور لينزع عنهما لباسهما.

لا... الفوضى ليست حرية. وهذا الإنسان في كل زمان ومكان هو الأحوج إلى اليد الحانية التي تقطع به فيافي الحياة

JoomShaper