الرابطة الأهلية لنساء سورية
بعض الناس تستثيرهم المصطلحات الشرعية كأنها عقارب تضرب بإبرها السامة بؤبؤ أعينهم أو مستقر أسماعهم. فما أن يسمعوا مصطلحا شرعيا قرآنيا كان أو نبويا أو فقهيا حتى تشمئز قلوبهم وتقشعر جلودهم وتبادر إلى الاستنكار والاستهزاء ألسنتهم...
تحت عنوان الانتصار للمرأة، وشرعنة التحديث المموه، نتابع في الوسط الثقافي هجمة غير مسبوقة على مصطلحات قرآنية وشرعية تحت على طريق التسلل لإزاحة أساس وجودنا الراسي بقرنين من عجين..
وفي عصر يتنادى فيه المجتمع المتمدن في العالم، ويبقى لنا فهمنا لمصطلح المتمدن، إلى وضع حد لأشكال العدوان على المرأة ابتداء من التمييز على أساس الاعتراف بالأهلية الإنسانية والشرعية والمدنية ووقف جميع أشكال العنف الذي يمارس بحقها سواء في بيتها أو في مجتمعها...
وقبل أن نخوض في شرح حقيقة مصطلح القذف ودلالاته، نحب أن نشير إشارة عابرة إلى أن العقوبات في النظام الإسلامي تختلف عنها في النظام الغربي. يحتاج الأمر للإفاضة فيه أكثر من تنويه عابر؛ ولكن العقوبات في المفهوم الإسلامي كما يقول الفقهاء ( موانع قبل الجريمة زواجر بعدها )، وليست السجون التي تسمى إصلاحيات زورا، وهي على حقيقتها مزارع لتسمين المجرمين وتدريبهم على المزيد من الإجرام، هي التي تؤدي هذا الدور المنشود من العقوبة: أن تكون (موانع قبل الفعل زواجر بعده).
ونعتقد ثانيا في السياق نفسه أن الحديث عن المجرم كضحية يستحق المزيد من ( الدلال ) تحت شعار إنساني مزيف يتجاهل حقوق الضحايا، وأمن المجتمعات. وأن هذا الحديث عن المجرم الضحية الذي تسيره جيناته الفطرية؛ مما يتنافى ونظرية الحرية والمسئولية التي قامت عليها الحضارة الإنسانية.
بعد هذا التنويه نعود للحديث عن (القذف) كشكل من أشكال العنف اللفظي الذي يمارس مجتمعيا ضد المرأة بشكل عام أما وأختا وزوجة.. وليس علينا إلا أن نسير قليلا في الشوارع والأسواق المجتمعية لنسمع الرطانات والبذاءات التي تصدر عن رجلين يختلفان على فنجان قهوة، أو على دور على موقف سرفيس.. هذه أبسط صور الجريمة التي قدر الإسلام لها عقوبة مانعة رادعة تكريما للمرأة وحفاظا على حرمتها وكرامتها ومكانتها...
ومن القذف في شكل سباب عابر يملأ الشوارع، ويجرح الكرامة ويسمم ثقافة الأطفال من بنين وبنات إلى أحاديث لا مسئولة يديرها عابثون وعابثات ينلن فيها من أعراض المحصنات الغافلات من غير بينة ولا برهان، جريمة تزهق جراءها حياة، وتدمر أسر، وتلقي بالشك والريبة على أنساب بنين وبنات...
في إطار السعي الإنساني المتمدن لوقف جميع أشكال العنف ضد المرأة، ولجعل المرأة ( حرمة ) مجتمعية حقيقية نطالب بتفعيل حد القذف لينال جزاءه كل من يبسط لسانه لامرأة بسوء...