سويسرية من أصل سورى أو سورية تعيش فى سويسرا. تحلم نادين بالعمل فى السياسة منذ نعومة أظافرها, وحققت حلمها بانضمامها لثانى أكبر الأحزاب السويسرية وأكثرها اعتدالاً. وبعد ثمانية أشهر فقط من انضمامها للحزب تم ترشحيها لتكون عضوة فى البرلمان المحلى.
درست نادين فى الجامعة علم تأسيس بنوك واشتغلت بعد التخرج فى شركة إدارة أموال وانتقلت بعدها لتعمل بمنظمة دولية لإغاثة المدنيين بعد الكوارث والحروب فى مختلف دول العالم بالتعاون مع حكومات هذه الدول.
بعد حرب غزة, كان لنادين جهود كبيرة مع دبلوماسيين أوروبيين لجمع أطنان من الأدوية وإرسالها فى بواخر لغزة مع عشرين دبلوماسى أوروبى لتسهيل دخول المساعدات للقطاع المحاصر.
حالياً تؤسس نادين شركتها الخاصة بجانب عملها السياسى فى الحزب والبرلمان.
1- متى ترين نفسك حققتى نجاح؟
النجاح فى رأيي يعتمد على النجاح فى ثلاثة محاور رئيسة:
دينى وعائلتى وعملى.
فحين أضع هدف أمامى وأضع خطة لتحقيقه, يكون نجاحى ببساطة هو تحقيق هذا الهدف بالشكل الذى تخيلته.
2- كيف تصفين نفسك فى جملة واحدة؟
شخصية اجتماعية, أحب التعلم طول الوقت واكتساب الخبرات الجديدة وأمتلك طموح كبير لتحقيق النجاح فى حياتى وحياة مجتمعى.
3- مثل أعلى تأثرت به؟
صلاح الدين الأيوبى. مثلى الأعلى وأكثر شخصية تأثرت بها حين كنت صغيرة. لأنه استطاع توحيد الأمة بطموحه الذى ناطح به سحاب الأهداف. لم يرث ملك ولم يكن رئيس ولكنه كان شاب مؤمن له هدف وتمكن من تحقيقه بإيمانه بقضيته وإخلاصه لنصرة الإسلام.
كما أن تعامله مع الأوروبيين يعطى نموذج مبكر جداً عن التعامل الأمثل مع الغرب, وكان يدخل البلدان يؤسس فيها الجوامع والمستشفيات والمدارس. أقام نهضة شاملة فى كل البلاد التى فتحها.
غير ذلك, أعدائه كانوا أعظم ملوك الأرض. أجبرهم على احترامه واحترام دينه. باختصار شديد, كان صلاح الدين رجل نهضة حين كان المسلمين فى حال سيئة للغاية.
4- أهم موقف فى حياتك كلها؟
حين كنت فى الرابعة عشر من عمرى, كان حلمى أن أكون مذيعة فى التلفزيون السويسرى. ولم يوقف هذا الطموح أنى مسلمة محجبة.
وفى النظام التعليمى فى سويسرا, هناك أسبوع كل سنة للتعرف على أى مهنة جديدة. مثلاً للتعرف على مهنة الطب, يراسل التلميذ مستشفى معينة ويطلب منهم استضافته هذا الأسبوع للتعرف عن قرب على الدكاترة والمرضى والعمليات والبنج وهكذا.
أنا قدمت طلب للتلفزيون السويسرى. وسألت أستاذى لو يستطيع مساعدتى فقال لى أن أخيه صحفى وطلب منى أن أوجه له رسالة بطلبى. وجهت له الرسالة ورفض لأن أستاذى أخبره أنى محجبة. وحاولت السنة التى تليها مع صحفى آخر ورفض أيضاً. حاولت مع عدة صحفيين ومخرجين على مدى عامين وكلهم رفضوا.
وبعد سنتين من المحاولات الفاشلة, تمكنت من الحديث فى التليفون مع أشهر مذيع تلفزيونى فى سويسرا وطلبت منه أن أقدم معه برنامجه على الهواء لمدة أسبوع. طلب أن يقابلنى فحددت موعد مع السكرتيرة وذهبت فى الموعد. وحين قابلنى ظهرت الصدمة على وجهه وقال أنه كان يظن من اسمى أنى فرنسية تعيش فى سويسرا . لأن هناك فرنسيون كثيرون لهم اسم قريب من اسمى. فسألته: وهل اكتشفت أيضاً أنى قادمة من كوكب آخر؟ فضحك وقال أنه معجب بجرأتى.
وبعد نصف ساعة من الحوار معى, عرفنى على كل فريقه وقدمت معه برنامجه ساعتين على الهواء كل صباح لمدة أسبوع. والحمد لله نجحت بشكل كبير حتى أن مدير التلفزيون السويسرى عرض على تقديم برنامج خاص بى فى التلفزيون, ولكن والدى لم يقبل وقتها.
المهم أن هذا النجاح المبكر فى حياتى أشعرنى بقيمة الإصرار والصبر ومقدرة تحقيق الحلم. فظهورى على التلفزيون السويسرى كان يعتبر شئ مستحيل وأنا بطبعى خجولة. فالحمد لله تأكدت بشكل عملى وشخصى أنه ما من شئ اسمه مستحيل.
5- كيف تتعاملين مع التحديات الشخصية وفى مجال العمل؟
من التحديات الشخصية التى تواجهنى الخجل وطريقة تربيتى المحافظة التى تعارض العمل السياسى الذى أمارسه. تعاملت مع أهلى بدبلوماسية شديدة لأوصل لهم الرسالة التى أريد أن أحملها فى حياتى فى المجتمع السويسرى. وأهم ما فى هذه الرسالة هو أنى يجب أن أعيش بشخصية واحدة وليس شخصيتين. واحدة سورية والثانية سويسرية.
فكنت أواجه تحديات من الجانبين, من البيت الذى يعارض هذا الطموح ومن المجتمع السويسرى الذى لا يقبل بسهولة دخول فتاة مسلمة محجبة فى معترك العمل السياسى.
والحمد لله نجحت فى التعامل مع الثقافتين بالصبر والإصرار والثبات على الهدف الذى أريد تحقيقه, وهذا يأتى بالحوار الصحى الذى يعطى فرص للطرفين لشرح وجهة نظرهم.
أما فى مجال العمل, أولوياتى فى مواجهة التحديات هى الاجتهاد طوال الوقت والمحافظة على الابتسامة الدائمة.
6- ما أهم الصفات المطلوبة للنجاح فى الحياة فى رأيك؟
يجب أن نحدد مفهوم النجاح أولاً. فى رأيى أن النجاح يأتى من الطموح لتحقيق هدف. والهدف يحققه انسان يريد تغيير الواقع سواء واقعه الشخصى أو واقع من حوله. دعنا نقول: إرادة التغيير. وهذه تتطلب وجود خطة وتوافر إرادة أكيدة لتنفيذها, وهذا يأتى بالجهد والاجتهاد. والنجاح يولد نجاح
ألخص صفات النجاح فى ثلاثة أشياء: الطموح, الإرادة والاجتهاد لتحقيق هدف محدد.
7- ما الأكثر أهمية, النجاح فى الجامعة والتفوق فيها أم تحقيق النجاح فى الحياة العملية؟ وهل هناك تعارض بين الاثنين؟
العلم فى الفصول الدراسية شئ والحياة العملية شئ آخر. هناك متفوقين فى الدراسة وأصفار فى الحياة العملية. ويجب أن نضع فى الاعتبار أن الحياة هى أكبر مدرسة للانسان.
لذلك رأيي أنه يجب أن يكون مرتبط بالدراسة الأساسية مواد عملية تضع الطالب فى قلب الحياة الواقعية منذ فصول الدراسة. هذا يقرب المسافات والفوارق بين النجاح فى قاعة الدرس والنجاح فى الحياة العملية.
حتى بدون العلوم, أجدادنا كان كثير منهم أُميون, لا يعرفون القراءة والكتابة ولكنهم كانوا نابغين فى أعمالهم. أما الآن فهذا لا يكفى وحده. نحتاج للعلم ونحتاج لخبرة الحياة التى تأتى بالاحتكاك بالناس.
8- كيف ترين نفسك بعد خمس سنوات من الآن؟
حتى أتحدث عن طموحى خلال خمس سنوات, يجب أن أتحدث أولاً عن عملى السياسى فى سويسرا.
أنا عضوة ببرلمان البلدية التى أعيش فيه وعدد سكانها ١٢ ألف مواطن. وعضوة بمكتب الهجرة لتابع للحزب اليسارى الاشتراكى على مستوى المقاطعة. وهو ثانى أكبر أحزاب سويسرا, كما أنى عضوة بالمكتب الإدارى فى المدينة التى أعيش فيها وأصعب مكتب إدارى بسويسرا وهو أشبه ما يكون بوزارة.
بهذه المناسبة, أود الحديث عن قضية التصويت على منع المآذن التى شغلت الرأى العام العربى. كان الحزب اليمينى هو قائد هذه الحملة الشرسة وهو أكبر منافس لحزبى الذى أعلن تضامنه معى بشكل كبير, وقاموا بتعليق لافتات فى المدن السويسرية لمواجهة هذا التصويت ولكن للأسف نجح الحزب اليمينى فى هدفه وحصلوا على تأييد الشعب لمنع بناء المآذن. فى اليوم التالى وصلتنى رسائل اعتذار كثيرة من أعضاء حزبى يناصرونى ويعلنون تأييدهم لموقفى, حتى لو كان منهم من يعارض أشياء فى دينى ولكنها مسألة حريات شخصية يدافع عنها المجتمع السويسرى.
يوم التصويت, كنت خارج سويسرا, وحين عدت, أقام لى أعضاء حزبى احتفالية لإعلان تأييدهم واعتذارهم عن الشعب السويسرى من هذا التصرف الغريب ونحن نتعامل مع الموقف بفاعلية وصبر وسننجح فى منع هذا القانون بإذن الله.
أحب أن أذكر هنا أنه خلال الفترة القادمة, أنوى طرح برنامجى لاندماج المسلمين فى المجتمع السويسرى بدون أن يفقدوا هوياتهم المسلمة. وذلك حتى نتمكن من الحصول على حقوق أكثر من الحكومة السويسرية.
فسأقوم بطرح هذا المشروع من خلال حزبى حتى يصل للحكومة الفيدرالية وبإذن الله يوافقوا عليه.
وهذا المشروع ببساطة الغرض منه بناء جسر بين السويسريين العرب والحكومة السويسرية. فدائماً تحدث مشاكل من الجيل الثانى الذى ولد بالغرب والجيل الأول القادم من الدول العربية. الأهالى منغلقين على مجتمعاتهم العربية والأبناء منفتحين بشكل كبير فيحدث صدام شديد ويضيع الأبناء فى زحمة الصراع ويفقدوا هوياتهم وأصولهم.
برنامجى للاندماج يعتمد على الوصول لصيفة تفاهم بين الحكومة والأهالى سيخفف من حدة الخلاف ويقرب وجهات النظر لأن الحكومة حين تقدم تسهيلات ودعم وتفهم, أعتقد أن الأهالى سيكونون أقرب للانفتاح على المجتمع السويسرى من أجل الحفاظ على هوية الأبناء بشكل سليم ومنظم.
مشروعى للاندماج كبير, وفيه خطوات مفصلة من أهمها تعليم اللغة السويسرية للعرب وتوفير فرص عمل جيدة وغيرها من خطوات تتعامل مع هذه القضية وحلمى هو أن يتحقق مشروعى خلال الخمس سنوات القادمة بإذن الله.
وأنا الآن أعرض الفكرة على حزبى, وهدفى أن أجمع أكبر عدد من المناصرين لفكرتى حتى يكون لنا مكتب خاص بالمشروع وسيكون هذا المشروع جزء من حلمى الكبير بالوصول لرئاسة البرلمان فى سويسرا بإذن الله.
مادامت هناك خطة حقيقية وخطوات جدية للتنفيذ, فلا شئ اسمه مستحيل.
9- ما الذى تتعلميه من خلال المشاركة فى الموسم الأول من مجددون؟
أردت أن أكون وسط مجموعة من الأخوة العرب, نحاول جميعاً أن نكون نموذج للشباب العربى, وأيضاً البرنامج فرصة للتعرف على أفكار وطموح أخوانى المشاركين معى لأن كل واحد سيقوم بإبراز أقوى قدراته ومهاراته. وأكثر ما شدنى للمشاركة أيضاً هو أننا مجموعة من الشباب والفتيات من بلاد عربية مختلفة ولكننا نتشارك فى نفس الهموم والأحلام بنهضة بلادنا.
10- كيف تقضين وقت فراغك؟
مع عائلتى. فأنا الكبيرة والمسئولة عنها. كما أحب القراءة والسفر للجبال ورؤية المناظر الطبيعية الفريدة.
أحب أيضاً تنظيم أمسيات مع السياسيين وأعضاء الحزب وخارجه لتبادل الأفكار والإفادة والاستفادة وحتى يتعرفوا على أكثر وهذا يؤثر بشكل كبير على نجاحى فى أهدافى فى مجال عملى.
11- ما هى كتبك المفضلة؟
الكتب الإسلامية, فأنا يجب أن أكون مستعدة لأى سؤال دينى وهذا كثيراً ما يحدث بسبب وجودى فى البرلمان.ومن الكتب التى اقرأ فيها دائماً:
ماذا يعنى انتمائى للإسلام, السيرة النبوية ورياض الصالحين..
كما أحب قراءة كتب الفلسفة ورواية البؤساء لفيكتور هوجو. ومسرحيات موليير وغيرها.
12- هل هناك برامج/ أفلام/ مسلسلات تحبى مشاهدتها؟
أنا مدمنة للمسلسلات السورية لقربها من الواقع والقضايا التى تناقشها. مثل مسلسلات باب الحارة وقاع المدينة.
كما أتابع المسلسلات الخليجية للتعرف على ثقافتهم.
وبالطبع اتابع البرامج الدينية المختلفة التى اعتبرها كنز لأنك تحضر عالم الدين, والداعية والفقيه لبيتك.
13- هل تواجهين كفتاة تحديات أكثر من تلك التى يواجهها الرجال لتحقيق النجاح فى المجتمع؟
نعم. الكثير من الرجال لا يحبون أن تنافسهم المرأة. يظلموها ويستغلوها لأنهم يظنون أن المرأة ضعيفة. ولذلك يحب أن تبذل المرأة جهد أكثر من الرجل لتثبت نجاحها وتفوقها وأحقيتها فى مشاركة الرجل فى النجاح. ولكن للأسف هناك نساء تتنازل عن أشياء مهمة مثل كرامتها وأكثر من ذلك بدعوى منافسة الرجل وتحقيق النجاح ولكن هذا فشل وليس نجاح.
14- هل تعتقدين أنه يمكنك تحقيق النجاح فى الحياة طوال الوقت؟ حتى بعد الزواج وإنجاب الأبناء؟ كيف؟
حتى يتحقق النجاح للمرأة بعد الحياة الزوجية, يجب أن يؤمن الزوج بحق المرأة فى العمل. كثير من الأزواج يريدون لزوجتهم أن تظل بالبيت لتهتم بأسرتها, وآخرون يغارون من نجاح زوجاتهم . ونوع ثالث لا يتدخل فى نجاح الزوجة. ورجل من نوع رابع يساعد زوجته فى رحلة نجاحها...فنجاح الزوجة ممكن على حسب إرادة الزوج والتوافق والتفاهم بين الزوجين..
أما الأبناء, فبالتأكيد يساعدوا على نجاح الزوجة لأنها تحقق كل طموحها وأحلامها فيهم.
15- كيف يواجه الشباب العربى الإحباط؟
بالأمل والتوجيه ووجود شخص قيادى ينظرون له ويتعلمون منه.
16- هل تؤمنين بمفهوم النهضة؟ وماذا تعنى كلمة نهضة؟
بالطبع. فى كل عصر يجب أن تكون هناك نهضة. وهى إحياء شئ من جديد أو تطوير الشئ الموجود.
ونحن نحتاجها دائما فى جميع المجالات. العلم والصناعة والزراعة والتعليم وحتى فى الدين
موقع عمرو خالد