يمتلئ التاريخ الإسلامي بالعديد من الصحابيات الجليلات اللاتي كن عونًا للنبي، ونصرة للإسلام، مما يثبت أن المرأة دائمًا وعلى مر العصور داعمة للرجل ومكملة له، مما ينفي وبشكل قاطع ادعاءات البعض أن الإسلام يوصي بأن تحتجب المرأة في البيت وأن يكون كل دورها في الحياة هو إنجاب الأطفال فقط.
نقدم خلال الشهر الكريم نماذج من النساء الصحابيات اللاتي تركن بصمات في التاريخ، وكن مثلا يحتذى به لكل النساء في الجهاد والنبل والمشاركة في الحياة جنبا إلى جنب مع الرجل.
الشيماء هي أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، واسمها حذافة ابنة الحارث، وغلب عليها اسم الشيماء حتى صارت لا تعرف إلا به..
أمها هي حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية مرضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبوها الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن بكر بن هوازن.الشيماء وطفولة النبي صلى الله عليه وسلم
لم تكن الشيماء أخت النبي صلى الله عليه فحسب، بل كانت تحتضنه وترعاه، فتحمله أحيانًا إذا اشتد الحر، وطال الطريق، وتتركه أحيانًا يدرج هنا وهناك، ثم تدركه فتأخذه بين ذراعيها وتضمه إلى صدرها.
أقام النبي –صلى الله عليه وسلم– في بني سعد إلى الخامسة من عمره، ينهل من جو البادية الطلق الصحة والنماء، ويتعلم من بني سعد اللغة المصفاة الفصيحة، وقد تركت هذه السنوات الخمس في نفسه الكريمة أجمل الأثر، وبقيت الشيماء وأهلها وقومها موضع محبته وإكرامه طوال حياته، عليه الصلاة والسلام.
وقد ذكر الإمام بن حجر في الإصابة أن الشيماء لما كان يوم هوازن ظفر المسلمون بهم، وأخذوا الشيماء فيمن أخذوا من السبي، فلما انتهت إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قالت: يا رسول الله، إني لأختك من الرضاعة.. قال وما علامة ذلك، قالت: عضة عضضتها في ظهري، وأنا متوركتك، فعرف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – العلامة، فبسط لها رداءه، ثم قال لها: ههنا، فأجلسها عليه، وخيرها، فقال: إن أحببت فأقيمي عندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن أمتعك فارجعي إلى قومك، فقالت: بل تمتعني وتردني إلى قومي، فمتعها وردها إلى قومها.
ولم يتوقف إكرام النبي – صلى الله عليه وسلم – للشيماء عند هذا فحسب، بل شمل بني سعد جميعهم وأخلى سبيلهم، "ولقد كان هذا سبب إعتاقهم عن بكرة أبيهم.
ولما توفي رسول الله ارتد قومها (بنو سعد) عن الإسلام، فوقفت موقفًا شجاعًا، تدافع عن الإسلام بكل جهدها؛ حتى أذهب الله الفتنة عن قومها، وكانت -رضى اللَّه عنها- كثيرة العبادة والتنسُّك، واشتهرت بشِعرها الذي ناصرت فيه الإسلام ورسوله، وظلت تساند المسلمين وتشد من أزرهم حتى أتاها اليقين، فرضي اللَّه عنها.